تُعتبر الوثائق من أهم المصادر لدراسة تاريخ أي منطقة من الناحية السياسية أو الاجتماعية أو العلمية أو الثقافية، وهي مصدر ذو ثقة يعوّل عليه في إظهار التاريخ الغائب والمفقود من بطون الكتب, فإن ما طُمس من التاريخ أو اختفى قد تُظهره الوثائق, يقول الدكتور الشويعر: «إن الوثائق تمد الباحث بنبع جيد ومعلومات لا يُستهان بها إذا أمكن الوقوف عليها»... انتهى (نجد قبل 250 سنة - الدكتور محمد الشويعر).

هذا بالإضافة إلى مصداقيتها وصحة الأخبار التي تحتويها كما يمكن الاستشهاد بها في تبيان الحقيقة التاريخية أو زيفها وبخاصة لإثبات تلك الروايات المتضاربة، والأشعار الناقصة، والقصص المبتورة، فإن الاعتماد علي هذه الروايات والأشعار والقصص في هذه الحالة يزيد التاريخ غموضاً وبُعداً عن الواقع.

كما أن الوثائق لها أهمية كبرى عند البحث عن الأسماء القديمة من أوقاف وأملاك ومعالم وأسر، خصوصاً الأملاك التي اندثرت، أو المعالم التي تغيَّرت أسماؤها.. أو الأسر التي انقطعت أو هاجرت.

ومنطقة بطين ضرماء من المناطق العريقة التي يمتلك أهلها كماً هائلاً من الوثائق القديمة والمراسلات والوصايا والأملاك والأوقاف والمعاملات.. والتي تُعتبر تراثاً تاريخياً للمنطقة لما تحتوي عليه من معلومات ذات قيمة تاريخية وسياسية وعلمية واجتماعية عظيمة.

وقد اطلعت على عدد من هذه الوثائق التي يمتلكها أهل المنطقة منها ما هو خطابات ومراسلات سياسية وتاريخية واجتماعية وعلمية وأملاك ووصايا وأوقاف وغيرها.

ولإطلاع المهتمين بهذه الوثائق وتعميم الفائدة فقد كتبت في الحلقة الأولى من سلسلة: (نظرة في وثيقة) عن وثيقة عمرها 119 سنة تخص تملُّك نخل المباديل المسماة القبيلية الواقعة في المزاحمية.

أما في هذه الحلقة فسنستعرض وثيقتين من وثائق الأوقاف لمنطقة ضرماء عمر الوثيقة الأولى 170 سنة كُتبت بخط الشيخ - محمد بن إبراهيم بن محمود - قاضي ضرماء.. ثم تولى قضاء منفوحة.. ثم الرياض.. وتوفي عام 1333هـ رحمه الله -.. وقد كتبها عن أمر شيخه العالم الجليل - عبد الله بن نصير المطرفي قاضي ضرماء في عام 1263هـ -رحمه الله-، أما الوثيقة الثانية فكتبها الشيخ عبد الله بن غانم 1350هـ.

وقد احتوت الوثيقتان على عشرات الأسماء لأسر ضرماء وعدد من أسماء القضاة في ضرماء، وكذلك احتوت على عدد كبير من أسماء المساجد والمزارع والنخيل والآبار والأملاك.. منها ما هو معروف وموجود إلى الآن، ومنها ما وصل إليه العمران، ومنها من اندثر اسمه القديم ولم يبق إلا في الوثائق التي حفظته لنا.

ومما ذكر في هذه الوثائق: جامع ضرماء - مسجد الشمال - مسجد القصيبة - مسجد الحوطة - مسجد علي بن الشيخ - مساجد البلاد - مساجد القصور.

ومن النخيل والمزارع والأملاك التي ذكرت: وقف الشيخ عبد الله بن نصير - نخل الغبيّة - نخل لقطة - الخميسية - حويشة بن محمود - نخل الرميلة - بستان ظافر - نخل الشنيفي - نخل خيطان - نخل ابن مسعود - نخل سليمان بن حسن - بستان ونيان - نخل الفريسي - الحويشات - نخل آل نصار - نخل آل ثاقب - نخل آل لبخان - قصر فيهق - الرفيعة - نخل بن عبيد - عيدان آل عيد - القرواني - نخل بن حميدين - المساعدي - نخل أبا الخيل - نخل بن نامي - الصريولات - نخل علي بن سلطان - نخل عسيلة - الخزامي - بستان هرارة - الجعيثينة - البديع - نخل التمامي - نخل القرقعي - نخل الشوهانية - الشهلي - نخل الشويهانية - نخل الهويشلي - قرينة السيايرة - قرينة آل ثنيان - حلقة آل جار الله - نقية آل رشيد - الدخيلي - نخل بطة - قصر الفرغ - حويشة بن شايع - خضراء آل مسفر - الجفير - خيس محميد - نخل السبيل - الصبيخة - الحزيمية - نخل ابن نغيمش - خضراء ابن الإمام - نخل آل حسين - ركية خميس - قصر حسن - خضراء آل صقر - الفرياني - نخل المحيا - نخل المسفر - نخل الغديرية - نخل ابن سليمان - نخل صقر - نخل النصاري - سبيل سويرة - عبيلة - الرحياني - أرض مشيرف - مدى الشوهانية - أرض المحيشي - نخل الدويخلة - البلاد - الحوطة - المراح - المندس - القصر - العب - الرديفة - دلو السلطانية - العودة - مهارش - سوق ضرماء - قصر آل زيد - عسيلان - حلة ضرماء - بئر هرارة - سبيل المراح - الغنامي - البطين - المشطن - وقف ابن تركي - قليب آل عثمان - الوسيطا - صباخ - خضراء عبد المحسن.

كما احتوت الوثيقتان على مسميات ومصطلحات وأوزان ومعاملات كانت دارجة في تلك الحقبة الزمنية ومنها:

وزنه، جفيرة، غرب، صاع، أصواع، مد، أمداد، سهم، السراج، غلة، إجارة, الصوام، خيس، حوشة، ركية، خضرية،، سلجة، سلالج، سبايل.. انتهى.

ومن خلال استعراضنا لمحتوى الوثيقتين يتبين اهتمام الأجداد بالوقف وحرصهم على أن يبقى لهم عمل صالح يزيد من حسناتهم بعد وفاتهم -رحمهم الله- ولو كان ذلك يسيراً، عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له. كذلك يتبين لنا أهمية الوثائق بصفتها تمثّل مصادر تاريخية مهمة بسبب ما تحتويه من معلومات تعوض الباحث عن ما فقد من المصادر.

وختاماً لعلي أعرض في مقال آخر -بإذن الله تعالى- مزيداً من الوثائق التي يمتلكها أهل بطين ضرماء وتبيَّن بموجبها عراقة هذه المنطقة ضمن بلادنا العزيزة وذكر أسرها الكريمة وبعض من تاريخها الحاضر.. الغائب.