تعد المحافظة على الأمن العام وترسيخ السكينة والهدوء في المجتمع والدفاع عن حدود الوطن وقبل ذلك عن عقيدته الصافية هي إحدى الدعائم الثابتة التي قام عليها تأسيس بلادنا الغالية بقيادة الملك عبدالعزيز رحمه الله، إذ إنه -كما هو معروف للجميع- أن المملكة قبل تأسيسها كانت تعيش في حالة من الخوف وعدم الاستقرار الأمني، بالإضافة إلى السلبيات الأخرى: كالجهل والمرض والفقر والعصبية الجاهلية وذلك بسبب أن بلادنا قبل التأسيس كانت تعيش بدون قيادة موحدة، بل كان هناك العديد من القيادات المتصارعة، كل يطمع فيما لدى الآخر حتى ولو بأسلوب العدوان والقتل وذلك لأن البلاد كانت مجزأة ومقسمة إلى العشرات، بل المئات من الدويلات أو الإمارات وذلك بسبب انعدام العقيدة الصحيحة، إضافة إلى تفشي الجهل في المجتمع فلما بدئ في تأسيس المملكة تحت راية دولة واحدة كان الهدف من ذلك العودة بالناس إلى العقيدة الصافية البعيدة عن البدع والخرافات ونشر العلم وتحقيق مبدأ العدالة بين الناس وتعزيز الوحدة، حيث كان ذلك هو أهم أهداف التأسيس وهو الأمر الذي انعكس بصورة إيجابية على تلافي الأوضاع السلبية التي كانت تعيشها بلادنا ومن ذلك حالة الخوف فقد حلَّ الأمن والأمان بدل الخوف وعدم الاستقرار ولذلك فقد نعمت بلادنا بنعمة الأمن والاستقرار والعقيدة الصحيحة والبعيدة عن البدع والخرافات بعد اكتمال التأسيس في عهد الملك عبدالعزيز، ثم في عهود أبنائه البررة من بعده الملوك: سعود وفيصل وخالد وفهد يرحمهم الله جميعاً ولا تزال والحمد لله تستظل بلادنا بهذه النعمة الكبيرة في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وولي العهد الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظهما الله- إلا أنه وباعتبار أن الكمال لوجه الله سبحانه وتعالى فقد مرت على بلادنا كغيرها من الدول المستقرة بعض الحوادث غير الأمنية إلا أنها والحمد لله تجاوزتها بنجاح باهر وذلك بفضل الله تعالى ثم بإخلاص المسؤولين والمعنيين وفي مقدمتهم رجال الأمن حماهم الله الذين يعملون بإخلاص ليلاً ونهاراً لإنجاز المهام المطلوبة منهم وذلك امتثالاً لأمر الله عزّ وجلّ وطاعة لولاة أمرهم وفقهم الله، فالله سبحانه وتعالى يأمر كل ذي مسؤولية بأن ينفذ أوامر رؤسائه وولاة أمره وفي هذا الإطار يقول الله عزّ وجلّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)، فالكل يتذكر أن بلادنا مرت بأحداث الحرم المكي الشريف في بداية الثمانينات الميلادية وقد تجاوزتها بلادنا بنصر مؤزر، ثم مرت بعد ذلك بأحداث التفجيرات الظالمة التي قام بها أناس ضلِّل بهم للإضرار ببلادهم ودينهم ومجتمعهم وقد تجاوزت بلادنا تلك الأحداث بنجاح وتوفيق وذلك لأن الأساس والمبررات التي قامت على أساسها تلك الأحداث ليست صحيحة وليست منطقية، بل إنها تتصف بالغلو والتطرف والبعد عن سماحة وجوهر وتعاليم الدين الحنيف والبعد عن تعاليم الإسلام في شأن المشورة وتبادل الرأي.
ثم مرت بلادنا بعد ذلك بأحداث متفرقة أغلبها ذو طابع أمني إما على شكل فردي أو جماعي محدود وقد تجاوزتها بلادنا ورجال أمننا بنجاح والحمد لله ومن ذلك تلك العصابة المكوّنة من أربعة أفراد والتي قامت بعمليات السرقة والسطو وقطع الطريق والتي تم كشفها في وقت وجيز مما يعدُّ إنجازاً أمنياً مشهوداً لرجال الأمن في المملكة، حيث جمع هذا الإنجاز بين زجر ومعاقبة هؤلاء المجرمين عندما تم القصاص منهم وصلبهم وردع غيرهم ممن تسوّل له نفسه الإقدام على أي تصرف يخل بأمن بلادنا الغالية. إن نجاح بلادنا في تجاوز هذه المنعطفات غير الأمنية دليل واضح على حسن النية الصادقة لقيادة بلادنا الرشيدة التي تعمل بإخلاص -كما نرى ونسمع- لمصلحة هذا الوطن الغالي ومواطنيه الكرام، كما أنه دليل على إخلاص وتفاني كل من يتولى أي مسؤولية في خدمة بلادنا وفي مقدمتهم رجال الأمن الأوفياء الذين يضحون من أجل راحة مواطنيهم واستقرار بلادهم وتمر بلادنا حالياً بالأحداث المتعلقة بتسلل الحوثيين من شمال اليمن من أجل جر بلادنا -وبأمر من أطراف أخرى- إلى نزاع لا علاقة لها به.
ولكن والحمد لله كان رجال الجيش السعودي لهم بالمرصاد، حيث قاموا بردّ المعتدين إلى أعقابهم خاسرين مع استمرار منسوبي جيشنا الباسل في المرابطة لمواجهة أي طارئ، مستشعرين المسؤولية الكبرى في الدفاع عن عقيدتهم الصافية السليمة والدفاع عن وطنهم الغالي ومقدساتهم ومواطنيهم. إن المقصود بهذا العدوان من المتسللين من شمال اليمن -وهو كما هو معلوم ومن دون شك- عدوان بالوكالة من أطراف أجنبية أخرى تستهدف بلادنا في عقيدتها الصافية التي تتمشى مع تعاليم الدين الحنيف وسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتستهدف مقدساتنا في مكة المكرمة والمدينة المنورة وتستهدف وحدتنا ووطننا.
فالواجب علينا كمواطنين أخذ الحذر والحيطة تجاه هذه المخططات الشريرة، والوقوف بجانب قواتنا المسلحة بأن يكون قائد بلادنا الملك عبدالله -حفظه الله- أسوة لنا في ذلك، فقد شد من أزر الجنود البواسل بزيارته لخطوط الدفاع الأولى وتعهّد بأنه لن يتمكن أي معتدٍ أجير من النيل من أي شبر من بلادنا. فواجبنا أن نكون على قدر من الوعي والحذر في داخل الوطن وأن نتعاون مع الجهات المعنية حول من تدور حولهم الشُّبهات ممن يضمرون الشر لبلادنا أو من يحقدون علينا سواءً بأفواههم وأقلامهم أو تصرفاتهم، فقد لاحظنا الشماته في أعينهم عند دخول بلادنا في معركة الدفاع عن الحدود الجنوبية للوطن وقبل ذلك خلال الأزمات التي مرت على بلادنا.
ورب من يتساءل: لماذا يحقدون علينا؟ والإجابة أن ذلك يعود لعدة أسباب منها ما يلي:
أن بلادنا هي مهبط الوحي الإلهي ومصدر آخر الرسالات السماوية ومقر الحرمين الشريفين بيت الله الحرام قبلة المسلمين في مكة المكرمة، والمسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة اللذين تشد لهما الرحال، وبسبب ذلك واجهت بلادنا عداءً مركزاً من بعض المصادر الأجنبية كلّما وقع لديهم أحداث إرهابية، حيث ينسبون ذلك إلى أشخاص يدّعون أنهم متأثرون بالجو المحافظ في بلادنا مع أن بلادنا أعلنت أكثر من مرة بأنها تستنكر الأعمال الإرهابية حتى ولو وقع بعض منها بأيدي أشخاص ينتسبون لبلادنا لكونها تنتهج الشريعة السمحة ولا تؤيد الغلو والتطرف، فمثلاً عندما وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر سنة 2001م في الولايات المتحدة الأمريكية شجبت المملكة وشعبها هذا الحادث بالرغم من وجود سعوديين شاركوا فيه وذلك لكونه يتعارض مع مبادئ الإسلام التي تحث على احترام الآخرين وعلى عدم إجبارهم على الدخول في الإسلام بالقوة والإكراه، ورغم قناعة الحكومة الأمريكية وغالبية الشعب الأمريكي بموقف المملكة المشار إليه وذلك لمنطقيته إلا أن هناك شرائح معينة استغلت هذا الحادث للإساءة إلى المملكة وذلك لحسابات تخصها وحدها وقد يكون من أبرزها موقف بلادنا القوي والمبدئي من قضايا العرب المصيرية.
أن بلادنا تحتل مساحة كبيرة وموقعاً إستراتيجياً، كما أنها تُعذُّ مصدراً رئيسياً للطاقة في العالم وقد أكسبها ذلك ثقلاً دولياً مما أثار ضغينة البعض.
نجاح سياسات بلادنا المتعاقبة على المستوى الإقليمي والدولي، فمثلاً المملكة استطاعت وبتوفيق الله عزّ وجلّ جمع القادة اللبنانيين أثناء قيام الحرب الأهلية في أراضيها، حيث تم التوصل إلى إنهاء الحرب الأهلية وإلى اتفاق بين كافة أطياف السياسة اللبنانية، كما أن المملكة جمعت ملك المغرب والرئيس الجزائري في الثمانينيات لمناقشة الخلاف بينهما وقد مرّت العلاقات المغربية الجزائرية بعد ذلك بمرحلة طويلة من التفاهم والهدوء، كما أن بلادنا جمعت القادة الأفغان أثناء الحرب الأهلية التي تلت خروج الاتحاد السوفيتي السابق من بلادهم وتوصلوا إلى اتفاق مصالحة ووقف الحرب بينهم، كما أن المملكة وبجهود من الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- دعت في مرحلة مضت القادة الفلسطينيين للقاء بجوار بيت الله الحرام لمناقشة خلافاتهم حول تشكيل الحكومة الوطنية وإيقاف الاقتتال الفلسطيني وتم بحمد الله اتفاقهم على ذلك.
النهضة والتطور الشاملان اللذان شهدتهما المملكة في كافة المجالات وذلك بسبب حسن توظيفها لمواردها ونزاهة الإدارة بها بخلاف بعض الدول الأخرى التي قد يكون لديها نفس الإمكانات المادية إلا أنها تتسم بسوء الإدارة أو نزاهتها.
تقدير المجتمع الدولي لبلادنا ونظرته لها بأنها محور دولي مهم بسبب المكانة الدينية والمادية والمساحة الكبيرة والسياسة المتزنة، فبلادنا -كما هو معروف- قبلة المسلمين لوجود الكعبة المشرفة فيها، كما أنها مثوى لآخر الأنبياء والرسل عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام، كما أن المملكة من أهم دول العالم في إنتاج وتصدير البترول وهو المادة الحيوية التي لا تستغني عنها أي دولة في العالم مهما كان حجمها وعدد سكانها، كما أن بلادنا ذات مساحة كبيرة ومناطق متعددة غنية بالخير والبركة وبالمواطنين ذوي العقيدة الواحدة والسمات الكريمة. إذن ما دام أن بلادنا والحمد لله تمثل كياناً كبيراً ومحترماً عالمياً لكونها تسير على الطريق الصحيح وتعي مسؤولياتها الإسلامية والعربية والدولية وتعمل حكومتها الرشيدة بكل جهد لتنمية الوطن وسعادة المواطن وأن الحقد عليها ليس له ما يبرره لعدم الموضوعية فيه وإنما يعود للأسباب سالفة الذكر، حيث ينبع هذا الحقد من أنانية وحسد وحب مبالغ فيه للذات، فيجب علينا مواطني هذا البلد المقدس والمهم إقليمياً ودولياً أن نظل ملتفين حول قيادتنا وحكومتنا وألا نلتفت للادعاءات الباطلة التي تحاك ضد بلادنا بهدف إضعاف بلادنا والتأثير على التلاحم بين القيادة والمواطن ولن يستطيعوا ذلك بإذن الله.
asunaidi@mcs.gov.sa