Al Jazirah NewsPaper Tuesday  13/04/2010 G Issue 13711
الثلاثاء 28 ربيع الثاني 1431   العدد  13711
 
التشجير مرة أخرى
منصور الخريجي

 

كتبت قبل سنوات عدة عن موضوع التشجير في بلادنا.. خاطبت يومها أيضاً أصحاب السمو الملكي أمراء المناطق شفاهة وكتبت حسبما أرادني أن أفعل صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير الرياض، كما زرت أو تحدثت مع أمراء وأمناء المدن الرئيسية: الرياض وجدة في المدينة المنورة والطائف، المهم من وراء ذلك كله هو أنني أعود مرة أخرى لقضية تشجير شوارعنا، لقد قيل الكثير عن هذا الموضوع وكتب الكثير عنه، لكنني أجد أننا ما زلنا نراوح في مكاننا.

التشجير أيها السادة مسألة أساسية ومن أهم ما يجب أن نهتم به.. أتكلم طبعاً عن تشجير الشوارع، هناك الآن مجهودات كبيرة تبذل وأبرزها ما هو حاصل في العاصمة الرياض من مشروعات نفذت أو في طريقها للتنفيذ لمتنزهات في وسط المدينة وضواحيها وهذا شيء يثلج صدورنا جميعاً ونقدم فيه شكرنا العظيم لأمير الرياض الذي ما زال همه أن يجعل من مدينته العتيدة عاصمة يضاهي بها العواصم العالمية الكبيرة.

والغريب العجيب الذي لم أتمكن من فهمه واستيعابه رغم محاولاتي العديدة هو أن هناك تشجيراً في كل شوارع بلداننا، لكن لا أدري لماذا يزرعون الأشجار ثم يقلمونها لتبقى قزمة لا تمدنا بظلال ولا بأوكسجين!! نزرع شجيرات ثم نأتي بعمالة من أنحاء العالم لتقصها لنا على شكل مبخرة أو دلة أو دورق ولا أدري والله لماذا نريد أن نجعل من الشجرة دلة أو دورقاً؟! لدينا في كل منزل في بلادنا دلال ومباخر وأيضاً دوارق فلماذا نريد أن نراها في الشوارع بدلاً من أن نترك الأشجار لتنمو وتمدنا بالظلال!

زرت سمو أمين الرياض وتحدثت معه وطبعاً أعجبته الفكرة، وزرت أمين مدينة جدة وحدثته عن التشجير وأعجبته الفكرة أيضاً وكلا الرجلين قال إنه سيرسل مندوباً عنه ليتحدث معي وليستوضح عن الفكرة بتفاصيلها.

وكلا الرجلين لم يرسل أحداً وقد مضى الآن أكثر من سنة على اتصالاتي بهما، لقد رأيت في المسجد النبوي في المدينة المنورة أنه عندما تحين صلاتا الظهر والعصر، رأيت الناس يحتمون من حر القيظ في ظلال أعمدة النور المقامة في ساحات المسجد المفتوحة، ومن غرائب تخطيط المدن أيضاً أن كل بيوت الرياض في كل شوارعها عدا ربما شارع الملك فهد لا يزيد ارتفاع العمارات والمنازل على دورين؛ أرضي وأول، وهذه لا تعطي أي ظلال عندما تتوسط الشمس كبد السماء!

لماذا نعذب أنفسنا بهذه الطريقة.. إن بلادنا صحراوية وإن كل عود أخضر يجب أن نحسب له حساباً ونحافظ عليه.. درجة الحرارة في الصيف قد تصل في الشمس إلى خمسين درجة.. والسير في مثل هذه الدرجة من الحرارة يوشك أن يطبخ المخ! لدينا سيارات وفيها مكيفات لكن هل كل الناس لديهم سيارات بمكيفات؟ اتركوا الأشجار لتنمو إن لم تسمحوا بارتفاع البنيان إلى أكثر من دورين.

لدينا في الرياض طرق عريضة وواسعة ويمتد بعضها لكيلومترات عديدة وعلى جانبيها تقوم الأشجار لكنها أشجار قزمة لا تكاد تمد أذرعها وأغصانها حتى يسرع الجلادون إلى قطع عروقها وحلق وريقاتها ويحيلونها إلى كتلة قزمة من الخضرة رابضة فوق الرصيف، ثم إنني أتمنى على القائمين على شؤون أمانة الرياض والمدن الأخرى أيضاً أن يعيدوا التفكير في تخطيط الشوارع، فأنت تجد مثلاً أنه في بعض الشوارع زرعت الأشجار في منتصف الشارع عندما يكون الشارع مزدوج الاتجاه وفيه رصيف في الوسط تزرع الأشجار في الرصيف الذي يتوسط الشارع، وهذا طبعاً غير ذي جدوى على الإطلاق، أولاً لأنه لا أحد يسير فوق الرصيف الأوسط، وثانياً حتى لو غامر أحد بعبور الشارع ليسير فوق الرصيف الأوسط فإنه لن يجد مساحة تكفي لموطئ قدمه بعد أن استخدم معظم عرض الرصيف للزراعة.

لكنني أحب قبل أن أختم هذه المقالة أن أشيد بالجهود الكبيرة التي تبذلها أمانة الرياض وهيئة تطوير مدينة الرياض التي يرعاها ويوجهها صاحب السمو الملكي أمير الرياض التي بدأنا نشاهد ثمرات عملها في إعادة رصف الشوارع على أسس حديثة مدروسة تراعي متطلبات المشاة.. أرجو أن تكون الخطوة القادمة هي إعادة النظر في التشجير.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد