Al Jazirah NewsPaper Monday  10/05/2010 G Issue 13738
الأثنين 26 جمادى الأول 1431   العدد  13738
 
لماذا تتعثر المشاريع الحكومية؟!

 

كشف ديوان المراقبة العامة عن وجود 3986 مشروعاً لم تنفذ بقيمة ستة مليارات ريال، وأوضح التقرير الذي أعده الديوان أنه رفع إلى مجلس الشورى تقريراً بهذا الخصوص منذ أكثر من عام ونوقش وصدرت عن المجلس عدة توصيات.

ديوان المراقبة حدد عشرة أسباب وراء تعثر المشاريع الحكومية، ومع أن الديوان لم يشأ أن يكشف المتلاعبين الذين كانوا وراء تعثر هذه المشاريع، فالديوان مهمته المراجعة المالية والمحاسبية، أما كشف التلاعب والتدليس وتدوير المشاريع ما بين المقاولين والشركات وتلزيم المشاريع وفق أساليب عقود الباطن، فليس من مهام الديوان، ويفترض وجود جهات حسابية أخرى.

ومع هذا فإن ديوان المراقبة لا يعدم من أن يجد قصوراً وتسويفاً ومماطلة وإخفاقاً مما أدى إلى تعثر 3986 مشروعاً ما أدى إلى تجميد ستة مليارات ريال...!!

ورغم تنحية الكشف عن المتلاعبين إلا أن الأسباب العشرة التي رمى عليها ديوان المراقبة مسؤولية تعثر تنفيذ المشاريع تخفي تحت أرديتها الكثير من المتلاعبين وحتى الفاسدين الذين أصبح من الضروري ليس فقط الكشف عنهم، بل متابعتهم ومطاردتهم ومحاسبتهم. فسوء التخطيط آفة التنمية، فالذين يضعون التصورات والمخططات لهذه المشاريع في مراحل الإعداد إن لم يحسنوا الخطط ويضعوا التصورات العملية والعلمية الدقيقة لا بد وأن تتعثر المشاريع الموضوعة لأنها وضعت بفوضوية. ومن لم يحسن وضع الخطط الناجعة يجب أن ينحى.

أما الآفة الأخرى وهي الأهم فهو ضعف الرقابة الداخلية والمتابعة لدى الأجهزة الحكومية، وهذه صفة تكاد تكون ملازمة لمعظم المشاريع الحكومية التي تعاني عدم الرقابة ويعتمد تنفيذها على «الذمة» و»الضمير» وهذا ما جعل انتشار ثقافة «المرونة» من خلال انتشار عمليات «التلزيم» والتي انبثقت من أسلوب مقاولات الباطن، وهذا الأسلوب من أهم أسباب التعثر، بل وتضع الأساس للتلاعب في العقود التي قد تقود إلى ارتكاب جرم الفساد ورداء يعتبره الكثيرون «عباءة نظيفة» تبرر فعلة تنقل المشاريع من مقاول إلى آخر، حيث يرسي العطاء على المقاول الأول بمئات ملايين الريالات ثم ينتهي الأمر إلى تلزيم المشروع إلى مقاول «صغير» وبأقل من نصف المبلغ الذي حصل عليه المقاول الأول «الكبير» وهذا الأسلوب الذي يسمى بمقاولات الباطن الذي «يسمح» بتحقيق مكاسب للمقاولين الكبار الذين يستثمرون سمعة وقوة المواقف المالية لشركاتهم، وتكليف مقاولين آخرين بتنفيذ ما اتفقوا عليه مع الدولة وهذا ما يؤدي وفي أحيان كثيرة إلى تعثر الكثير من المشاريع لأن المقاول الذي سلم له المشروع في الباطن ليس لديه القدرة على التنفيذ.

وجه آخر من الإهمال والتقاعس سببه ليس فقط ضعف الرقابة الحكومية بل السماح به رغم علم الجميع بهذه التجاوزات التي لا بد وأن تقود إلى تعثر المشاريع وإلى إشاعة الفساد من خلال استفادة شركات وأشخاص لا يتعدى عملهم سوى تحويل المشاريع إلى مقاولي الباطن.

***



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد