Al Jazirah NewsPaper Thursday  29/04/2010 G Issue 13727
الخميس 15 جمادى الأول 1431   العدد  13727
 
الحبر الأخضر
ماذا بعد التعداد !!
د. عثمان بن صالح العامر

 

التنمية المستدامة الناجحة ترتكز أولاً وقبل كل شيء على التخطيط السليم الشامل، ومن أهم ركائز التخطيط عبر التأريخ الإحصاء السكاني والحيوي «الموارد البشرية» وكذا الرصد والمعرفة التامة للموارد الطبيعية التي حباها الله هذا الوطن أو ذاك، ولذا كان قيام وزارة الاقتصاد والتخطيط ممثلة بمصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات بالتعداد العام للسكان والمساكن في المملكة العربية السعودية هذه الأيام، ومن نافلة القول هنا التأكيد على أهمية تعاون الجميع مع ممثل التعداد وإعطائه المعلومات الصحيحة والدقيقة سواء ما يتعلق بالسكن أو عدد الأبناء ومن يقطن البيت، ومع جزيل الشكر والتقدير سلفاً للجهود التي تبذل من قبل فرق التعداد في جميع مناطق المملكة إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام، ماذا عن الشق الثاني «التخطيط»، وهل توظف هذه الأرقام توظيفاً حقيقياً في رسم الإستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة المنشودة؟ أينها من خطط التنمية التي تصدرها الوزارة؟، أين الدراسات العلمية التي تنبني على الأرقام التي يخلص إليها الباحثون الميدانيون في مناطق المملكة العربية السعودية من خلال التعداد العام؟، ثم ماذا بعد كل هذا الجهد، وهذه الدراسات والأبحاث إن وجدت يوماً ما؟ هل يعتمد عليها في إقرار المشاريع التنموية المختلفة من قبل الوزارات المعنية؟، وهل يتفتق الذهن عن حلول ناجزة لمشاكل قائمة ومعوقات جاثمة على صدر تنميتنا السعودية لمن يصعب تقديم الخدمة لهم بالشكل المتكامل والمطلوب؟، وسؤال بسيط جداً أسوقه هنا مجرد مثال وأتسأل عنه ويتسأل عنه معي كل من دقق في أرقام التعداد العام للسكن والمساكن 1425هـ، في منطقة واحدة مثلاً عدد القرى والهجر «المسمى السكاني» التي يقل عدد المساكن فيها عن عشرة بيوت «134» مائة وأربع وثلاثون قرية!!، والحال في الكثير منها إلى هذا التاريخ كما كان وسيظل، ومن زارها واطلع على حال أهلها عرف شيئاً من الحقيقة وما خفي أعظم، هذه القرى المتناثرة والهجر المتفرقة فضلاً عن كونها من معوقات التنمية المستدامة والحقيقية التي ينشدها ولي الأمر ويتطلع إليها ستظل بحاجة إلى كثير من سبل العيش المتكامل الذي يرغب الوصول إليه كل من قال إنني سعودي سواء في مجال الخدمات الصحية أو التعليمية أو الطرق أو التوعوية أو...، أين المراكز الحضارية المتكاملة التي تجمع الخدمات الأساسية جميعاً في مكان قريب من هذه القرى والهجر وما شابهها لتخفف الهجرة إلى المدينة الأم وتحقق بناء إنسان الأطراف كما هو الحال في المركز؟، أعلم أن هناك حسابات ومبررات عدة لوجود هذا الكم من القرى الصغيرة التي لا تملك مقومات البقاء المتكامل والحياة الرغيدة التي يتمناها كل مخلص لمواطني هذا البلد المعطاء ومن قبل ينشدها ويسعى لتحققها ولي الأمر، ولكنني أعرف في ذات الوقت أن مشروع المؤسس لهذا الكيان العزيز جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله-، لتوطين البادية كان خطوة متقدمة في بناء إنسان الوطن ومرحلة أولى لابد أن يتبعها خطوات متتالية تتضافر على صياغتها وتحقيق تكاملها واكتمالها جميع الوزارات المعنية كل في تخصصه وحسب إستراتيجيته الوطنية الشاملة. هذا مجرد مثال والأمثلة التي يمكن استخلاصها من الأرقام كثيرة ومتنوعة وربما هناك أرقام لم تنشر بعد لعامة الناس تعطي مؤشرات ودلائل مهمة بنى عليها صاحب القرار الوزاري سياساته التنموية في قطاعه الخدمي، إنني وأنا أثمن وأبارك جهود وزارة الاقتصاد والتخطيط أتطلع إلى تكوين فرق بحثية علمية متخصصة في كل منطقة من مناطق المملكة تدرس الأرقام وتظهر المؤشرات وتضع التصور الكامل وخارطة التنمية في بعدها النظري بين يدي صاحب القرار، يترأس كل فريق ويشرف على أعماله مقام إمارة المنطقة، قد يقول قائل إن هذه موجود وإن الركيزة الأساس لإقرار أي مشروع حكومي حتى ولو صغر عدد السكان في المكان المطلوب، وإن مجالس المناطق تبني توجهاتها التنموية على هذا الأساس، والقول عندي إنني أتطلع إلى دراسات متكاملة توجد الحلول الحقيقية لمن لا تتوفر فيهم شروط قيام الخدمة لديهم ولا ينتظر حتى تطلب هذه الخدمة أو تلك بل يبادر إلى جعلها قريبة منهم أو هم قريبون منها حسب ما يتوصل إليه وحسب المعطيات والمؤشرات، والدراسات التنموية المتكاملة والتوظيف الأمثل لهذه الأرقام ذات الدلالة القيمة هو الطريق والسبيل الصحيح لتحقيق تنمية سعودية مستدامة وبناء إنسان الوطن كما هي متطلبات القرن الجديد وإلى لقاء والسلام.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد