Al Jazirah NewsPaper Saturday  22/05/2010 G Issue 13750
السبت 08 جمادىالآخرة 1431   العدد  13750
 
شذرات اقتصادية
الصانع المهمل
د. عبدالعزيز إسماعيل داغستاني

 

في كثير من الأمثال العربية حكم تستحق التوقف عندها والتمعن في معانيها واستخلاص العبر منها، وكثير من هذه الأمثال له علاقة مباشرة بالشأن الاقتصادي.. ولعل هذا دليل على أن الشأن الاقتصادي يتجاوز الطرح النظري الأكاديمي.. باعتباره شأناً عاماً يهم المجتمع بأسره وبمكوناته المتعددة على مستوى الإنتاج والاستهلاك.

ومن فوائد بعض أوراق التقويم بالإضافة إلى استخدامها الرئيس كدليل للتاريخ والأيام والمواقيت، هو ذلك الشريط الذي يزين كل ورقة تقويم والذي يزخر بالأقوال المأثورة والحكم المتوافرة والأمثال العربية.. ولفت نظري في ورقة تقويم مثل عربي يقول: (الصانع المهمل يلوم أدواته).. ولهذا المثل دلالة اقتصادية واضحة إذ يصور حالة هروب المسؤول من المسؤولية.. وهو ما نلحظه في ردة فعل بعض المسؤولين عن الشأن الاقتصادي عند انتقاد السياسات والإجراءات الاقتصادية التي تتبعها بعض الجهات الحكومية ويتضح أنها عجزت عن معالجة المشاكل الاقتصادية القائمة.. ولم تتمكن من إحداث التغيير المطلوب في كثير من هذه الحالات يحاول المسؤول الأول التنصل من المسؤولية ويلقي باللوم على قائمة طويلة مما يعتبرها معوقات خارجية أسهمت في إخفاق السياسات والإجراءات الاقتصادية التي تم اتباعها.. وهذا هو تماماً الصانع المهمل الذي يلوم أدواته، فقد أثبتت التجارب أن الكثير من المشاكل الاقتصادية يكون أساسها وسببها سوء الإدارة.. وسوء الإدارة مسؤولية المسؤول الأول عن الجهاز الإداري ولسوء الإدارة مظاهر متعددة تشمل التسيب الإداري، الفساد الإداري، والضعف الإداري.. ولعل الضعف الإداري هو ما تعاني منه اقتصادات الدول النامية بشكل خاص، إذ تُناط مسؤولية الإدارة في حالات كثيرة.. وفي القطاع العام بشكل خاص، إلى من لا يستحقها ولا يمتلك أي مقومات علمية أو عملية تؤهله لتسلم المسؤولية عندئذ يكون الصانع مهملاً فيجتهد في البحث عن كبش فداء ويغرق الاقتصاد في وحل التخلف، ويظل المسؤول محتفظاً بمنصبه الإداري ومكانته الاجتماعية تلك.. والله قسمة ضيزى.

رئيس (دار الدراسات الاقتصادية) الرياض


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد