Al Jazirah NewsPaper Sunday  18/04/2010 G Issue 13716
الأحد 04 جمادى الأول 1431   العدد  13716
 
حينما يتزوج عليها
د. عبدالله بن سعد العبيد

 

لا يوجد شعور يضاهي شعور المرأة التي يتزوّج زوجها عليها من أخرى، خصوصاً تلك التي أفنت حياتها معه في خدمته ومراعاته في صحته ومرضه وبمساعدته على أمور الحياة وفي تربية الأبناء والسهر على راحتهم وخدمتهم.

تعيش تلك المرأة حالة نفسية مختلفة تدخل فيها منذ اللحظة الأولى من علمها بزواج زوجها عليها، تلك اللحظة التي تفقدها كرامتها وكيانها وجزءاً كبيراً من أنوثتها التي طالما تعتز بها وتحافظ عليها.

يكمن سر الزواج - وبحسب كل الأديان السماوية - في كونه علاقة إنسانية مقدسة تربط بين اثنين من البشر، وتساهم تلك العلاقة في اندماج قلبيهما ونفسيهما اندماجاً روحانياً مقدساً ليساهما معاً في بناء صرح الإنسانية الذي يعدُّ أسمى وأنبل صرح يبنى منذ بدء الخليقة الأولى حتى يومنا هذا وما بعده أيضاً. بيت الزوجية، كما يُسمَّى، تعتبره المرأة عرينها المنتظر المفعم بالحنان والأمان والاستقرار، تعلِّق عليه آمالاً وأحلاماً سلبتها وأفقدتها نوم ليالي الفصول بطولها وقصرها. ترى فيه عرشها السامي الذي تتربع عليه بدون منافس ومنذ اليوم الأول من امتلاكها له، تعصر كل خلايا جسدها ونفسها وقلبها لتقطر جميعها رشفات حب ووفاء وحنان لزوجها أولاً وأولادها إن كان لها نصيب معهم.

تجد المرأة نفسها بعد سنوات من الكر والفر لتحسين وضع الأسرة المادي والمعنوي والأخلاقي، وبقدرة قرار من الزوج الذي لا يُشقُّ له رأي ولا قرار، فاقدة العرش، مسلوبة الكيان والرأي والوجود بعدما سلبتها سرعة الأيام نضارة الشباب.

على الرغم من جهوزية مجتمعاتنا للتغيير، وفي مختلف مناحي الحياة، وما نستقبله من تغييرات على ثقافتنا نكون في غاية الفرح لاستقبالها والعمل بموجبها برحابة صدر وابتهاج في الكثير من الأوقات، إلا أننا نظل نعاني من نقص القدرة على استقبال ما هو خاص بشعور المرأة وأحاسيسها وكأنهما من المحظورات التي يجب عدم الخوض بها.

لقد رفع الإسلام مكانة المرأة، وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه، فالنساء في الإسلام شقائق الرجال، وخير الناس خيرهم لأهله، فالمسلمة في طفولتها لها حق الرضاعة، والرعاية، وإحسان التربية، وهي في ذلك الوقت قرة العين، وثمرة الفؤاد لوالديها وإخوانها. وإذا كبرت فهي المعززة المكرمة، التي يغار عليها وليها، ويحوطها برعايته، فلا يرضى أن تمتد إليها أيد بسوء، ولا ألسنة بأذى، ولا أعين بخيانة. وإذا تزوجت كان ذلك بكلمة الله، وميثاقه الغليظ، فتكون في بيت الزوج بأعز جوار، وواجب على زوجها إكرامها، والإحسان إليها، وكف الأذى عنها.

لا تشعر تلك المرأة بفقدان عرشها فقط حينما يتزوج زوجها، بل تشعر بأن قلبها قد خُلع من صدرها، وأن ما قدمته له ولأولاده ذهب أدراج الرياح، تشعر بأنها قد فقدت أنوثتها وفقدت صلاحيتها كزوجة وحبيبة ورفيقة وصديقة وعشيقة وأم وسيدة منزل. باختصار هي تفقد وجودها بالكامل.

لقد شرَّع الدين الحنيف زواج الرجل من أخرى، والتعدد أبيح ولم يحرم، ولست بصدد الحديث عن ظروف التعدد وواجبات الرجل حينما يتزوج بأخرى وما له وما عليه، لكنني أتساءل عن السبب الذي يجعل الرجل يعدّد إذا كان الله قد مَنَّ عليه بزوجه صالحة وأم مربية وربة منزل ناجحة؟ إلى لقاء قادم إن كتب الله.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد