Al Jazirah NewsPaper Thursday  29/04/2010 G Issue 13727
الخميس 15 جمادى الأول 1431   العدد  13727
 
لما هو آت
خذ بيدي..!
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

لسان حال الصغار لآبائهم، هو لسان هذا الصغير لأبيه:

أبي: حين أنهض للمدرسة، أيقظني قبل موعدها لأقيم معك الصلاة، فأنت أقرب الناس لي، وأشدهم خوفاً علي، وأولهم سؤالاً عني، وأكثرهم محبة لي،..

وحين أجهل فخذ بمعارفي لموارد الإفهام، زودني بالخبرات النافعة، أخرجني من ظلمة الجهل لنور المعرفة، افتح ذهني على العالم، أرني الصواب فيه والخطأ، لا تكبح ذاتي عن ممارسة فطرتها، لكن كن بجواري بكل السنوات، وما على كاهلك قد تركت من آثارها، اقطف لي منها ما يجعلني أدرك ما حولي، وأعرف منافذ الحياة، وإغواء الدنيا، فأنت كلما كنت بجواري، زادت ثقتي، حتى أصبح في أمان داخلي، يمكنني من تثبيت بنائي، فإذا ما شب عودي، وتمكنت من الخروج للحياة، واصطدمت بأحراشها، وطميها، وحجارها، وواجهتني هاوياتها ومزالقها، كنت قادراً على الخلوص، والنجاة بما فيها من الخير، وبما فيها من العمار، كان في نفوس البشر، أو في مقدرات هبات الله فيها،.. خذ بيدي وعلمني، اصبر علي كثيراً، وخذ بيدي، ارحم ضعفي, فلا تسلط علي قوَّتك، فتُظلم النوافذ أمامي، أنا ريشة بين يديك إن لم تضعها من الجناح في مقدمته، طار طائري يتعثر، وأسقطني لأصبح لقمة سائغة للجوارح من نسور الأرض, أو غربانها،.. أنا أنت فكيف إن تركتني للريح, والسيل وجلاميد القمم, يحطها الواصب على رأسي.., أنت بلا ريب لا ترتضي أن تسحقني رحى الفقر، من العلم، والدين، والخلق، فلا تكن فظاً معي، ولا متسلطاً علي، ولا جاهلاً بمراحل احتياجي لك، ولا تتخلى عن مسؤوليتك عني، إذ لا يكفي أن تلبسني، وتؤكلني، ولا أن تسكنني، ولا أن تزجني في مدرسة لا تعلم عني شيئاً، أو للشارع لأكون نهباً للضباع، والثعالب، والمستنقعات، أعني على الستر، بلباس آخر خذ بيدي إليه، لباس التقوى الذي سيكون ستراً لك يوم الحساب، دربني على العمل بدستوره الإلهي، لأقدم لك تاجاً من نور, في عرصات اليوم ذاته، كن لي القدوة في كل أمر، المثال الأمثل في أي موقف، امنحني الكلمة الطيبة ليتجذر لك أصلها في الأرض، ويصعد بك فرعها للأعلى في السماء, امنحني ضحكتك، لا غضبتك، وصفحك لا عقابك، ورحمتك لا جبروتك...

يا أبي أنا ابنك المتطلع للحياة الطيبة، القادم إليك على الفطرة، الأمانة بين يديك، فخذ بيدي إلى مسالك السعداء في الدارين، لأكن في القادم من العمر على سيرتك مع أبنائي، ساعدني يا أبي على معرفة ربي لأكون بك باراً، وتكون أنت بي سعيدا..

خذني أبي للحق كي أكون متبعاً له، متجنباً الباطل..,

فتلك رسالتك، التي سأقرؤها حين أجلس في مكانك، وحولي أبنائي.., فأنهج نهجك، وأنا أدعو لك.. أواصل برك.. وأتطلع لمرضاة الله فيك، ومن ثم فيهم، حين أتطلع لها في ذاتي...

مع التحية لكل أب..




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد