Al Jazirah NewsPaper Thursday  22/04/2010 G Issue 13720
الخميس 08 جمادى الأول 1431   العدد  13720
 
صرخة حجر.. جاءت مبحوحة !!
تهاني الخريجي

 

في زخم من المسلسلات التركية المدبلجة والتي تلاحقت بطريقة قد لا يتعجّب المشاهد منها، إذا عرف أنّ مطلعها استفتتح بأبطال الدراما الرومانتيكية لميس ويحيي وعمالقة العشق نور ومهند .. في حلقات مثيرة للعواطف وعرض للحب تارة مغلف بمشروعية الزواج الشرعي في أقل الضررين .. احترازاً من اللوم الشرقي ذي الأصول العربية .. واستنساخاً للذوق الأوروبي، وفي محاولة لتبرير اللقطات الحميمية لعلاقة بريئة انتهت بالحمل السفاح تارة أخرى..!

في ظل تلك الدسامة والعرض المبتذل، خرج مسلسل قد يكون الأول من نوعه فيما طرح في القناة السبّاقة لعرض المدبلج من المسلسلات التركية, مسلسل مختلف - كما حسبناه - في فكرته وموضوعه وقضيته! يعرض جانباً إنسانياً يحمل أبعاداً دينية وعرقية, وينافح عن قضية المسلمين الأولى في القدس .. آثر أربابه تسميته صرخة حجر تأسياً بتلك القطع الصغيرة في أيدي أبطال الواقع لا المسلسل .. حيث لم يمثل الحجر من اسم المسلسل شيئاً! ولم تبرز لقطة من ذلك الحجر الذي يصرخ سوى لقطة عرضت على استحياء بإخراج ركيك مرة أو مرتين! فجاءت صرخات الحجر مبحوحة، وصوته بارد متقطع .. لدرجة أنّ المخرج فضّل عرض المقاومة المسلحة على حجر المقاومة أكثر مما تحتمله في أرض الواقع .. وجعلها هي السائدة في الشوارع .. وكأنّ كل بيت فلسطيني يملك بعضاً من أنواع تلك الأسلحة..! بينما الحقيقة أنّ الحجر هو سيد الموقف فعلاً .. والقضية هي قضية الصغير قبل الكبير.. والدفاع من الجميع دائماً كان مستميتاً! والحق يقال إن المسلسل في بداياته قد أفلح في عرض صورة الظلم الذي يعيشه الشعب الفلسطيني.. والمعاناة اليومية التي يمر بها إخواننا هناك .. فك الله قيود الظلم، و أطلق عقال من رُبط من العالم الإسلامي لنصرتهم. ففرحنا وصفّقنا في البداية لتلك الشفافية وإن كانت مؤلمة، إلاّ أنها قد تحرك مشاعر ماتت وانحصرت دقات قلبها في معاني الحب والهيام .. وسحقت أحاسيسها تحت أقدام راقصات الفيديو كليبات! ثم بعد ذلك نتفاجأ! وإن كنا لم نتفاجأ حقيقة إن علمنا أن (المخرج عاوز كده) في كل ما تعرضه قنواتنا الموقرة؛ تفاجأنا بتحول مجرى القصة من رائحة الدم والألم والتضحية .. إلى دسائس العشق والغرام .. وتبادل نظرات حب برره أصحابه فيما بعد بأنّ (العرق يحن)! في علاقة مبطنة بين فتاة فلسطينية وبين ضابط إسرائيلي، اكتشف سر ذلك الهيام متأخراً في أنه من عروق فلسطينية! ويصل الأمر إلى أن ينصب محور القصة لهرب تلك العاشقة مع ذلك الشاب .. ليُقتل مع عشيقته فداء للحب .. وسط لامبالاة لغضب الأم .. وفي ظل غياب القضية الأم!

والأدهى والأمَر أنّ صرخة الحجر تُخرس وتموت في نهاية المطاف, بانتحار رمز القوة في القصة .. تلك العجوز التي وقفت في كل تفاصيل حياتها مع منعطفات القضية .. أم الشهداء .. التي تمثل دور المرأة الفلسطينية في صبرها وجَلَدها وتلقينها لأولادها أبجديات المقاومة والنصر منذ المهد، والتي لا تزداد مع الألم إلا أملاً، ولا يمنحها الظلم سوى دروساً أقوى في الصبر الفريد من نوعه, الذي ما ولد إلا على عتبات الأقصى فقط..! فأين تلك المعاني وأين ذلك الإيمان الراسخ عندما ينتهي بالانتحار..!!؟؟ وما الهدف الذي يتحقق بقتل الحق لنفسه، وانتحار ذلك الرمز في نهاية القصة ؟! فهل هو تمادي في الدراما لتكون جميع النهايات غير سعيدة أو حتى حالمة ؟؟! أم يا ترى هي رسالة مبطنة بأنّ القضية انتهت وانتحرت هي الأخرى .. ورحلت مع من رحل؟!!!

أتساءل .. هل نطلب الكثير عندما ننتظر إعلاماً هادفاً يسلط الضوء على قضايا العالم العربي والإسلامي بجرأة ومصداقية ؟ بما يحقق غاياتنا السامية فقط .. دون أن نذيب فيها معاني ليست منها, أو نصهرها في قوالب بعيدة كل البعد عن مغازيها! ولا عجب إن عرضنا أنفسنا بصورة مبتذلة (في الطريق إلى أمريكا) إن كانت صورتنا أمام ذواتنا مهزوزة، وطرح قضايانا بيننا مغلوط, وصوت صرخاتنا .. بائسة!

نعم لقد أغضب المسلسل اليهود, وقاموا وما قعدوا لقتل أي محاولة فيها بعض من روح الجرأة للوقوف في وجه المحتل الغاشم .. لكن المسلسل وإن كان قد أثار ذلك الجدل الإسرائيلي؛ إلاّ أنه في الوقت نفسه لم يرتق إلى مستوى الأمل العربي والإسلامي في الطرح الهادف, والعرض المنطقي المتقصي للواقع والصواب!

Xto2X@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد