Al Jazirah NewsPaper Monday  19/04/2010 G Issue 13717
الأثنين 05 جمادى الأول 1431   العدد  13717
 
(الجنادرية) شكرٌ واقتراح
د. إبراهيم بن عبدالله السماعيل *

 

الذي تابع المهرجان الوطني في دورته الخامسة والعشرين رأى ذلك التميز الذي كان فيه، وكيف كان ذلك المهرجان خلال نصف شهر متنفسًا لأبناء هذا الوطن من الرياض خاصة ومن بقية مناطق بلدنا الحبيب، بل إن بعض أبناء الخليج قد شاقهم ما شاقنا، وأمتعهم ما أمتعنا في فقرات هذا المهرجان وفعالياته، وما حواه من تراث محبّب إلى النفوس، ومن تِذكار لأيام الصبا، ومن استعادة لشريط الطفولة، بما فيه من ملعوب، ومأكول، ومشروب، ومركوب، تلك الذكريات التي فيها ما فيها من مُتَع وأشجان، وأفراح وربما دموع تذكار، لا سيما لمن قد عاش تلك الأيام أو شيئًا منها مع من يحب! ممن بقوا الآن في أغلى الذكريات، وصادق الدعوات، أما الجيل الحديث من أبناء هذا اليوم -فتية وفتيات- فإن (الجنادرية) تعني لهم أمورًا لا تقل أهمية عمن تقدمهم سنًّا؛ لأن هذا المهرجان يربطهم بأمور كانوا يسمعون عنها، وربما لم يشاهدوها من قبل! وهاهم اليوم يرونه رأي العين، يلامسون التراث، ويتحدثون إلى كبار السنّ من مختلف مناطق المملكة، ويعايشون تلك الحِرَف قارئين دلالتها من الإشارة إلى ما كان عليه الأجداد من شظف العيش وعيش الشظف، ومن البساطة والتسامح، ومن إيحاءات بيوت الطين، وأنغام (السواني)، والألعاب البسيطة في مبناها الكبيرة في إدخال السرور على أولاد تلك الأيام! حيث لا (بلاك بيري) ولا هم بدونه يحزنون!..

وإذا كان لي من شكرٍ فإنني أشكر جميع العاملين في إنجاح هذا المهرجان الوطني، إلا أنني أحب أن أرسل (أربع) رسائل إلى من لفتوا نظري خلال زياراتي العديدة لمهرجان هذا العام: أولى هذه الرسالة: إلى منسوبي (جامعة الملك سعود) وجهدهم الواضح في إعداد (المسجد التراثي) الذي توسط المهرجان عند التقاء البوابات الرئيسة، وما صاحب أنشطتهم من القيام بالواجب المناط بنا جميعًا؛ من حسن استقبال، وبشاشة وجه، ورقيٍّ في التعامل مع شريحة مهمة من رواد المهرجان أعني الزائرين (غير العرب)، وتعريفهم بأخلاق أبناء هذا الوطن المستقاة من تعاليم ديننا الإسلامي العالمي الخالد، وكم كان لهذه الجامعة من جهد واضح مبارك مع هذه الفئة الزائرة من غير العرب بما فيهم (الجناح الفرنسي) الذين عبروا عن سرورهم بهذه اللفتة الطيبة، مما يساعد في نشر ثقافة التسامح والمحبة التي هي من أسس ديننا الحنيف، والتي طالما رفع لواءها مهندس المهرجان الأول خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله حفظه الله تعالى، وإنني لأرى أن في مثل هذا التصرف الكريم لخير دعوة إلى الإسلام ممن هم في أمس الحاجة إلى معرفته، المعرفة الحقة غير المشوبة بغلو الغالين المتطرفين، ولا مشوّهة بتشويه بعض الصادين عن الدين بسوء أخلاقهم، والمنهمكين في نسيان ثوابتهم أمام نزواتهم! فلهذه الجامعة العريقة أجمل الشكر على هذه الجهود المباركة و(للدينمو) المتحرك ابن الجامعة المواطن المخلص الدكتور (عبدالعزيز بن محمد الحسن) أصدق التقدير على تمثيل أخلاق هذا الوطن الرائدة ونقل صورة الإسلام النقل الصحيح بلسانه العربي و(الأعجمي) المبين!

وثاني رسائلي الحاملة باقات الشكر موجّهة لرجال (الحرس الوطني) المثابرين على ما بذلوه إبّان أيام المهرجان من تواصل الجهود، وتتابع المهام، دون ملل أو كلل، فإن أيّ زائر (للجنادرية) يرى يمينه ويساره من يقوم بخدمة الزوار من رجال (الحرس الوطني)، والجميل في الموضوع أن المشاركات الميدانية لم تقتصر على الأفراد والجنود، بل إن رجال الميدان هم من حملة الرُّتَب العالية.

أما ثالث هذه الرسائل فهي موجّهة لأبناء الوطن المحتسبين (أهل الحسبة) الذين تميزوا في هذا المهرجان ببسمتهم الصادقة، وحرصهم على المحافظة على انسيابية هذه المناسبة الغالية دون معكّرات، وذلك بالنصح والإرشاد، والتوجيه المصحوب بالكلمة الطيبة، والدعوة الصادقة، والهندام النظيف، والحرص الأكيد على الاجتماع والائتلاف، فجزاهم الله عنا وعن ولاة أمرنا ووطننا وعوائلنا خير الجزاء، ومما أود ذكره هنا ما طُبعَ عليه بعض رجال الهيئة من حرص فطري على مصالح الناس بما فيهم الأطفال، ذلك أننا كنا في (جناح منطقة حائل) وكان على يمين المصلّى وصالة العروض سور رفيع منحدر مما أغرى بعض الأطفال إلى تكرار صعوده والنزول منه دون صحبة أهلهم، وحينها رأيتُ منظرًا إنسانيًا وطنيًا إسلاميًا لأحد العاملين في الهيئة، ويظهر أنه ذو منزلة رفيعة (استوحيت ذلك من جهاز اللاسلكي الذي في يده) وجدته وقد أرهق نفسه في متابعة هؤلاء (الأطفال) خشية أن يسقط أحدهم من الجهة الخلفية للسور، أو يؤذي بعض الأطفال بعضًا، وكأن هذا الرجل أبٌ لهؤلاء الأطفال جميعًا! فسلّمت عليه شاكرًا وداعيًا له على حرصه وتشرفت بمعرفته.

وخاتمة رسائلي سأوجّهها لمن لن يقرأها! ولا أظنه يعلم أنني كتبت له شكرًا، أو أوردتُ فيه ذِكرًا، أو حبّرت فيه صوتًا! رسالتي هذه لإخواني (عمّال النظافة)! فإنني تعجبت أيما عَجب من تراكض العمال على النظافة، ومن حرصهم على أن تبدو (الجنادرية) أجمل، وطرقاتها أنظف! والعجيب هو الدأب والنشاط على مدار الساعة، وهذا الذي جعلنا -نحن رواد المهرجان- لا نرى من المخلفات ولا معشار معشار ما يمكن تصوّره من مخلفات أعداد كبيرة كانت (الجنادرية) تستقبلهم كل يوم، وإذا كان شكري هذا لن يصل إلى من باشر ذلك العمل الطيب، فإني (أجيّر) شكري إلى المسئولين عن هؤلاء العمال، ذلك أن متابعتهم لهم سبب في عدم توانيهم عن القيام بما أوكل إليهم.

وقبل أن أضع القلم أحب أن أختم مقالتي هذه بعدة مقترحات لعلّ من شأنها أن تسهم في الارتقاء بهذه المناسبة الوطنية السعيدة في أعوامها القادمة، ومنها:

1- أفضّل أن يوفر (سِوار) قابل لكتابة الاسم ورقم الجوال، ليوضع في معصم (الطفل/الطفلة) منذ دخوله مبنى القرية إلى خروجه منها، بهدف الاتصال بأهله حال ضياعه عنهم، والضياع أمر متوقع لا سيما في أيام نهاية الأسبوع، ويمكن أن يستفاد في إعداد هذه (الأسورة) من المدن الترفيهية التي تتعامل مع الأطفال عن طريقها.

2- أقترح وضع أسهم ثابتة مميزة بألوان متغايرة تبتدئ من مدخل القرية بحيث تسير بالزائرين إلى الأجنحة بانسيابية، لتضمن لهم الدوران الكامل أو شبه الكامل، دون أن يكون الواحد -ولا سيما أوقات الذروة- كمن يدور في حلقة مفرغة؛ يرى بعض الأجنحة عدة مرات، في حين لا يتمكن من الوصول إلى كثير من الفعاليات! ويمكن أن يكون لون هذه الأسهم الإرشادية بألوان تتفق وألوان المداخل؛ بحيث يكون لكل مدخل لون واضح، ويمكن أن يكون هذا اللون بارزًا في المدخل (كالشعار له)، بحيث يعلم الزائرون أن اتباعهم هذا اللون كفيل أن يريهم القرية، ويعود بهم إلى البوابة التي دخلوا منها.

3- ماذا لو توافرت (عربات خدمة) لنقل بضائع الزائرين ومقتنياتهم وهداياهم، خاصة أن الأحمال قد تثقل في نهاية المطاف، فلو وضعت عربات تأخذ (الأكياس) وتسلمها أصحابها عند البوابة لكان أفضل، ويمكن لتنظيم هذه العملية أن يكون العامل الذي يستلم الأغراض من الزائر مميزًا برقم بيِّن على قميصه، وذلك ضمانًا لعدم التلاعب بالأغراض؛ لأن العامل إذا علم أنه مسؤول عن محتويات هذه العربة فإن حرصه عليها سيزداد، كما يحسن أن يكون هناك (كرت) من جزءين: أصل وكعب، بحيث يتسنى لصاحب الأغراض استلام حاجاته من المسؤول في البوابة بعد مطابقة رقم الأصل الموجود مع صاحب الأغراض برقم الكعب المرافق في مكان بارز مع العربة.

وفي الختام فما زال في الجعبة بعض الاقتراحات، آثرت الإشارة إلى بعضها في هذه المقالة؛ لأعود مختتمًا مقالتي بالذي افتتحتها به، وبنيتها عليه وهو التقدم بالشكر لكل مخلص يحرص على هذا الوطن الغالي حتى يظهر لأهله والمقيمين فيه كما ينبغي أن يظهر به.






 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد