Al Jazirah NewsPaper Tuesday  18/05/2010 G Issue 13746
الثلاثاء 04 جمادىالآخرة 1431   العدد  13746
 
عن رئاسة الحرمين ومجلس القضاء الأعلى
د. محمد بن سعود البشر

 

كلما منّ الله علي بزيارة لمكة المكرمة أو المدينة المنورة يأسرني التطور الهائل في مشروعات الحرمين الشريفين، وما يلحق بهما من توسعات وطرق وخدمات متعددة يقصر القلم عن حصرها. وليس...

....ذلك بغريب على المملكة التي ارتضت الإسلام ديناً ومنهجاً، وتشرفت بخدمة الحرمين الشريفين منذ تأسيسها.

وكلما جال النظر في هذه المشروعات تذكرت موقع الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الذي لا يتناسب والمهام الجليلة المناطة بها. وكأني بالحاج أو المعتمر القادم إلى مكة المكرمة أو الزائر لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يبحث بين المباني الشاهقة حول الحرمين عن مبنى الرئاسة التي تمثل (في مبناها ومعناها) ما يليق بهذا الشرف الذي حظيت به الدولة في رعايتها لأفضل مسجدين على وجه الأرض، فلا يجد الزائر الباحث عن هذا المبنى ما يشير إلى هذا المعنى، وعندما يُلح في البحث عنه فسيجده دواراً واحداً فوق مواقف السيارات جهة جياد للخارج من الحرم المكي من باب الملك عبد العزيز، بعد أن كان عمارة مستأجرة لسنوات طويلة مقابل المروة!!

ولنا أن نتخيل لو أن رئاسة الحرمين الشريفين تقع في برج مهيب، وبتصميم إسلامي عريق يتناسب وتاريخ مكة المعظمة، يقف أمامه الحاج والمعتمر والزائر إجلالاً لمعناه، فماذا عساه أن يقول؟

لا شك أن ذلك سيقع منه موقع الرضا والحبور، ويكون شاهداً إضافياً على عناية الدولة بهذا الجهاز الهام الذي أنيطت به أفضل المسؤوليات، وأجَلَّ المهمات، وهي خدمة بيت الله الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما مجلس القضاء الأعلى، فإنه يمثل السلطة القضائية في دولة تحكم بالشريعة الإسلامية كما نص على ذلك النظام الأساسي للحكم، وما درج عليه ملوك الدولة السعودية من تأكيد هذا المعنى، وهو أيضاً ما كان العمل عليه منذ تأسيس الدولة إلى يومنا هذا، وإلى أن يشاء الله.

لكن المبنى الذي يحتضن هذه السلطة لا يزال متواضعاً، فقد كان بالأمس يزاول المسؤولون أعمالهم في فيلا صغيرة، وفي شارع يتفرع من طريق التخصصي، ثم في مبنى أحسن منه حالاً بجوار (بوابة الناصرية) لأشهر قليلة قبل أن ينتقل إلى مبناه (المستأجر) في عمارتين على طريق الملك فهد بالرياض العاصمة.

ومجلس القضاء الأعلى - وإن كان الآن في هذا المبنى الأفضل كثيراً من سابقيه - إلا أنه لا يرقى إلى مكانة السلطة القضائية في بلاد تحكم بالشريعة الإسلامية.

قد يتبادر إلى ذهن من يقرأ هذه المقالة الآن أن العبرة هي بالمعنى وليست بالمبنى، وهذا صحيح، ولكنه لا ينطبق على سلطة تستمد هيبتها من كل شيء، حتى من المبنى الذي تمارس فيه وظيفتها. لننظر - مثلاً - إلى مجمع المحاكم الشرعية بالمدينة المنورة، فهو مبنى في شكله الظاهري يمنح الهيبة المعنوية لزائريه ومراجعيه، وفي كثير من البلاد العربية والأجنبية نجد أن مبنى المحكمة العليا يأسر الزائرين بروعة تصميمه، ويمنح الثقل المعنوي للناظرين إليه.

إن السلطة القضائية الآن بحاجة إلى مبنىً شامخ مهيب، تستقر فيه، يكون معلماً من معالم عاصمة هذه البلاد التي مَنَّ الله عليها بنعمتي الدين والغنى.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد