Al Jazirah NewsPaper Monday  26/04/2010 G Issue 13724
الأثنين 12 جمادى الأول 1431   العدد  13724
 
حولها ندندن
ذكرى النكبة
د. جواهر بنت عبد العزيز آل الشيخ

 

(اثنان وستون) خريفا كئيبا في حياة الأمة الإسلامية والعربية، مرت على نكبة الاحتلال الصهيوني الغادر الذي جاء من كل حدب وصوب لاغتصاب الأراضي العربية وتكوين ورم خبيث مزروع في كيان أمتنا، مدّعيا حقه الديني والتاريخي في فلسطين، ثم في القدس، ثم استمرت أطماعه وما زالت فاغرة فاها تريد التهام المزيد من الأراضي العربية بلا حدود سوى من الماء إلى الماء، أي (من المحيط إلى الخليج).

ثم أصابها (الرعب الأمني) حتى وصل لدرجة الفزع، فزرعت الفتن المدروسة بين أبناء أمتنا الواحدة حتى شرذمتهم، وازداد تورم قوتها وعدتها وعتادها ونمت ترسانتها النووية نموا خبيثا، وقاومت كل دفاع من مسلم عربي اعتُدي عليه واغتصبت أرضه وحقوقه، باعتداءات سافرة وحروب همجية، فقابلت الحجر بصواريخ قاصفة هادمة قاتلة.

وتكاتف اليهود في كل مكان ودعموا هذه الدولة الغاصبة بكل وسائل الدعم المادي والمعنوي بل والديني، ومع كل هذا فهم ينادون بالديموقراطية، بينما هم أبعد ما يكونون عنها، ويدّعون أنهم يحاربون الإرهاب، وهم في واقع الأمر الملحوظ أهل الطغيان والإرهاب والإجرام الغاشم.

ثم هاهم مع أعوانهم الغربيين، وحلفاؤهم في كل مكان يدعون إلى نبذ التطرف وحب الآخر، بينما هم من تجمّع على أساس عرقي وعقيدة دينية محرّفة! بل ويطالبون الآخرين باحترام مشاعرهم الدينية وتقدير معتقداتهم، بينما هم من ينكر أي حق ديني أو وطني أو تاريخي للمسلمين في فلسطين عموما والقدس على وجه الخصوص.

وهم من يمثل الإرهاب الحقيقي الذي يلاحق الأبرياء حتى في عقر دورهم، ومع ذلك يطلقون سمة التطرف والإرهاب على العرب والمسلمين حينما يدافعون عن أنفسهم أو يحاولون ولو مجرد محاولة تحرير جزء من أراضيهم السليبة، أو بناء قوتهم العسكرية التي تقيهم شرها وأمثالها.

وقد توهمت دولة إسرائيل وأوهمت بأن مصيبة الاحتلال ستنسى بالتقادم الزمني، ولكن هؤلاء أبناء الجيل الرابع من الفلسطينيين المغبونين يحيون ذكرى الاحتلال المريرة الظالمة، رغم كل العوائق التي وضعها الصهاينة الباطشون، ورغم كل الإحباطات التي زرعها العرب وجنوا ثمارها المرة، وتجرع علقمها أهالي الوطن الأسير.

قد يقول بعض المثبطين: {تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ}؟ أو: {إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ الْقَدِيمِ}؟! بيْد أن ردي عليهم في هذه الذكرى الكئيبة الأليمة هو قوله عزّ من قائل: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}، وإذا متفائل بعض الشيء قال: ولكن أنّى لنا فعل ذلك في ظل كل الظروف السلبية الحالية؟ أقول لهم ما قاله تعالى في الدستور القويم الذي ارتضاه لعباده المسلمين الصادقين: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}.

ختاماً : هذه نفثة من نفثات الألم الديني والوطني في ذكرى غير سعيدة، لكنها مازالت قائمة قاتمة، تنتظر من العقلاء حلا حقيقيا، لعل وعسى، ثم لعل وعسى، والله خير مستعان.



g.al.alshaikh12@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد