Al Jazirah NewsPaper Wednesday  14/04/2010 G Issue 13712
الاربعاء 29 ربيع الثاني 1431   العدد  13712
 
الوزارة العراقية الجديدة.. بين الأمل في التغيير والتمسك بالسلطة
عبدالإله بن سعود المنصور السعدون

 

شرفني أخي وزميلي الأستاذ عبد الله بن إبراهيم الحديثي بمنحي صفة الاختصاص الصحفي بالشأن التركي والعراقي، فقد جاء في آخر فقرة من مقاله (انتخابات العراق وفاق أم شقاق؟).. والمنشور في (الاقتصادية) ليوم الاثنين 27 ربيع الآخر، وطلب مني أن أدلو بدلوي في الشأن العراقي.. وقد دلوت فعلاً بمئات المقالات على صفحات الجزيرة الغراء ضمن هذا الموضوع حتى نضب ماء بئر السياسة والاقتصاد منتظرين إرادة الله سبحانه أن يمنّ على سماء بغداد بمطر الخير والتسامح والمصالحة وسلوك الطريق السوي؛ لإنقاذ عباده من شعب العراق الذين نضبت دماؤهم أيضاً من نتائج السياسة المذهبية والعرقية، وأحالت دار السلام لبحيرة من دم أبنائها الأبرياء.

كل أهل العراق ومعهم محبوهم من الأشقاء العرب والمسلمين فوجئوا بالنتائج المتقاربة التي أفرزتها الانتخابات العراقية الأخيرة؛ فحصلت الكتل والائتلافات المشاركة فيها على مقاعد نيابية شكَّلت أجندة سياسية يصعب من خلال مفرداتها تشكيل أي الائتلافات الأربعة الفائزة لوزارة الأغلبية النيابية، ولا بد اللجوء للائتلاف الوزاري.. وهنا كانت نقطة البداية الصعبة (للماكي) وكتلته (دولة القانون) فقد شعروا باهتزاز كرسي السلطة من تحتهم، وأن هناك قوى وطنية جديدة قادمة فازت بالمرتبة الأولى وبأكثرية مقعدين نيابيين (91 نائباً) وكتلة المالكي جاءت ثانية (89 نائباً) واستنفر مستشارو المالكي أعوانهم لإيجاد أي مبرر لتأخير وعرقلة الكتلة العراقية الفائزة لوصول زعيمها ومرشحها لرئاسة الوزارة الدكتور إياد علاوي لممارسة حقه الدستوري وكاستحقاق انتخابي للبدء في مشاوراته لتشكيل وزارته الجديدة.

وبدأت القوى المضادة بمنع علاوي من هذا الحق، فأطلقوا بالونهم الأول والخاص بمخالفة الدستور بمنح علاوي هذا التكليف بكون (السيدة والدته) اللبنانية الجنسية ولا بد أن يكون رئيس الوزراء من أبوين عراقيين وتعدى هذا البالون مجال طيرانه ليشمل بالهمس السياسي أحد المتوقع ترشيحه من الائتلاف الوطني (عادل عبد المهدي) بالتذكير أن السيدة والدته من الجنسية السورية، وجاء الرد لكليهما من الدستور أيضاً بأن قانون الأحوال المدنية يعطي الحق بصورة مباشرة لكل زوجة لعراقي بأن تحمل جنسيته بعد السنة الأولى حتى لو لم تطلبها.. وبذلك تفجَّر هذا البالون الخبيث بوجه مستشاري المالكي دون خجل! واخترعوا تفسيرات دستورية للمادة (76) من دستور العراق الذي يمنح حق تشكيل الوزارة بعد الانتخابات العامة للكتلة الأكثر حصولاً للمقاعد النيابية، واعترضوا على التفسير (هل هو قبل انعقاد البرلمان أم بعد الجلسة الأولى؟).. وما زالوا في نقاش مستمر وضعوا عصاهم الثالثة لعرقلة عملية حراك تشكيل الوزارة بالطعن بعملية الانتخابات واتهام المنظمة المستقلة للانتخابات بالتزوير وضياع (750) ألف صوت لصالح ائتلاف دولة القانون، وبهذا يتوقف كل حراك سياسي نحو الاتفاق بين الكتل الفائزة لتسمية رئيس الوزراء الحديث.

أما رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي ومعه جيش من موظفي الحكومة العراقية والذين تسللوا لكل المرافق دون تمتع بالكفاءة العلمية والعملية كمعيار وظيفي فقط أن يكون مرشحاً من (حزب الدعوة) وهذا كافٍ.. ومما يخشاه الأستاذ المالكي أن ينكشف هذا الملف الأسود للاستغلال والفساد الإداري والمالي ويتحمل هو مسؤوليته بصفته رئيساً للوزراء وأميناً عاماً لحزب الدعوة، علاوة على كونه قائداً عاماً للقوات المسلحة!.

الصدريون (كتلة الأحرار) تشكل العمود الفقري الأساس للائتلاف الوطني العراقي ففاز (39) عضواً من تكتلهم في الانتخابات البرلمانية، وحصل الائتلاف الوطني على (70) مقعداً وبذلك يكونون أكثرية برلمانية داخل الائتلاف الوطني ولهم الكلمة الفصل بالترشيح لمنصب رئيس الوزراء.. وقد جاء استفتاؤهم بشخصية (إبراهيم الجعفري) كمرشح منتخب من الصدريين وعمل هذا الترشيح دهاءً سياسياً برفض المالكي لاستفتاء شعبي وتقديم أمين عام سابق لحزب الدعوة يخلق جواً من المفاضلة بين المالكي والجعفري داخل صفوف تواجد حزب الدعوة، مما (قد) يؤدي إلى تفكك مكونات ائتلاف القانون.قيادة بلادنا المملكة العربية السعودية تبذل جهوداً كبيرة.. وعلى رأس هذه الجهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله -حفظه الله- وبمشاركة خيّرة من سمو ولي العهد وسمو النائب الثاني والدبلوماسية السعودية للمساعدة في وصول العراق إلى شاطئ الأمان وتشكيل حكومته الوطنية الجديدة لتقوم بمهامها الرسمية من أجل خير واستقرار وأمل الشعب العراقي الشقيق، وقد لخص سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل سمات السياسة السعودية نحو الشعب العراقي الشقيق قائلاً: (إن المملكة العربية السعودية تقف على مسافة واحدة في الكتل والأطياف السياسية العراقية، والرياض لا تضمر إلا الخير للعراقيين، واستقرار العراق لن يأتي إلا بإدارة عراقية تعمل على وحدته الوطنية وتحقيق استقلاله وازدهاره).

إنها دعوة صادقة لكل السياسيين العراقيين أن يرتفعوا لسمو المصلحة الوطنية العراقية العليا في قرارهم المصيري هذا من أجل العراق وشعبه.

عضو هيئة الصحفيين السعوديين



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد