Al Jazirah NewsPaper Monday  03/05/2010 G Issue 13731
الأثنين 19 جمادى الأول 1431   العدد  13731
 
بين قولين
الأوراق الثبوتية
عبد الحفيظ الشمري

 

يبدو أن مصطلح الأوراق الثبوتية، أو المستندات الرسمية سيطول وجوده بيننا حتى يظن الناس أنه بات ضرورة في جهاتنا الرسمية ومرافقنا المحلية.. تلك التي يحيل البعض أسباب وجودها وبقائها إلى ارتباطها الوثيق بالكثير من البيروقراطيات القديمة والجديدة في العالم العربي التي صاغت أنظمتنا ولوائحنا منذ عقود، فهي لا تزال حتى اليوم سارية المفعول رغم أن الكثير منها بلا فاعلية.

ستظل هذه الطلبات القديمة والمكرر للمسوغات الورقية والأغلفة الكرتونية والملفات العلاقي والصور الشمسية وما سواها من وثائق قائمة طالما أنه لم يكن هناك يقين واضح بأهمية الاعتماد على نظام حاسوبي جديد وفعال يحد من هذه الظاهرة التي ليس لها ما يبررها لا سيما مع وجود وسائل ووسائط الحفظ الإلكتروني في الكثير من الجهات الرسمية. بل ستظل هذه الطلبات مصدر تنغيص وألم لكل من يزعم بأن التكنولوجيا وبناتها الإلكترونية والآلية قد حسمت أمر هذا الكائن المتمثل في الورق الذي تصور البعض أنه سيكون لا محالة شيئاً من الماضي.

من يتأمل هذه المشاهد، ويُعمل النظر فيها سيجد أن الإشكاليات قد تتعاظم والمخالفات تصير إلى مزيد من التعقيد ولاسيما كل ما له علاقة بالمجتمع وقضاياه اليومية على نحو ما تتعرض له بعض الأسر من غياب أو فقد ما قد يزعم أنها أوراق رسمية، فالقصص تتواتر حول هذا الأمر ولا تنتهي لتؤججها مشاكل الميراث وتوزيع التركات، أو منغصات الحياة الزوجية على نحو الهجر والطلاق والتعليق وتطاول أيام الخلافات وتعدد جلسات المحاكم. فالقاسم المشترك في أمر هذه المشاكل هو عدم أهلية الوثاق أو نقصها أو العبث فيها من قبل بعض أطراف القضية، كما أن هناك بعض الجهات تتشدد في أمر الطلبات الورقية على نحو مسوغات الالتحاق بالمدارس أو الحصول على خدمات طبية أو خيرية يكون للجميع عادة الحق في الحصول عليها دون حاجة إلى هذه الطلبات للوثائق.

فعدم قبول المدارس لبعض الطلاب والطالبات بذريعة عدم وجود (بطاقة العائلة) أو شهادة الميلاد أو الوفاة للمعيل مثلاً قد يكون مؤلماً وعجيباً.. فكيف بأسرة قد تفككت وتهرأت حبالها أن تقيم شأناً لهذه الأوراق؟! فلكي لا يكون الطفل الذاهب إلى المدرسة ضحية لهذه الممارسات فإن الأجدى في ذلك التزكية من قبل الأقرباء بدلاً من هذا التشدد غير المبرر لأن رسالة التعليم والصحة قد تكون من البديهيات التي لا بد للجميع أن يسهم في تقديمها.

فالأوراق الثبوتية عادة ما تكون عرضة للتلاعب في ظل غياب المعيل لهؤلاء المحتاجين للخدمات الضرورية على نحو هروب بعض الآباء عن أسرهم وربما غياب البعض منهم لأعوام، فهذا سيكلف بعض الأسر من بعدهم الشيء الكثير، وكذلك هروب الزوجات وتعنتهن والمكابرة وإدخال أسرتها على خط الخلاف هو من سيفاقم المشكلة ويزيد من أمر الشحناء حتى تصعب الحلول.

السبب الأكثر حضوراً في هذا الجانب هي المشاكل المادية التي لا يجد البعض مفراً من الهروب منها وربما العبث بكل ما بين يديه من الأوراق الثبوتية أو المستندات الرسمية من أجل أن يزيد من تعقيد المشكلات أو إطالة أمدها الذي قد يضاعف غياب الحقوق وحفظ القضايا نظراً لتقادم الزمن عليها وهذا هو موطن الخلل ولب القضية، لأن مثل هذه الوثاق عرضة للتلف والغياب وعدم النظر أو الالتفات إلى أمر الأرشفة الإلكترونية رغم أنه قد تم إدخال مثل هذه الخدمات منذ أعوام لكن الشك في هذه التقنيات لا يزال قائماً بحجة سهولة التزوير.



hrbda2000@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد