Al Jazirah NewsPaper Sunday  04/04/2010 G Issue 13702
الأحد 19 ربيع الثاني 1431   العدد  13702
 
علاج العصبية القبلية.. الملك المؤسس على خطى الرسول الأكرم
د. محمد بن ناصر الشثري

 

خرج الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل - طيب الله ثراه - في عصر برزت فيه العصبية القبلية والنعرات الجاهلية، فكان الولاء للقبيلة، والكثير يعتبر القبيلة الأخرى معادية له يجوز قتل رجالها، وسلب أموالهم، بل وصل الأمر ببعضهم إلى الفخر بذلك ومدحه في شعره. ولما جاء الملك عبدالعزيز تشاور مع العلماء في إزالة هذا الداء الخطير الذي يعترض مع بناء المجتمعات، واتفقوا على أن ينشر بينهم روح الإخوة الإسلامية، وبتوفيق الله ثم تضافر الجهود وقيام دولة المؤسسات على يد هذا الرمز البطل ومَنْ معه من الرجال المخلصين نجحت الجهود في إقناع الكثير ممن وقع في هذا الداء إلى أن يكونوا سيفا على العصبية القبلية التي هي من بقايا الجاهلية وحذر منها رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، وأصبح أعداء الأمس إخوان اليوم، وتمسكوا بروح الإخوة الإسلامية حتى صاروا يسمون بالإخوان، وأصبحوا من جند الملك عبدالعزيز في توحيد هذا الوطن المعطاء، وذهبت عنهم العصبية القبيلة التي نجد - مع الأسف - بعض القنوات الفضائية تحاول إعادتها بطريقة لا تتفق مع ديننا الحنيف ومواطنتنا المخلصة لأرض الحرمين والرسالة (المملكة العربية السعودية).

ولو استقرأنا تاريخ الجزيرة العربية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لوجدنا الحالة متشابهة، وكما يقال (التاريخ يعيد نفسه!)؛ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بُعث إلى العرب وكانوا مجتمعاً قبلياً تنشب الحروب بين القبيلتين لأتفه الأسباب وأحقرها، وقد تستمر سنوات طويلة لهذا السبب أو ذاك.

ومن الأمثلة على ذلك ما كان في المدينة المنورة (يثرب سابقاً) وقبيلتيها الشهيرتين الأوس والخزرج، وهم أبناء رجل واحد، حيث كانت تحدث بينهم الحروب الطاحنة، ويكثر بينهم القتل، فلما جاء الإسلام آخى بينهم فتركوا الاسم القبلي وأصبح اسمهم (الأنصار)؛ فأزعج هذا التطور اليهود؛ لأنهم يخشون من اجتماع الكلمة وتوحد الصف عند المسلمين؛ فحاول اليهود أن يحيوا النعرة الجاهلية كما هو حال بعض القنوات الفضائية للأسف في يومنا هذا، ذلك أنه كان هناك يهودي يدعى شاس فصار يسأل الأوس والخزرج عن بعض الأشعار التي قيلت في معركة بعاص الشهيرة بين الأوس والخزرج بقصد إثارة الفتنة بينهم، فيسأل عن القتلى والمعركة وهجاء كل قبيلة للأخرى، فصار كل رجل يذكر مفاخر قبيلته يسب القبيلة الأخرى؛ فاحتد النقاش، فقال بعضهم: إن شئتم أن نعيدها جذعة (يعني نعيد الحرب من جديد)؛ فكل نهض إلى سلاحه، وصار يندب قبيلته؛ فالأوسي يقول يا لأوس، والخزرجي يقول يا لخزرج، واجتمع أبناء القبيلتين، وكادت تحصل معركة بسبب هذا اليهودي، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم خرج إليهم وقال: (أبدعوى الجاهلية وأنا بين ظهرانيكم)؛ فلما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم رجعوا إلى رشدهم وألقوا السلاح وصاروا يصافحون بعضهم ويبكون.

هذا درس عظيم من النبي الكريم عليه الصلاة والسلام؛ فإن لم نقف أمام من يدعون إلى العصبية القبلية والنعرات الجاهلية فسوف يحدث ما لا تحمد عقباه من المشاكل الأمنية والاجتماعية والدينية وغير ذلك مما يضر بوطننا الكريم.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد