Al Jazirah NewsPaper Thursday  15/04/2010 G Issue 13713
الخميس 01 جمادى الأول 1431   العدد  13713
 
نوافذ
حديث النهار كلام المساء
أميمة الخميس

 

يأخذ البعض على الشيخ النجيمي ازدواجيته بين موقفه من الاختلاط، واختلاطه ومسامرته هو نفسه مع نساء في مؤتمر متعلق بشؤون المرأة في الكويت، وقبل سنوات قليلة أثار الإعلام قضية لها نفس الطابع مع الشيخ عايض القرني حول جواز كشف الوجه في فتوى تراجع عنها لولا أنها رصدت عبر الكاميرا.

وينتقص البعض هذه الازدواجية، والكلام الذي يحمل أكثر من وجه، ولكن لو تأملنا في الواقع وطبيعة النسيج الثقافي حولنا لن نستغرب فهو بالضبط يعكس هوية محلية راسخة تجاه قرار موارب لم يحسم بعد في تلك المسافة الضبابية الغامضة التي تقع بين المؤسسات التقليدية، وجميع الطموحات والآفاق التي يتطلع لها شعب ينهض بكثير من الآمال المستقبلية.

وهذا بالتأكيد مؤشر واضح على ترسخ اللاهوتية لدينا عبر بنى فكرية مغلقة ملتفة على يقينها، تحاول أن تسدل الطابع (الثيوقراطي) للنظام العام للدولة على حين تتطلع الكثير من الشرائح الاجتماعية (بما فيهم بعض الأسماء الدينية ) إلى آفاق أوسع من التنمية والنهوض بالمشاريع الكبرى والانفتاح على الآخر، والاندغام في المسيرة الحضارية لمحيطنا الكوني.

هذا الجدل القائم محلياً منذ مرحلة التأسيس بين هذين التيارين والذي يتلطف أحيانا عبر الاحتواء والتنازلات، ويحتدم تحت ظروف أخرى ليصل إلى مرحلة الاشتباك العسكري، بالتأكيد لا بد أن يتخلق بداخله وينمو على جوانبه تلك النماذج التي تحاول أن تستقطب رضا الأطراف جميعها، تحت مسمى الوهم الكبير الذي يطلقون عليه (الوسطية).

هذا الجدل أيضا قد يسبب إشكالية حتى في الموقف السياسي على صعيد دولي، فعلى سبيل المثال أثناء الفترة (غير طيبة الذكر) لحكم الرئيس الأمريكي الأسبق بوش، وعندما كانت جماعة المحافظين الجدد في البيت الأبيض، اتهمت كوندليزا رايس (حمامة الصقور) سياسة المملكة (بالكلام المزدوج) بين الخارج والداخل، وهي إحدى الترجمات العالمية المعتسفة لطبيعة الجدل القائم داخل التيارات المحلية والتي تحجب القرار السياسي في كثير من الأحيان عن اتخاذ قرارات قطعية وباترة، مراعاة لطبيعة التوازنات القائمة، وحفاظاً على الاستقرار الاجتماعي.

ومن هنا نجد أن كثيراً من المواقف المحلية تحمل هذا الطابع وتظل تراوح في هذا المسار ولطالما تقاطع حديث النهار مع كلام المساء, هذا الموقف الذي لا أستطيع بالتأكيد أن أحاكمه من خلال الصخب الإعلامي الذي يحيط بموقف الشيخين، كي أوظفه كنقطه تحسب لصالح تيار ضد الآخر، لأنه كما أسلفت بات جزءا من النسيج الثقافي الذي يتلون بخيوط موقف السمت والوقار العام في ناحية، وفي ناحية أخرى هناك موقف آخر دولي أو إقليمي يناسب للتسويق الخارجي.

لكن الخطورة تظهر عند تبني هذا الموقف على المستوى الديني لأنه قد تصاحبه (فتوى ملزمة) لها سلطة قوية على العديدين في مجتمعاتنا، ومن الممكن أن تحرك التيارات الشعبية وتثيرها وتدفعها نحو مسارات مظللة لطالما شهدنا تبعاتها الوخيمة محليا.

ولخطورة الأمر لا أحد مطالب من الأسماء الدينية أن يبرر نفسه، أو يوضح ازدواجية موقفه تجاه جماهيره ومريديه، فهي مواقف حتمية لابد أن يتعرض لها في حال تماسه مع العالم الخارجي ، لكن شرط ألا يبرر أو يسوغ أو يرمم ما تحطم أو تهدم من صورته عبر (فتوى).




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد