Al Jazirah NewsPaper Saturday  03/04/2010 G Issue 13701
السبت 18 ربيع الثاني 1431   العدد  13701
 
العيبان: المملكة كانت ضحية للإرهاب.. وما قامت به لحماية أمنها لم يؤثر على حقوق الناس
الإرهاب يدفع الدول إلى تحويل بعض الموارد لمكافحته مما يعطل جهود التنمية ويؤثر على مختلف الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية

 

الجزيرة - الرياض

ألقى معالي رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتور بندر بن محمد العيبان كلمة على هامش مؤتمر الإرهاب، الذي يعقد حاليا في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. وقد استهل معاليه كلمته بتقديم الشكر والتقدير لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يحفظه الله - على موافقته الكريمة لإقامة هذا المؤتمر الدولي المهم (مؤتمر الإرهاب.. بين تطرف الفكر وفكر التطرف) وما يوليه وسمو ولي عهده الأمين من اهتمام ودعم كبيرين لكل ما فيه أمن هذا الوطن واستقراره، كما شكر صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية على رعايته الكريمة، وافتتاحه هذا المؤتمر؛ حيث تجسّد هذه الرعاية ما يوليه - حفظه الله - من أهمية للتوعية بأثر آفة الإرهاب، التي تعتبر إحدى أخطر تحديات القرن الحالي إن لم تكن أخطرها على الإطلاق، وتشترك في هذه الخطورة مع الحروب والمجاعات والفقر وغيرها من المشكلات على المستوى العالمي.

وأثنى معاليه على ما يضطلع به صاحب السمو الملكي الأمير نايف، حيث يرى سموه المواطن - أيا كان - رجل الأمن الأول، ويطالب بضرورة التحصين من التيارات الفكرية الهدامة، وتربية الفرد على الفكر الصحيح، وإشاعة روح المحبة والتعاون بين أفراد المجتمع، ونبذ أسباب الفرقة والاختلاف، وكذلك ترسيخ مبدأ الوطنية بتعزيز الإحساس بأهمية أمن الوطن، والحفاظ على مقدراته ومكتسباته الحضارية والتنموية.. وذلك إيمانا من سموه بأن الأمن الفكري يعني الاستقرار والتنمية ومواكبة التطور الذي تشهده الحياة في مناحيها كافة.

وقال معاليه في تعليقه على آفة الإرهاب: لقد عانت المجتمعات الإنسانية عبر التاريخ من الإرهاب، وزادت وتيرة المعاناة في العصر الحديث، حتى أصبحت هذه الظاهرة مشكلة عالمية تشغل الأذهان وتؤرق الباحثين عن السلام والأمن والاستقرار؛ الأمر الذي يستوجب جهودا دولية لاحتوائها والتصدي لها بفعالية، بما يكفل القضاء عليها، ويصون حياة الأبرياء، ويحفظ للدول سيادتها وللشعوب استقرارها، وللعالم سلامته وأمنه. واستشهد معاليه خلال كلمته بما قاله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز في كلمته في المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب، الذي عُقد بالرياض عندما قال (إن الإرهاب عندما يختار ضحايا لا يفرق بين الحضارات أو الديانات أو الأنظمة، والسبب هو أن الإرهاب لا ينتمي إلى حضارة ولا ينسب إلى دين ولا يعرف ولاء لنظام، إن الإرهاب شبكة إجرامية عالمية صنعتها عقول شريرة مملوءة بالحقد على الإنسانية ومشحونة بالرغبة العمياء والقتل والتدمير).

وأضاف معاليه أن الإرهاب عمل تنتهك فيه حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وتلحق بها الضرر مما ينتجه من إزهاق للأرواح ومساس بالسلامة الجسدية، وفرض فكر معين يمثل اعتداء على حق الإنسان في الحياة، وحقه في التفكير؛ ولذلك فقد حرَّمته كل القوانين والأديان والتشريعات.

قال تعالى {من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا} وقال تعالى {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما}.

وفي حجة الوداع خطب النبي صلى الله عليه وسلم في جموع المسلمين فقال: «إن أموالكم وأعراضكم ودماءكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا».

وأكد معاليه أن المواثيق والمؤتمرات والندوات والقرارات الدولية عالجت الإرهاب على أنه انتهاك لحقوق الإنسان، وهذا ما فعلته لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في تقريرها لعام 1992 وفي المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان الذي عقد في فيينا عام 1993؛ إذ أكدت وثيقته أن الإرهاب وأعماله وأساليبه وممارساته بجميع أشكالها ومظاهرها تهدف إلى تقويض حقوق الإنسان والحريات الأساسية، كما أنها تهديد للسلامة الوطنية للدول، وزعزعة لاستقرار الحكومات.

وشدَّد معاليه على خطورة هذه الآفة على اقتصاد المجتمعات، وقال إن الإرهاب يدفع الدول إلى تحويل بعض الموارد إلى مكافحته؛ ما يعطل جهود التنمية التي تؤثر على مختلف الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ويهدد الحقوق الإنسانية المتعلقة بهذه الجوانب، وبذلك يصبح الإرهاب متعارضا مع حقوق الإنسان من حيث أهدافه وأساليبه وطرقه وأشكاله؛ فهو يمثل تدميرا لهذه الحقوق وقضاء عليها، ويمثل اعتداء على حق الإنسان في الحياة الذي هو حق طبيعي أصيل، ومصدر لباقي الحقوق، كما أن الإرهاب يهدد وينتهك بوضوح حقوق الإنسان الأساسية مثل الحق في الحرية وأمن الأشخاص المنصوص عليها في المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تدين الاستخفاف أو الاحتقار لهذه الحقوق التي تنتج عن الأفعال الوحشية والهمجية التي يأباها الضمير الإنساني.

ومن هنا فإن حماية هذه الحقوق تتطلب هي الأخرى إجراءات غير عادية، ولكن هذه الإجراءات لا تتضمن بأي حال من الأحوال مصادرة حقوق الإنسان أو أن تكون على حسابها.

كما تطرق معاليه إلى ما طال المملكة من إرهاب، وقال: لقد عانت المملكة من الإرهاب، وقامت بالتصدي له بكل الإمكانات، وحققت التجربة السعودية نجاحات ملموسة في مناهضته ومعالجة الفكر المتطرف، من خلال تبني برامج فكرية وحوارية كبرنامج مناصحة الموقوفين أمنيا، وإعادة تأهيلهم داخل المجتمع، الذي حظي بإشادة عالمية، وتمت الاستفادة منه في عدد من الدول.

وقال إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز طالب بإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأمم المتحدة، وفي إطار محاربة الإرهاب فقد انضمت المملكة إلى معظم الاتفاقيات الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب مع قناعة المملكة بأن مواجهة التطرف والإرهاب تتطلب تعاونا دوليا لمعالجة جذوره ومسبباته.

وأكد الدكتور العيبان في هذا الصدد أنه بالرغم من أن المملكة كانت ضحية للإرهاب إلا أن ما قامت به لحماية أمنها لم يؤثر على حقوق الناس وتطبيق العدالة؛ حيث كانت الإجراءات المتخذة كافة في إطار الأنظمة المعمول بها، وفوق ذلك فقد تم إنشاء محاكم خاصة لمحاكمة المتورطين في الأعمال الإرهابية، مع تمتعهم بكامل الحقوق القضائية من الاستعانة بمحامين وغيرها من الحقوق، ويأتي ذلك دلالة واضحة على استقلالية القضاء واحترام حقوق الإنسان.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد