Al Jazirah NewsPaper Monday  03/05/2010 G Issue 13731
الأثنين 19 جمادى الأول 1431   العدد  13731
 
مستقبلنا، بالريادة والإبداع!
ماجد بن ناصر العُمري

 

حصل عطل كبير في الجهـاز الرئيسي لإحدى شركات التقنية، فتمت الإستعانة بخبير متخصص، وبعد إطلاعه على الجهاز، طلب أن يشتروا له قلماً، ومن ثم قام بوضع علامة إكس على مكان معيّن من الجهاز، وقال لهم، يجب تغيير هذه القطعة ويصلح الجهاز، فطلبوا منه أن يقدم لهم فاتورة بأتعابه، فقدم فاتورة بقيمة 50 ألف دولار!، فتعجب المسؤولون في الشركة، وطالبوه بتقديم فاتورة تفصيلية بأتعابه وتكاليفه، فكتب على الفاتورة: دولار واحد قيمة القلم وتسعة وأربعون ألفاً وتسعمائة وتسعة وتسعون دولاراً قيمة أين تضع علامة إكس!

يُعرَّف الإبداع في أنه عملية الإتيان بجديد، أو تطوير الموجود بنسبة تزيد عن 15 بالمائة حسب معايير براءات الاختراع العالمية، والحقيقة أن المخترع يسجل في التاريخ، بينما المُبدع يستفيد في حياته أكثر، فأديسون سُجل في التاريخ كأحد أعظم المخترعين في التاريخ حينما اخترع المصباح، ولكن المبدعين الذين طوروا هذا الاختراع بصناعة المصابيح والإنارة التي أنارت الدنيا أفادوا اقتصادهم وأوطانهم والعالم واستفادوا أكثر، ولستُ هنا بصدد التقليل من الاختراع فالكل يدرك عظمة الاختراعات والمخترعين، ولكني أتحدث هنا عن الإبداع، وأتحدث عن الريادة أيضاً، فالريادة هي إنشاء طريق جديد، سواء كان مجالاً أو جانباً في مجال لم يسلكه أحدٌ من قبل، فمثلاً تأسيس أول بنك كان ريادةً في مجالٍ جديد، وأما تأسيس أول بنك إسلامي فكان طريقاً جديداً في مجالٍ قائم، وكلا الأمرين ريادة، وإبداع أيضاً.

والسؤال: كيف نصبح رواداً؟ وكيف يُصنع الرواد والمشاريع الريادية؟

والجواب في ظني أننا يجب أن ندرك أن الإبداع مرتبط بحرية التفكير والتعبير، وبالتشجيع والتقدير، فكم من مُبدعٍ ضاعت إبداعاته بسبب النقد القاسي لمن حوله، وعدم وجود حاضنة لإبداعه، وأما الريادة فتحتاج لأكثر من ذلك، فهي تحتاج لصناعة إنسان مبدع وقيادي، ولبيئة محفزة ومشجعة، وأنظمة وتشريعات تحمي مشاريعه وأفكاره وإبداعه من المُقلّدين ولصوص الأفكار!

والحقيقة أن مؤسسة موهبة، نواة جيدة للإبداع والابتكار، ومايُقام سنوياً كمعرض للابتكار لهو بداية جيدة، ولكن هل يكفي ذلك؟ وماذا عن تحويلها إلى مشاريع تجارية؟

كما أن دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتطويرها كهدف استراتيجي في خطة التنمية لهو بشرى خير، ولكن، كيف ومتى ومالذي سيتم عمله تجاه هذا الموضوع؟ لم نقرأ أي شيء بهذا الخصوص!

وفي رأيي أنه يجب الاستفادة من لجان شباب الأعمال في الغرف التجارية الموجودة في أغلب مناطق المملكة، من خلال إعداد دراسة من قبل شركة متخصصة عبر التواصل مع اللجان وجعلها كمجموعات تفكير استراتيجي، ومن ثم إعداد استراتيجية لتطبيق مايتم التوصل إليه، والذي أظنه يستوجب إنشاء هيئة عليا للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، تعمل لخدمة هذا القطاع الذي يمثل أكثر من 70 بالمائة من منشآت القطاع الخاص، وهو مستقبل تجارنا الشباب الذي يتيه في دكاكين صغيرة ولوحات للتقبيل كنهاية معتادة للغالبية!

وليكن هنالك مسارات استراتيجية تستثمر في بناء هذا الإنسان ليكون مبدعاً وريادياً ناجحاً وفق أحدث العلوم والمهارات العالمية بالتجانس مع قيَمنا الأصيلة لعمارة الأرض والإتقان والأمانة والمصداقية، وقد قيل «إن أفضل طريقة للتنبؤ بالمستقبل هي أن تصنعه».



majed@alomari.com.sa

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد