Al Jazirah NewsPaper Sunday  02/05/2010 G Issue 13730
الأحد 18 جمادى الأول 1431   العدد  13730
 
على رسلكم .. يا أصحاب القنوات الإباحية !
د. سعد بن عبد القادر القويعي

 

كشفت دراسة ميدانية حديثة أن: «38%» من المراهقين في دول مجلس التعاون الخليجي، ممن تتراوح أعمارهم بين 14 حتى 20 عاماً يشاهدون القنوات الإباحية، وأن «90%» من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من 3 إلى 7 سنوات

يجلسون أمام التلفاز من 5 إلى 6 ساعات في اليوم، و»87 %» من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من 9 إلى 12 سنة يشاهدون القنوات الفضائية العالمية، و»63 %» ممن تتراوح أعمارهم من 12 إلى 14 سنة يشاهدون القنوات الفضائية بعد نوم آبائهم. وقال المشرف على الدراسة - المستشار الاجتماعي والأسري - حجي بن طاهر النجيدي لصحيفة - الوطن - العدد «3489»: إن الدراسة حملت عنوان «تأثير الفضائيات على سلوك الأطفال وانحراف المراهقين»، مشيرا إلى أن الانفتاح الفضائي الكبير خلال السنوات العشر الماضية، أحدث تحولا وانحدارا أخلاقيا خطيرا، وأن في العالم أكثر من 2520 قناة فضائية، حصة العالم العربي منها 485 فضائية».

بعد هذه المقدمة، أقول: إن المشكلة الأكبر هي أن ثورة الجنس والخلاعة والانحلال المنطلقة من قنوات فضائحية، جاءت لتنافس أشد القنوات الإباحية الغربية فجورا، ولتقدم الأفكار التافهة والمعاني الرخيصة. والتي يفوق عددها عدد الجامعات العربية، حيث يختص (61%) منها بعولمة أغاني « فيديو كليب «، تصور من خلالها جسد المرأة بملابس أقل حشمة من ملابس النوم، وهن يحشدن كل أسلحة دمارهن الفاسد، بلغة الجسد العاري والرقص الرخيص، من أجل الإيقاع بالمراهقين من كلا الجنسين.

حدثنا ذات مساء - الدكتور- محمد الحضيف، أحد أساتذة جامعة الملك سعود - سابقا - حديثا لم يفارق ذاكرتي، يحكي الأستاذ عن إحدى الأخوات الأكاديميات، أن طالبة عُرضت على لجنة التأديب بسبب قضية أخلاقية. قالت: إن الطالبة عزت انحرافها السلوكي لمشاهدتها برنامجا معينا في التلفاز. ولم تستوعب تلك الأخت الأكاديمية أن يكون التلفاز مسؤولا عن انحراف أخلاقي بهذا الحجم، وتضيف: أرغمت نفسي على الجلوس أمام التلفاز، لمشاهدة تلك البرامج مع بنات قريبات لي في سن تلك الطالبة وأصغر. فكانت تلك البرامج عبارة عن « فيديو كليب وأفلام مدبلجة». تقول الأخت الأكاديمية: كانت تجربة مخيفة، لقد أحسست وأنا المرأة الناضجة بالأثر التدميري التي تحدثه هذه البرامج في أنساق سلوكية قطعية. الفكرة الرئيسية للبرنامج التي كانت تبرز لي وأنا منهمكة في المتابعة، هي: تطبيع السلوكيات والعلاقات المحرمة بين الرجال والنساء، وأنها أمر عادي يمر به كل مراهق ومراهقة، مرتبطة بفترة معينة يمكن أن تنسى.

هذه الظاهرة التي باتت تسمم وتلوث شاشات الفضائيات، تدور في الفلك المرسوم من أعدائها، لإلهاء الشباب في الجنس وإغراقهم في الأوهام، هي خطوة في طريق محاصرة الدين والعادات والأخلاق. فالهدف من الابتذال هو سلخ الهوية الإسلامية، وإحداث خلل في منظوم القيم والأنماط السلوكية، واستبدالها بقيم دخيلة لتبدو وكأنها نوعا من المتعة العابرة، فتسلب أعز ما تملك من عقول وعواطف أبنائنا وبناتنا، لأن ما يتعلمونه في سنوات المراهقة هو ما يستقر في وجدانهم وأذهانهم.

إن حملات الإثارة الغرائزية التي نشاهدها كل يوم عبر الفضائيات الهابطة، إضافة إلى تقصير المؤسسات والمحاضن التربوية في صياغة وتشكيل فكر الأبناء، بدءا من المنزل وانتهاء بالمدرسة ومرورا بمؤسسات المجتمع المدني تحتاج إلى أن يتكتل عقلاء قومي؛ لتعزيز دور الأسرة والجهات التربوية والتعليمية ومؤسسات المجتمع المدني، في حماية الأمن الثقافي والاجتماعي والاقتصادي للمجتمع وللشباب، من تأثير البث الفضائي السلبي. كما أن إشاعة مناخ من النقاشات والحوارات لتصب في اتجاه زيادة التوعية السليمة، وتعزيز الثقافة الإسلامية، والحصانة الدينية والفكرية لدى أبنائنا وبناتنا، وتحقيق القناعة التامة بمدى خطر تلك القنوات والتحذير منها. وشغل أوقات الفراغ بكل نافع ومفيد. وإعداد دراسات لرصد هذه القنوات والتعرف على مدى تأثيرها على أخلاق وسلوكيات أفراد المجتمع، ومعرفة الحلول اللازمة لمواجهة الآثار المترتبة على مشاهدة هذه القنوات. مع وجود رقابة مشدد عليها، والسعي لإيجاد آلية للتقاضي تسمح للمتضرر بمقاضاة الفضائيات عند مخالفتها شروط الترخيص وقيم المهنة وأخلاقياتها. والعمل على إعداد ميثاق شرف إعلامي جديد للحد من الآثار السلبية التي تخلفها أغاني الفيديو كليب، وإنشاء مرصد إعلامي تكون مهمته متابعة ما تبثه الفضائيات من أغان، وتنبيهها بالأخطاء المخالفة لميثاق الشرف الإعلامي، مطالب مهمة ولا شك.

ما ذكرته سابقا عن تلك القنوات الفضائحية، يؤكد حقيقة مهمة، وهي: أن هذه القنوات الفضائية الهابطة، تبث من منابر إعلامية محسوبة على البيت العربي، ومدعومة من قبل ملاك عرب، وبرأسمالية عربية، من أجل تشويه الحقائق، وتخريب الفكر والوجدان، وإحداث انحرافات في تقاليدنا وقيمنا وأخلاقنا، وتنفث سهامها ببرامج مسمومة على طبق من ذهب. فما نراه ونسمعه في تلك القنوات الهابطة هو ضد الدين والعقل والمنطق، ناهيك أنه ضد الفطرة السليمة والخلق السوي. وإذا كنت مجانبا للصواب، فليتفضل أحدكم ويصحح لي خطأي بكل أدب!.



drsasq@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد