Al Jazirah NewsPaper Sunday  11/04/2010 G Issue 13709
الأحد 26 ربيع الثاني 1431   العدد  13709
 
مؤسسة التدريب.. مخرجات ماهرة من يشغلها..؟!
حمد بن عبدالله القاضي

 

أعتقد أن أول دليل على كفاءة وقدرة ومهارة خريجي المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني هو أن من يقوم على صيانة مبناها الرئيسي الضخم هم شباب سعوديون من خريجي أقسام الكهرباء والسباكة والنجارة في معاهد وكليات ومراكز المؤسسة.. لقد سعدت كثيراً عندما جعلني أخي معالي محافظ المؤسسة د. علي الغفيص ألتقي بهؤلاء الشباب وهم بملابسهم الزرقاء الجميلة وقد نجحوا في جعل مبنى المؤسسة على أفضل صورة في سلامته وخدماته وأجهزته ومكاتبه.

وليت مسؤولي الوزارات والشركات يزورون المؤسسة ليروا نجاح هؤلاء الشباب في عملهم ما دام الجو الجيد والأجور المناسبة، إن المشكلة ليست في مخرجات هذه المؤسسة التي نجحت في توفير أفضل الإمكانات في مراكزها وكلياتها، فالمتدربون يتلقون أفضل تدريب ويمارسون تدريبهم المهني والتقني على أرقى الأجهزة وعلى أيدي قدرات علمية ذات كفاءة عالية، فضلاً عن نشر المؤسسة مراكزها وكلياتها في كافة أنحاء المملكة وعبر شراكتها الناجحة مع المؤسسات والشركات الأهلية وعبر إشرافها على المئات من المعاهد والمراكز الأهلية، إن المشكلة عدم تشغيل هذه الكفاءات المهنية في الشركات والمؤسسات وإعطائها بل إلزام الشركات الكبرى التي تتعاقد مع الدولة للصيانة والتشغيل بتشغيلها. وإنني أحيي أخيراً الشركات الكبرى التي شغلت مخرجات هذه المعاهد والكليات وأثبتت نجاحها وكفاءتها، وفي مقدمتها شركات (سابك) و(أرامكو) و(الزامل) وغيرها.

هذا وطننا فإلى متى يكون وطننا أكبر مركز تدريب للعمالة الوافدة التي تتعلم في رؤوسنا وفي مصانعنا وشركاتنا.. وندع -مع الأسف- الكفاءات السعودية المدربة يتيهون في الوطن دون عمل يخدمون به وطنهم، ويؤمّنون به مستقبلهم، ويوفرون من خلاله الحياة الكريمة لهم ولأسرهم؟!.

هذا هو الحل لازدحام الرياض والمدن الكبرى

أغلب سكان المملكة هم الشباب، وهؤلاء أهم مطالبهم ليبقوا في مناطقهم: العلم والعمل.. بالنسبة للعلم فقد تم نشر مظلته وآخرها افتتاح جامعة في كل منطقة فضلاً عن توفير التعليم العام منذ سنوات طويلة.

تبقى فرص العمل.. فعندما يتخرج هؤلاء الملايين من الشباب فإنهم إذا لم يجدوا فرص العمل في مناطقهم فإنهم سيسارعون إلى الهجرة إلى المدن الكبرى «الرياض، جدة، الدمام».. من هنا تجيء بل جاءت مشاكل المدن الكبرى.

الآن المشكلة في العاصمة ليس في زحام المرور وعرقلة السير فقط، بل المشكلة أيضاً تصل إلى المسائل الأمنية، وإلى عدم كفاية الخدمات الصحية والاجتماعية فضلاً عن تلوث البيئة، وعرقلة الحركة المرورية، فمع كثرة السكان ومهما كان البذل والمشروعات فإنها تظل عاجزة عن استيعاب الناس وتقديم الخدمات لهم.

إن الحل الوحيد لمشكلة المدن الكبرى هو الحد من الهجرة إليها وهذا يأتي بتوفير فرص العمل في المناطق الأخرى.. فلماذا كل الشركات والبنوك والمصانع وبعض الأجهزة الحكومية تتوجه لتتواجد في المدن الكبرى، الرياض، جدة، الدمام.. التي ضاقت بما فيها وبمن فيها، و»التقنية» الآن تجعل كل جهاز يقوم بدوره وهو في أي مكان في العالم. بل إن هناك مؤسسات حكومية وشركات كبرى لا حاجة إلى وجودها بالعاصمة أو جدة أو الدمام لأن أعمالها ترتبط في مناطق أخرى، إنني أتفق مع أخي الكاتب الوطني -نسبة إلى كتابته بـ»الوطن» وإلا كلنا وطنيون- د. عبدالرحمن الشلال في «مقاله» الذي جعل عنوانه: «الرياض لا تحتمل»، وقد تطرق في طرحه الواعي إلى أحد مسارات حل هذه المشكلة وهو تنمية المناطق الأخرى بالمملكة مثل عسير، جازان، القصيم، تبوك، نجران، حايل، والشمالية وذلك بتشجيع قيام المشروعات والشركات التخصصية فيها والمستشفيات، وأضيف إلزام الشركات التي تستوعب الكثير من الخريجين والشباب بحيث تكون مقارها فيها، وتفتح لها مكاتب إقليمية بالمدن الكبرى.. والتقنية -كما أشرت- كفيلة بتيسير أعمالها مهما كانت مقارها.

ولابد من إنقاذ مدننا الكبرى قبل أن تصل إلى ما وصلت مدن مثل القاهرة ودلهي وغيرهما التي تكتظ بالسكان ومشاكل المرور وسوء الخدمات.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد