Al Jazirah NewsPaper Wednesday  28/04/2010 G Issue 13726
الاربعاء 14 جمادى الأول 1431   العدد  13726
 
بعض أسئلة التعليم العالي للمرأة في حضرة جامعة الأميرة نورة وجامعة الملك سعود
د. فوزية عبدالله أبوخالد

 

استضافت عميدة مركز الدراسات الجامعية للبنات للعلوم الإنسانية بجامعة الملك سعود د. الجازي الشبيكي وطاقمها الإداري وكادرها الأكاديمي وطالبات الجامعة هذا الأسبوع الأميرة د. الجوهرة آل سعود مديرة جامعة الأميرة نورة لتتحدث عن تجربتها الشخصية والأكاديمية. وقد كانت تلك الاستضافة محط

تقدير على أمل أن تكون بادرة أولى لإرساء نوع جديد من تقاليد التبادل المعرفي الحواري بين مؤسسات التعليم الجامعي لجهة فصائله النسائية التي بحكم واقع الفصل الداخلي لنشاطاتها إذ لم نقل العزل لم يكن متاحا لها فيما مضى من تاريخ التعليم الجامعي مثل ماكان متاحا لفصيل التعليم الأكاديمي الرجالي بعض من صلاحيات التنظيم لمثل هذه اللقاءات المعرفية المفتوحة إلا في حدود محدودة من اللقاءات العلمية المتباعدة بين الأكاديميات السعوديات التي لم ينتج عنها قط تعاون أكاديمي منظم ومقصود حول برامج محددة تسمح لمثل هذا التعاون بالاستمرارية وبأن يتجاوز حدود التعارف الفردي إلى العمل المؤسسي المشترك الذي تتعدد فيه أطياف الطرح الأكاديمي ويتسامح مع الاختلاف. ولقد لفت نظري في تلك الاستضافة عدا عن ملاحظتي السابقة أن تجربة الضيفة الكريمة كانت مثار فضول معرفي كبير من قبل عدد واسع من الطالبات كما كانت محط عدد من مداخلات أستاذات الجامعة إلا أنه نظرا لظروف ارتباطي في نفس موعد محاضرة الضيفة بموعد محاضرة من محاضرات نصابي الأكاديمي فقد اضطررت لمغادرة المكان دون أن تتاح لي فرصة طرح بعض الأسئلة المتعلقة بشأن بعض الأوضاع العالقة أو الطموحات المعلقة في مجال التعليم الأكاديمي في حيزه الخاص بالمرأة والذي ضرب عليه شئنا أو أبينا وسواء اعترفنا أو أنكرنا نوع من السياج الذي حرمه من المساواة في الصلاحيات والفرص المطلوبة كمعايير عالمية للجودة والتطوير. ومع أنني كنت أرى في وجود كل من د. الجازي الشبيكي عميدة مركز الدراسات للعلوم الإنسانية ود. أمل فطاني المسؤولة عن الأقسام العلمية بالجامعة ومديرة جامعة الأميرة نورة وذلك الجمع من الأكاديميات والطالبات فرصة لطرح الأسئلة وتداول الرؤى والتفكير المشترك في الحلول حول بعض تلك المسائل العالقة فقد كان يساورني تساؤل بحكم لوعة خبرات سابقة عن مدى الصلاحيات المتاحة للنساء في الحيز الأكاديمي والإداري المعطى للفصل في تلك المسائل المتعلقة. على أن مالا يدرك جله لايترك كله وهذه بعض الأسئلة التي أرجو ألا تطوى في الصحيفة لتتيبس بل تجد إجابات شجاعة ليس فقط من قبل أولئك السيدات الفاضلات الواقفات في مهب الريح بين التقليد والتجديد بل وأيضا من قبل الغيورين على مسيرة التعليم العالي إن أردنا لشراكة المرأة في مسيرة تطوير التعليم الجامعي أن تكون شراكة قول وفعل وليس مجرد مواقع للتجميل الإعلامي ولترصيع البوابات الإلكترونية للجامعات فيما لايتاح لها أكثر من إدارة أزمات العزلة والإلحاق.

ومن تلك الأسئلة التي أوجهها عبر هذا المنبر:

1 - كان أول الاسئلة التي كنت أود طرحها على الضيفة والمضيفة والحاضرات وهو سؤال ماهي درجة الصلاحيات المتاحة للنساء قيادات إدارية وكوادر أكاديمية في مؤسسات التعليم العالي؟

2 - كان هناك سؤال عن كيفية تحقيق الاستقلال الإداري والمالي لمؤسسات التعليم العالي الخاصة بالنساء في مجتمعنا أو ماهو قائم منها كتكوينات مرتبطة بالجامعات مثل مركز الدراسات الجامعية للبنات في علاقته بجامعة الملك سعود مع توفير شروط ومناخ الشراكة الأكاديمية بين الرجال والنساء.

3 - كان هناك أيضا سؤال لماذا لم يقم إلى الآن أي مركز بحثي على الإطلاق يتوجه نشاطه البحثي للدراسات النسوية. وقد يبدو ظاهر هذا السؤال أو المطلب غريبا في تركيبة التعليم الجامعي للبنات بمجتمعنا الذي تبدو خامة خيمته خامة نسوية خاصة إلا أن ذلك ليس صحيحا على مستوى الإطلاق. إذ إن هناك فارقا موضوعيا ومعرفيا بين مؤسسة بحثية تعنى بالدراسات النسوية بأطر نظرية وأدوات علمية متخصصة في هذا المجال وبين مؤسسات جامعية نسوية منفصلة يدور نشاطها البحثي حول عوالم النساء استجابة لوضعية تركيبتها النسوية الخالصة بناء على الظرف الاجتماعي وليس بناء على القصد المعرفي.

4 - كنت أريد أن أسأل عن الفارق النوعي بين تجربة منفصلة تماما ومرصودة لتعليم المرأة العالي فقط لاغير مثل تجربة جامعة الأميرة نورة خاصة على أثر استقلالها بعد حل الرئاسة العامة لتعليم البنات التي كانت تابعة لها وبين تجربة مثل تجربة مركز الدراسات الجامعية للبنات التابعة ماليا وإداريا لجامعة الملك سعود والمنفصلة عمليا في نفس الوقت على مستوى أكاديمي عن الجامعة.

5 - كان هناك سؤال محدد لازال بودي أن أوجهه للمسؤولات والمسؤولين بجامعة الملك سعود تحديدا وهو: ماذا عساهم يقولون للجان الفحص العالمية التي تأتي لتفقد معايير الجودة وإقرار الاعتماد الأكاديمي عن غياب المرأة عن معظم لجان التطوير وعن مختلف مجالس الجامعة صاحبة القرارفي الشؤون الإدارية والأكاديمية؟ بماذا يبررون لهم ذلك الموقع الملتبس المزدوج المرجعية الفاقد الصلاحيات لمركز الدراسات الجامعية بأقسامه للعلوم الطبيعية والإنسانية من تركيبة الهيكل الجامعي على الرغم مما يمثله المركز بقسميه عدديا (طالبات وطواقم عمل ) من نسبة عالية بالنسبة لعدد منسوبي الجامعة طلابا وطواقم عاملة.

6 - إلى متى سيجري في بعض جامعاتنا من قبل بعض الأقسام بل والمرجعيات القيادية التعامل مع اللجان الخارجية حين قدومها لتفقد معايير الجودة بعقلية « أبلا حكمت» « فيلجأ بعضهم إلى مطالبة أعضاء هيئة التدريس بحفظ الرؤية والرسالة والأهداف عن ظهر قلب خشية أن «يفشلونهم» أمام تلك اللجان. وكأن الاعتماد الأكاديمي هدف لذاته ليس إلا بعيدا عن إنجاز تغير نوعي حقيقي داخل الجامعة كنظام وككوادر وطلاب وكمنهج. هذا في الوقت الذي شكلت فيه كثير من تلك المعايير مطالب وطنية ومعرفية مبكرة بادر إليها ويبادر إليها نفر من أعضاء هيئة التدريس وكان ولايزال ينكر على بعضهم أخذ تلك الأمور مأخذ الجد بل أن اتخاذ مواقف نقدية صادقة والعمل الأكاديمي الدقيق قد يجر على أصحابه نقمة من لايريدون أكثر من تغيرات شكلية هنا وهناك لاتغير مجرى الأمور تغييرا جذريا قد يكونون لو تحقق هم من أوائل المتأثرين سلبيا به.

7 - كان هناك تساؤل عن نوع وأفق التعليم العالي المراد للمرأة السعودية والهدف منه بعد هذه السنوات من عمر التعليم الجامعي للنساء. هل أدى وجود التعليم الجامعي للبنات إلى تغيير نوعي في الموقف الاجتماعي من المرأة سواء موقفها من ذاتها أو من فصيل نوعها الاجتماعي أو موقف المجتمع منها بما فيه المجتمع الأكاديمي أو أنه أدى إلى إعادة إنتاج العلاقات القديمة وإن كانت بصيغ تبدو جديدة.

8 - كان بودي أن أسأل عن إمكانية إقامة خطة استراتجية للتعاون الأكاديمي بين الجامعات تتيح فضاء من الحوار العلمي والاجتماعي الحر بما نتجاوز به تلك «التصنيفات التنفيرية» في نظرنا لبعضنا البعض كآخر مغاير بما تجسده تلك النظرة من تكريس لأشكال التعصب حتى على المستوى المعرفي والفكري. والغريب أننا قد نتسامح في التعاون على ماهنالك من اختلاف في القناعات مع جامعات الخارج ونقر لهم بحق الاختلاف بينما نتعصب إزاء بعضنا البعض وننكر علينا حق التعدد والاختلاف ويريد كل منا مناخا أكاديميا لايتنفس فيه أحد سواه.

9 - وأخيرا كان يهمني أن أسأل هل يمكن في عملية التعليم العالي أن نستمر في بنيتين متوازيتين لاتلتقيان ولاتتقاربان في الفضاء المعرفي الذي لايمكن التحليق فيه بجناح واحد. وهذه ليست دعوة للاختلاط كما قد يحلو للبعض فهم الأمور فذلك من الأمور الخلافية التي لاتحسمها آراء فردية معها أو ضدها من هنا أو هناك ولكنها بالتأكيد دعوة صادقة لطرح الأسئلة ولإعادة تقييم التجربة بعد مايزيد عن ربع قرن على بدايتها دون التشبث بإجابة واحدة في موضوع يعني عدة أطراف وعدة أجيال ويحتمل عدة حلول في إطار الوحدة الوطنية والتعدد.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد