ليست «الجزيرة» الجريدة الوحيدة التي يتّجه الكثير من قرّائها إلى بدء تصفُّحها من الصفحة الأخيرة، وكأنّ القرّاء يقرؤون صحيفة بلغة أوروبية، فهذه اللغات تبدأ صفحاتها من اليسار، كالجزيرة هذه الأيام، بعد أن ضمّت كُتّاباً كباراً ومنحَتْهم مساحات لنشر مقالاتهم في الصفحة الأخيرة، فبالإضافة إلى الكاتب المثير محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ، الكاتب الذي يوثِّق كتاباته ويحرص أن يضمّن مقالته معلومات شرعية وفكرية ترجِّح رأيه، وسواء اختلفت مع هذا الكاتب أو اتفقت معه، فإنه لا يمكنك أن تمر على مقالته مرور الكرام، بل ومهما كانت اتجاهاتك وثقافتك لا بد أن تحرص على قراءة ما كتب، وأن تعيد القراءة ثم تفكر بما يريد قوله، وتناقش أطروحاته وتراجع المعلومات التي ضمنها المقالة، وتبحر مع مضامين الطرح الذي يقدمه والذي يندرج ضمن جهد المفكرين السعوديين بتوسيع مساحات التنوير، وفتح الحوار مع الآخر سواء اختلفت معه في الرأي أو في الطرح، المهم أنّ الحوار حضاري والطرح تنويري، فالجزيرة تفسح المجال لكل الكُتّاب ومن كافة التيارات والاتجاهات، فهي بما يقدمه الكُتّاب المتنوّعون «حديقة ديموقراطية» يقطف من زهورها القرّاء ما يريدون ويتجاوزون ما لا يريدون، ولكنهم حتماً قد حصلوا على إضافة كبيرة بعودة الكاتب الرائع الدكتور جاسر عبد الله الحربش، والذي افتخر أني أشاركه في الاسم الأول، متمنياً أن يكون لي نصيب من إبداعه.

الدكتور جاسر الحربش كاتب قديم جديد، سوف يستفيد القرّاء من طرحه المتنوّر، والذي لا بد أن يسهم في توسيع دائرة الحراك الفكري الحضاري الذي تشهده الساحة الثقافية والفكرية في المملكة، ونحن القرّاء والكتّاب المخضرمون الذين كنا نستمتع بآراء وبكتابات الدكتور جاسر الحربش الذي كان يقدح أذهاننا ليجبرنا على التفكير، فأهلاً بالحربش وهو يطلُّ علينا من نفس الموقع الذي يطلُّ علينا منه زميله المبدع محمد آل الشيخ، وزميلهما الآخر الدكتور المتألق حمزه السالم