Al Jazirah NewsPaper Saturday  03/04/2010 G Issue 13701
السبت 18 ربيع الثاني 1431   العدد  13701
 
مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية غرة في جبين الوطن والزمن
د. عبدالله بن حمد العويشق

 

جاء قرار مجلس الوزراء الموقر بالموافقة على إنشاء «مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية» ليحقق حلماً طالما راود كل مواطن وكل عربي وكل مسلم. فمن أحق من هذا الوطن في حمل لواء العربية؟ فهو مهد الإسلام، وموئل العربية. ولإبراز مدى الأهمية التي توليها الدولة لهذا المركز عنونته باسم الرجل الأول فيها، وأعطته صفة العالمية، ومحضته لخدمة اللغة العربية، وربطته بوزارة التعليم العالي، وخولت الإشراف عليه لمعالي الوزير الدكتور خالد بن محمد العنقري.

ومن أهم الأهداف التي يسعى المركز لتحقيقها: المحافظة على سلامة اللغة العربية وترسيخها وتطويرها ونشرها، وتعزيز مكانتها، ونشر البحوث والدراسات، ووضع المصطلحات العلمية والأدبية والفنية وتوحيدها ونشرها، وتكريم العلماء والباحثين، وتقديم الخدمات اللغوية للهيئات والمؤسسات والأفراد.

كما أوضح النظام أن للمركز شخصية اعتبارية واستقلالاً إدارياً ومالياً، وبين هيكله النظامي والإداري، وحدد صلاحيات مجلس الأمناء ورئيسه وأمين المركز، كما ذكر موارده المالية.

والحقيقة أن إشراف وزارة التعليم العالي عليه يؤكد الجانبين العلمي والعملي للمركز، فالوظائف الأساسية للتعليم العالي تتمحور حول ثلاث ركائز: التعليم، والبحث، وخدمة المجتمع. ويمكن الإشارة هنا إلى ما يسهم به المركز في تدعيم هذه الركائز الثلاث:

أولاً: التعليم

اللغة وعاء العلوم، وهي وسيلة تلقي المعرفة، وإذا كان هذا العصر هو عصر المعلومات فاللغة هي أداتها. وأول خطوة في هذا السبيل هي توطين المعرفة وتعريب التعليم العالي مرحلياً وعبر خطة زمنية مدروسة، قد تستغرق بضع سنوات، يتم خلالها:

1- ترجمة المراجع الرئيسة في التخصصات العلمية.

2- وضع المصطلحات وتوحيدها ونشرها.

3- تأهيل الأساتذة لغوياً.

وكل هذه الأمور ممكنة التحقيق، فالعربية ليست أقل من الماليزية أو الكورية أو اليابانية، أو حتى العبرية التي هي مدينة للعربية ببقائها وتطورها. فترجمة المراجع الأساسية يمكن تحقيقها من خلال خطة متكاملة. أما المصطلحات العلمية فقد قامت مجامع اللغة العربية ومكتب تنسيق التعريب ومؤسسات عديدة بجهود كبيرة، بل إن أضخم بنك عربي للمصطلحات هو مشروع (باسم) الذي نفذته مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وهو يضم (750.000) مصطلح بأربع لغات، مع شرح موجز لكل مصطلح. فالبنية التحتية للتعريب موجودة. وقد نص نظام التعليم العالي على وجوب التدريس باللغة العربية، واستثنى بعض التخصصات مؤقتاً. وهذا لا يعني عدم العناية باللغات الأجنبية، بل هي وسيلة من وسائل توطين المعرفة.

كما يمكن أن يشارك المركز في تطوير مناهج اللغة العربية، سواء الموجهة لأبناء العرب أو لغيرهم، لتصبح منافسة لمناهج اللغات الحية الحديثة، ويسهم المركز مع وزارة التربية والتعليم والجامعات والقطاع الخاص في هذا المجال.

ثانياً: البحث والترجمة والتأليف

فبإمكان المركز أن يقوم بإجراء البحوث اللغوية ودعمها، والإشراف على ترجمة الكتب النافعة التي تسهم في نهضة البلاد وتطوره، وتأليف المعجمات اللغوية المتعددة في مستواها ومحتواها، ومشاركة المؤسسات الأخرى في تأليف المعاجم الورقية والحاسوبية التفاعلية، سواء كانت أحادية اللغة أو متعددتها، وكذلك يسهم المركز في إصدار المجلات العلمية الورقية والرقمية، وعقد المؤتمرات والندوات، ودعم المحتوى العربي في الشبكة النسيجية، كما في مشروع الملك عبدالله الذي تشرف عليه مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.

ثالثاً: خدمة المجتمع

كما يسعى المركز لتعزيز مكانة اللغة العربية، والتصدي لمظاهر العجمة، وعقد الدورات، وإصدار النشرات التثقيفية، والبرامج الإعلامية المنوعة التي تخدم اللغة العربية في المستويات الاجتماعية المختلفة.

وكل هذه الأعمال الجليلة يمكن تنفيذها من خلال تكوين لجان متخصصة، كلجنة التعريب والترجمة، واللجنة العلمية، واللجنة الاجتماعية، ولجنة العلاقات التي تساهم في التنسيق مع الجهات والمؤسسات الأخرى.

والمملكة قد تهيأت لها الفرصة لخدمة العربية، فقد توافرت الكفاءات العلمية المتميزة ذات الخبرات المتعددة، وكذلك الدعم السخي الذي تبذله الدولة للمشاريع العلمية، إضافة للتطور التقني الذي تشهده البلاد، وإمكان تسخيره لخدمة اللغة العربية. وهذا كله يؤكد الحرص على اللغة العربية، والتأكيد على الالتزام بها بعدة قرارات صادرة من المقام السامي ومن مجلس الوزراء.

إن مثل هذه المشاريع العلمية الجبارة تكتب للأمة الخلود ولصاحبها الأجر والمجد، فدار الحكمة -مثلاً- كان لها أثر بالغ في النهضة العلمية ليس فقط للعالم الإسلامي بل أيضاً للإنسانية جمعاء، وخلّدت اسم صاحبها -الخليفة المأمون- عبر القرون. ومجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف امتد أثره إلى أصقاع المعمورة، ويمجد اسم صاحبه عبر الأجيال القادمة.

إننا لنؤمل أن يكون أثر مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية كبيراً وليس مقصوراً على الوطن بل يشمل الأمتين العربية والإسلامية والعالم، وأن يكون غرة في جبين الوطن وعبر الزمن.

وإذا حُق للبشر أن يفخروا بلغاتهم فأي فخر أعظم من لغة نزل بها كلام رب البشر؟!

وإذا تشرّف هذا البلد بخدمة الحرمين الشريفين فيا له من شرف عظيم أن يخدم كلام رب الحرمين الشريفين!




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد