Al Jazirah NewsPaper Wednesday  28/04/2010 G Issue 13726
الاربعاء 14 جمادى الأول 1431   العدد  13726
 
راكب مجاني
شريف الأتربي

 

أصوات عالية غير واضحة تتداخل مع بعضها البعض مكونة ما يشبه الحديث غير مفهوم المعنى، وصوت من الميكروفون ينادي على راكبي آخر قطار لهذا اليوم، الجميع يجري ويتدافع نحو أبواب القطار، زحام شديد الكل يمني نفسه بمقعد أو حتى زاوية يتكئ عليها حتى نهاية رحلته، وأخيراً بدأت عجلات القطار تدور رويداً رويداً، وفجأة تنشق الأرض عن آخر راكب يريد اللحاق بالقطار، أفسح له الجميع ظناً أنه سيكون رفيق الرحلة، ولكنه خذلهم وتسلق النوافذ بسرعة كأنه لاعب في سيرك أو محترف تسلق جبال، واستقر به المقام أعلى عربات القطار، وتعجبت مما فعل وسرحت بي ذاكرتي حين كنت في نفس عمره، وكيف كنت أجتهد لأكون رقم (1) في عملي، وهو الرقم الذي يتنافس عليه دائماً من يرغبون في التميز وأيضاً من يرغبون فيه دون بذل أي جهد، وكلما اجتهدت وتعبت وأبدعت وتخيلت أني أخيراً حققت هدفي أجد من يحتل الرقم (1) قبلي رغم علمي بحاله ووضعه وقدراته، وقررت أن أقطع شكي بيقيني فسألته لماذا أنت دائماً رقم (1)؟ فرد بعبارة ما نسيتها ولن أنساها: أنا آخر راكب للقطار وليس فيه ولكن أعلاه، أقطف ثمار الآخرين وأنسب ما لهم لي وأصل قبلهم، فأنا أركب القطار بالمجان وأصل بلا أي مجهود مني إلى أي مكان قبل الجميع فأكون متواجداً في المحطة الأخيرة، وحين أنزل من أعلى القطار أضحك عليكم جميعاً، كيف تتكدسون داخل هذه العربة وتتدافعون وتتشاجرون على لا شيء وأظل أضحك على ما أنتم فيه حتى يصل القطار إلى حيث أريد فأقفز منه سريعاً وأتقدم الجميع فأنال الثناء وأسمع صوت الأكف مصفقة لما لم أفعله فتأخذني الحماسة وأصدح بقول عن غير عمل، وبذلك أكون قد حققت هدفي بلا أدنى تعب أو نصب فكن مثلي يا صديقي راكباً مجانياً!. تمنيت أن أكون مثله ولكني سألت نفسي وأسألك أنت أيضاً هل يتذوق طعم الثمار من لم يزرعها؟




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد