Al Jazirah NewsPaper Saturday  01/05/2010 G Issue 13729
السبت 17 جمادى الأول 1431   العدد  13729
 
مدائن
التعداد تجاوز مفهوم التبعية (1-2)
د. عبدالعزيز جارالله الجارالله

 

نحتاج في هذه المرحلة من حياتنا التنموية إلى مسؤولين يفكرون بطريقة علمية، ترتكز آراؤهم على أساس علمي ومنطقية في التفكير وقدرة عالية في صنع واتخاذ القرارات، وحقيقة فإنّ الأستاذ عبد الله الباتل مدير مشروع التعداد بمصلحة الإحصاءات العامة، لفت الأنظار إليه في مقابلاته وحواراته الصحفية والتلفزيونية، وهو أمر يعود لتمكنه في إيصال مفهوم وثقافة وفلسفة التعداد، في ظل أنّ هناك وللأسف أشخاصاً وربما مسؤولين يشككون بجدوى عمليه التعداد السكاني، انطلاقاً من أنها هدر مالي وأن نتائجها غير مطبقة ولا تنعكس على قطاع الخدمات: التعليم، والبلديات، والصحة، والشؤون الاجتماعية، والمياه والكهرباء. على الرغم من الفارق والفاصل الواضح ما بين التعداد كعمل لمصلحة الإحصاء وبين تطبيقات قطاع الخدمات.

وأعود لمدير مشروع التعداد الذي تحدث بمهنية وأكاديمية عن مفهوم التعداد وأهدافه وارتباطه بخطط الدولة، وقدرة عبد الله الباتل في توضيح الخط الفاصل أو التماس ما بين اعداد النفوس، وبين الإحصاءات المتعلقة في قواعد المعلومات والاقتصاد والدخولات المالية والمستوى المعيشي والثقافي والاجتماعي للأفراد، نحتاج إلى مسؤولين قادرين على إيصال الأفكار الأصيلة التي تتبنّاها إداراتهم: أهدافها وفلسفاتها وآليات عملها. ولديهم أيضاً القدرة على إقناع المجتمع في جدوى أعمالهم، وهذه من أساسيات نجاح كل إدارة ونجاح المسؤول ... فقد نجح الباتل في إيصال مفهومين هما في غاية الأهمية: مفهوم ليلة الإسناد التي شكلت ضبابية للعديد من الأشخاص .. ومفهوم النافذة الديمغرافية وهي أيضاً أعتبرها البعض ضبابية وتحتاج إلى المزيد من الإيضاح.

وحتى نعطي معلومات دقيقة تقود إلى أرقام صحيحة تساعد وتوجه المخطط وصاحب القرار في اتخاذ القرار الصحيح، لا بد أن نفهم ونستوعب عمل مصلحة الإحصاءات العامة وأساسها ليلة الإسناد، إذ لا يمكن أن يكون التعداد في أي عملية إحصائية ما لم يرتكز على أحد الأساسيات مثل الشمول والعد الفردي للأشخاص والتزامن الذي يشار إليه بالآنية (الوقتية) التي تهدف إلى إسناد بيانات التعداد في فترة زمنية محددة لهذه الليلة ... إذن التعداد يعتمد على ليلة الإسناد الزمني بحيث تسند فيه الخصائص السكانية والسكنية لتلك الليلة لتصبح مرجعية مع ضرورة الاستقرار للمجتمع لتوثيق تلك الحالة.

مصلحة الإحصاءات العامة قادرة أن تعبر عن نفسها لكنها تحتاج إلى مساحة إعلامية، وتستقطب طاقات متميزة في الهندسة والعمارة والتخطيط وتخطيط المدن والدراسات الاجتماعية والجغرافيا والجيولوجي لفهم التخطيط الحالي، واستيعاب أكبر لفكرة توزيع الأحياء وحركة السكان والتغيرات الطبوغرافية المكانية التي أحدثها التخطيط الحديث .. وأعتقد أنّ مدير مشروع التعداد عبد الله الباتل لديه القدرة في بناء خطة مستقبلية للتعداد، يتم الأخذ في الاعتبار التغيرات الأخيرة التي أحدثها التخطيط العمراني الحديث، والتشكيل الاجتماعي والاستيطاني التي بدأت بواكيرة تظهر في التجمعات السكانية، بما في ذلك ضواحي المدن والريف الزراعي والتطور الذي يحدث داخل ما كان يعرف بالاستيطان القديم بهجر البادية.

نحن الآن لسنا في مرحلة عدّ النفوس أو التبعية الوطنية وتثبيت الهوية الوطنية، بل نحن في مرحلة تغذية قواعد المعلومات الشاملة لدعم خطط الدولة التنموية والاقتصادية والاجتماعية .. فبالتأكيد إننا بحاجة إلى الرقم السكاني لكننا بحاجة أكبر إلى خلفية الأفراد من أنماطهم واقتصادهم وصحتهم وتعليمهم ودخولاتهم المالية، وأيضاً بحاجة إلى المنزل (المسكن) بيئته ورفاهيته وتجهيزاته وتقنياته. لذا تجاوز التعداد مفهوم تعداد الأنفس ومفهوم التبعية الوطنية ليقفز إلى المعلومات الشاملة، وهذا الذي أكد عليه مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة الاثنين الماضي بالتفاعل وإعطاء المعلومات الصحيحة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد