Al Jazirah NewsPaper Friday  30/04/2010 G Issue 13728
الجمعة 16 جمادى الأول 1431   العدد  13728
 

قراءة في ديوان (فيض الخاطر) لمعالي الشيخ عبدالرحمن بن إبراهيم أبو حيمد (الجزء الثاني)

 

قراءة : مطلق محمد المطلق

كنا قد سلّطنا الضوء على هذا الديوان في الجزء الأول وأبحرنا في إبداعات شاعرنا عبدالرحمن بن إبراهيم أبو حيمد، وها نحن نكمل الغوص في ثنايا الديوان ونستكمل الجزء الثاني من قراءتنا لديوان (فيض الخاطر).

ليس غريباً على شاعرنا أن يفرد قصيدة رثائية لأمه التي توفيت رحمها الله، لأنه إنسان حساس لم يكد يترك شيئاً يتعلق بالحس الإنساني ككل إلا وطرقه بروح شاعرية قل نظيرها فهاهو يقول عند موت أمه:

موت أمي عليه في الحشاء كاللهيب

مالها أحد يعوض ومالها من بديل

إلى أن يقول:

شفت حشد يصلي خاشع لك منيب

داعياً للفقيدة منك عفو جزيل

لقد ترك رحيل أمه نارا ملتهبة في أحشائه، فليس من البشر من يعوض مكانتها التي لا تضاهيها مكانة، لكنه يعود إلى الإيمان واليقين الذي لا يتزحزح بأننا كلنا إلى الموت سائرون وراضون بقضاء الله وقدره ويدعو لها بالعفو والغفران.

الغربة

وهاهو يهاجر بحثاً عن العلم إلا أن الوطن ووقع الشباب لا يفارقه، فإحساس الغربة لا يوازيه إحساس خصوصاً لمن كانت تجربة الغربة جديدة عليه، شاعر هاجر للعلم يقول:

غريب في دارهم لا شك معلوم

الغرب في كل بلاد ما يبوني

في الفصل أحاول يكون الدرس مفهوم

أتابع اللي يقال من الفنوني

رثاء والده

وعودة للشعور الإنساني فقد فجع شاعرنا بوفاة والده، فكان المصاب جللا إلا أن المسلم لا يقول إلا ما يرضي الله - عز وجل - فبدأ يذكر والده بالخير وبالصفات التي كانت تميزه عن غيره يقول في رثاء والده:

كنت المقدم في جماعتك محمود

بأفعالك اللي خولتك الصدارة

وفي صقر الجزيرة كتب

ونحن نتصفح ديوان شاعرنا الكبير نكاد نجزم بأننا نستطيع ان نجد الحس الوطني متقداً في كل قصيدة مهما كان غرضها وهدفها، فالوطنية سمة أساسية واضحة ومعلم بارز في جبين شاعرنا.. يقول مادحاً ومثنياً على حكم الملك عبد العزيز - رحمه الله - يقول:

تحت الشهادة سيف رمز وعنوان

شعار مملكة آل سعود القديره

بيعه على السنة بلا ظلم واذعان

كل يبيه وساعي في تعميره

وإن كان شاعرنا يحب وطنه حد الغرور، فإنه يحب جميع الأراضي العربية والإسلامية فها هو يعزف لحن حب الأرض العربية من خلال قصيدة رائعة طرزها في حبه للمغرب يقول فيها:

أروح للمغرب ولازلت وأذوح

واللي بقي من العمر لازم نسيره

وهو يشيد بالوطن وحبه في قصائده لايغيب عن باله قائد الوطن وباني نهضته وازدهاره خادم الحرمين الشريفين إذ يقول:

سيدي أبو متعب عن العيب بجنوح

والخير من يمناه بسمع خريره

وقد أشاد في أحد الأبيات بالمؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-:

عنيت أبو تركي عسى الجنة تفوح

بريح العطر والمسك له في سريره

وفي بيت من القصيدة يشيد الشاعر بأن المغرب رغم حبها لا تغنيه عن الوطن فقال:

ماهو بديل للوطن عالي جموح

حيث الوطن روحي وعيني النظيره

إلى أن كتب:

ويا الله عسى المغرب على الدوم بطموح

دايم رقيه والأمن وتعميره

وختاماً..

نعلم جيداً أننا مررنا سريعاً على القليل من قصائد ديوان الشاعر الأستاذ عبدالرحمن بن إبراهيم أبو حيمد (فيض الخاطر) وهي القصائد التي ذكرناها لعدم الاستطاعة لذكر جميعها، وهدفنا اطلاع القارئ الكريم على بعض الجوانب التي تناولتها قصائده، فقد تعدت القصائد الـ(96) قصيدة ولم نتوقف إلا عند القليل جداً منها ومن خلال هذا القليل نستطيع القول بأن الجانب الإنساني طاغيا على ديوانه، وكذلك الإيمان الكامل، إيمان الإنسان المسلم بكل ما تعنيه الكلمة من إيمان فقلما نجد قصيدة لم يذكر فيها اسم الله والرجوع إليه، كما أن حب الوطن عنوان من عناوين هذا الديوان فلم يفارقه لا في حله ولا في ترحاله، كما انه شاعر يحب كل أرض داستها أقدامه، وكذلك العظة والنصيحة من أهم ملامح أشعار شاعرنا، والاعتزاز بالنفس.

والمعلم المهم والبارز أيضاً تلاقح الفصيح بالعامي فالديوان يحمل بين طياته قصائد عامية وأخرى فصيحة ولكل رونقه وجاذبيته، وهذه التشكيلة الفنية والتعاضد بين الفصحى والعامية أعطى للديوان ميزة أخرى.قلنا القليل وتركنا الكثير مما عرفناه ممن قرأناه، ومع ذلك فلم نستطيع الإلمام بكل ما يحمله الديوان من درر، ونترك ذلك للقراء الاعزاء للغوص فيه وقراءة قصائد وليخرج كل منهم بشيء يختلف عن الآخر فقصائده حمّالة أوجه تناسب كل ذوق وتمتاز بالرقي ورهافة الحس وشاعرية قل نظيرها.

***

mmm2711@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد