Al Jazirah NewsPaper Friday  30/04/2010 G Issue 13728
الجمعة 16 جمادى الأول 1431   العدد  13728
 
المسكوت عنه
نبلاء حائل نجوم سطعت من بينها الشمس
د. حمزة بن محمد السالم

 

قصص النبلاء الكرام وأحاديثهم ندرت في هذا الزمان حتى كأنها لم تعد إلا روايات تتلى من بقايا أساطير الأولين، عندما يجتمع هم الوطن مع الإخلاص ويُحكم هذا الهم بالأمانة والنزاهة ويُتوج بالذكاء والفطنة والتواضع ويُلف بلحاف السخاء والكرم تبزغ حينها شموس كرام النبلاء عبر الدهور قرنا بعد قرن، فمثل هؤلاء لا يجود الزمن إلا بواحد لا مثيل له في جيله.

عبدالله الرخيص سعودي مؤمن عشق بلاده وأحب قومه فلم يكتف بذلك، فأبو مصعب ذكي زكي يدرك أن حب الأوطان جبلة قد فُطر الناس عليها فلا يُحمد صاحبها عليها، فما كان منه إلا أن قدم نفسه وماله ودمه - حقيقة لا مجازا- براهين على ذلك العشق.

من فاته أن يعرف النقي التقي، أبو مصعب، فقد فاتته أسطورة الكرم والسخاء والبذل والتضحية والشهامة وحسن الخلق والتواضع والمروءة والحياء قد اجتمعت في نفس كريمة قد ناء بها نحول جسمه وازدانت بها وضاءة وجهه فتحققت فيه معجزة الخالق في الإبداع، فتبارك الله أحسن الخالقين.

عبدالله الرخيص حائلي من أرض هذا الوطن غيور عليه حقا، قد أهمه هم وطنه وقومه فعاهد الله صادقا على أن يساهم في نهضة بلاده وتنميتها في الخفاء بعيدا عن الأضواء والشهرة، فالوطن عند أبي مصعب ليس سلما يُرقى عليه لإدراك غاية أو تحقيق هدف وليس مركبا يُتهادى به أو بقرة تُحلب وتذبح ويؤكل لحمها، بل الوطن صرح الخلود تنفى فيه الأموال والأعمار والأنفس رخيصة هينة، وهكذا فعل ويفعل شهم حائل ونبيلُها عبدالله الرخيص.

برنامج الشمال للتنمية هو بعض حسنات أبي مصعب. وهو وقف أوقفه لله من أجل تنمية هذه البلاد. فما يغرسه اليوم من أصول ثابتة في عقول أبناء هذا الوطن هو استثمار لا يُستهلك بل يُنتج أضعافا مضاعفة على مر الزمان تعود بالخير الدائم على بلاده وقومه لكن بأثر خفي غير مباشر فلا يذكره الناس عند المغانم ولا تحمده المحامد في المحاشر وهذه هي إستراتيجية وقف برنامج الشمال للتنمية. ولم يكتف أبو مصعب ببذل عشرات الملايين في هذا الوقف، فكما رخصت الأموال عند عبدالله الرخيص فكذا رخصت عنده نفسه النبيلة فبذلها فأوقفها مع أمواله.

يعلم الله أنني لن أوفي هذا الشهم النبيل ولو ذرة من حقه لكنني، والله يشهد، أنني أكتب ومروءات أبي مصعب وبذله من أجل الوطن تتماثل أمامي فأغالب دمعا ويغلبني كلما كفكفته هتنا. وأنا هنا أكتب نيابة عن نيف وأربعين الذين شاركوا في أحد برامج التنمية التي يقدمها هذا الوقف (برنامج السعودية أكسفورد للقيادة والإدارة المتقدمة) فقد اشترى أبو مصعب قلوب الأحرار بحسن خلقه وكرمه وتضحيته، وما أسر الأحرار كشهامة النبلاء، ومن لك بالحر الذي يحفظ اليدا!

حرص عبدالله الرخيص على أن يبقى في الظل يعمل بصمت وهدوء وعلى ألا يعرفه أحد فعمل على أن ينسب أعماله إلى غيره، ولكن وطنيا مخلصا شهما نبيلا كأبي مصعب يجب أن يعرفه الناس فهو قدوة في مكارم الأخلاق يُهتدى بضيائها، ومدرسة فريدة تُدرس حقيقة جوهر حب الوطن. وإن مما يجب ألا يُسكت عنه هنا أن بزوغ أمثال أبي مصعب ما كان ليكون لولا وجود الملك الصالح المصلح عبدالله بن عبدالعزيز فهو القدوة والملهم للنبلاء وهو المفجر لهمم المبدعين المخلصين من أبناء الوطن، فالناس على دين ملوكها.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد