Al Jazirah NewsPaper Sunday  04/04/2010 G Issue 13702
الأحد 19 ربيع الثاني 1431   العدد  13702
 
المنشود
الجامعة الإسلامية والإرهاب
رقية سليمان الهويريني

 

عقدت الجامعة الإسلامية مؤخراً مؤتمر (الإرهاب بين تطرف الفكر وفكر التطرف) والمفارقة هي انعقاد مؤتمر الإرهاب في مدينة الأمن والسلام، وبقرب مسجد المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم! فكان الاختيار موفقاً زماناً ومكاناً وأشخاصاً.

وأقصد بالأشخاص جميع المشاركين والضيوف من مختلف الأطياف: (علماء ومفكرين وأدباء ومثقفين). وكان المعروف عن الجامعة الانغلاق في برامجها وأنشطتها طيلة سنواتها، وانعزالها التام عن المجتمع. وهاهي تفتح بواباتها الفكرية أمام هموم مجتمع المدينة المنورة، وتطلعات الوطن الكبير بانتهاجها مبدأ الوسطية والسماحة وقبول الآخر والتحاور معه، حينما تخلصت من قيود أصحاب الفكر التقليدي القديم برغم جزمنا بصدق نواياهم وإخلاصهم لوطنهم.

والمتفق عليه أن الجامعة الإسلامية لها رسالة أساسية محددة وهي تعليم أبناء المسلمين في مختلف دول العالم قواعد الشريعة الإسلامية ليعودوا لبلادهم مزودين بأصول العقيدة السليمة والتوحيد الخالص لله بلا بدع أو خزعبلات، وبعلوم الحديث والتفسير والفقه. وبعد أن نجحت الجامعة في هذه الرسالة العظيمة تجاوزتها لإقامة العديد من الأنشطة والبرامج الثقافية المختلفة من خلال تنظيم المؤتمرات العالمية والندوات المحلية، وبحضور إعلامي منظم بمهنية عالية بعيداً عن الفوضوية والارتجال. وفي خضم سعي الجامعة للتطوير والتحديث لم تنس قط انطلاقها من الثوابت والأنظمة واللوائح الخاصة بها.

لقد كان المؤتمر ناجحاً بكل المقاييس باستقطابه العديد من المشايخ والباحثين والكتاب والمثقفين والإعلاميين من داخل المملكة وخارجها، فلم يكن اللسان إلا متحدثاً بالثناء على استضافة الجامعة لكافة الأطياف بأريحية استثنائية بعيداً عن التصنيف! بل كان كل واحد منهم يخفي توجهاته لينسجم مع الآخر، وكأن إظهار التوجه أو طرفه قد يفسد نجاح التجمع الرائع.

ولعلي هنا أستطيع بشفافية أن أنقل مشاعر المشاركين والحضور حتى أنأى بنفسي عن الأنانية التي كانت تسكنني حين كنت أتوقع أنني أحب وطني أكثر من هؤلاء، أو حينما اعتقدت أن الإرهاب يفزعني دونهم؛ إلا أنني وجدت أن تلك المشاعر مشتركة لدرجة أن تساءلت: شعب يحب هذا الوطن لهذه الدرجة ويمقت بنفس الدرجة الإرهاب (معتنقيه ومخططيه ومنفذيه) كيف تنمو طحالب الإرهاب والعنف فيه؟ وكيف تتغلغل مشاعر الكراهية لبعض أبنائه ضد بعضهم؟!

اجتمع المشاركون بحميمية بالغة، تحدثوا بقلوبهم المفعمة بالتفاؤل والأمل، استمعوا لبعضهم بإنصات وسكون تام، وتناقشوا بصخب المحبين وضجيج المتطلعين لغد أفضل، يسكنهم هدف واحد هو (أمن وطن واستقرار أمة، وصفاء نفوس) وهذا الهدف سام في تكوينه، مشرق في صياغته، حماسي في عنفوانه. وحسبنا أننا كنا ننشد الأمن، وهو كاف لإنجاح هذا المؤتمر الضخم في أهدافه، العظيم في تطلعاته، الكريم في عطائه.

فهل يدرك أبناؤنا ما اجتمعنا عليه، وما ننشده لهم من طمأنينة جربنا لذتها وعشناها ردحاً من الزمن نتفيأ ظلالها وتتوق نفوسنا ليعيش أولئك الأبناء في ظلها؟ وما نرجوه منهم ولهم أن لا يجعلوا للشيطان مدخلاً في قلوبهم، وللإرهاب ملجأ في عقولهم، ولا يكونوا وسيلة في يده المتوحشة.

وبتجرد خالص يمكنني أن أنسب كل ذلك النجاح لمهندس التفوق، ونجم الانطلاق مدير الجامعة الإسلامية ومستضيف المؤتمر الدكتور محمد العقلا على قدرته الهائلة ومقدرته الخرافية على التواصل الفكري والثقافي المميز مع كافة الأطراف الفكرية بتواضعه أولاً، وأريحيته ثانياً حتى عاشراً، وامتلاكه الرؤية الفكرية المتسامحة مع المختلفين معه، وقد ظهرت تلك السمات على الجميع، فلم يترك لنا فرصة لانتقاده ونحن نزهو بالنقد الإيجابي. فقد كان حاضراً لجميع الجلسات يرتدي البشت تارة ويجلس مع العلماء، ويخلعه تارات ويتوسط بين الطلاب ويرد على جميع الاتصالات الهاتفية.

www.rogaia.net


rogaia143@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد