Al Jazirah NewsPaper Sunday  18/04/2010 G Issue 13716
الأحد 04 جمادى الأول 1431   العدد  13716
 
لما هو آت
مكة النابضة فيَّ...
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

كلما تباعدت الخطوات اشتد الشوق إليكِ..

وكلما اشتد الشوق عبث الحنين، لبطحائك، وحطيمكِ، وزمزمكِ..، وحجونك، ومروتيكِ..

مكة يا قرة العين.. وكيف لي أن أحصد أول أنفاس كنتِ محضنها..، ومنتهى شوقكِ، وكنتُ محضنه..؟

بيت الله فيك ملاذ..، ومأوى السكينة، ومكان النبض، هناك حيث تسبق الدمعةُ الخطوةَ، وحيث كلما حمي في القدمين جلد الخطو..، كلما استقر هادئا خفق الصدرِ..، وأنا أتلظى بين قرب المزار، وما إليه سبيل..

الأقرب الأبعد، والأيسر الأصعب..، وكنتُ كلما ازدحمت بقاصدين كعبتكِ، شددت الرغبة لنا أن نفسح لهم المقام والزمان..، حتى فاض الحنين، فاض يا مكة، وستركِ ليل يضحك سواده في لباس الكعبة، وصوتي يضيع في بحات أصوات الطائفين، الركع السجود...

ابتهلت رنين الدمع، وشجن الروح، وشوق النفس، وجئتك البارحة أتلظى من البعد، وأستريح عند باب نُصب للإجابة، فسجدت لواضع أول بيت للناس قبلة نرضاها..، هنا، وجه المسجد زاد فسحة وضياء، ومضمار الطواف لم يعد يضيق بالمتناكبين، وامتداد بين الصفا والمروة مدا من الوضاءة والبراح..، هنا، يا قريبة اقتربتِ فامتزجت بطيني، وابتسمتِ فغرقت في دمعي، وسمعتك في خلاياي بصرخة الجنين حين وضعتني فوق ثراك أمي..

في حضرتك مكة نصغر كثيرا، وأمام كعبتك مكة تتقدس عباراتنا، ويكون الله وحده الشاهد على الحمد، والامتثال والعبودية..

ما أكرمه تعالى لنا، وما أعظمه في هباته، وما أفضله أن جعلك المهبط لوحيه، القبلة لخلقه، القريبة حد العروق، ودماء الشريان، وماء العينين..




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد