في بداية مقالي هذا أود أن أُهنئ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.. ومعالي الوزير الدكتور عبد الله الربيعة على نجاح عملية فصل التوأم الأردني التي تُعتبر العملية رقم 23 على ما أذكر.. لأنني من كثرة هذه العمليات في مملكتنا.. ونجاح معظم هذه العمليات التي تُعتبر المملكة هي الرائدة ورقم واحد على العالم في هذا المجال حيث تقوم المملكة بعمل هذه العمليات على نفقة خادم الحرمين الشريفين.. ويُقدر إجراء العملية الواحدة بمبلغ 4 ملايين ريال، وطالما ما أدخل السعادة على قلوب الآباء والأمهات لتبنيه مثل هذه الحالات.. وهو الذي لا يفرِّق بين جنس ولا دين.. كلهم عنده سواسية، لأن تعاليم الإسلام السمحة تتعامل بالإنسانية، ورسولنا الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو رسول الإنسانية.. وأُدلل على ما أقول عندما كنت أتصفح أحوال عمليات التوائم السابقة وكادت الدموع تفيض من عيني.. بل فاضت بالفعل عندما قرأت قصة انفصال التوأم الكاميروني (شوفوبو وفنبوم).. وهما من أسرة فقيرة جداً تعيش في إحدى القرى الصغيرة، وكان للأب أطفال آخرون ولا يملك في الحياة سوى بيت صغير، وبقرة يستخدمها في كسب العيش، ولقد كانت ولادة هذا التوأم بمثابة الصدمة على الأب والأم.. نظراً لعدم وجود خدمات صحية في قريتهما وفضول الناس باستغرابهم لهذه الحالة النادرة جداً، لقد بكت الأم كثيراً، والأب رغم قوته وصلابته إلا أن عينيه كانتا تذرفان الدموع لقلة حيلته.. وبدأ يستعين بالأقارب والجيران والأصحاب دون جدوى.. ثم فكر في الاستغاثة بإحدى الجمعيات المسيحية لمساعدته والتي بدورها بثَّت استغاثة في شبكات الإنترنت في العالم، وكانا الوالدان يأملان في أن تستجيب إحدى الدول الغربية لهذا النداء، ومرت الأيام دون جدوى.. وبعد أشهر قامت الجمعية ببث الاستغاثة مرة أخرى ولكنها في هذه المرة وسّعت الدائرة لتشمل الدول الأخرى، وجاءت المفاجأة للأسرة والفرج من عند الله تبارك وتعالى.. حيث وصلت هذه الاستغاثة إلى المملكة العربية السعودية مهد الإسلام وبلد حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم.. والذي أُنزل فيه القرآن وعاش فيه صحابة النبي صلى الله عليه وسلم مهد العطاء والمحبة والإنسانية والسلم والسلام.. ما إن تلقى هذا النداء الملك قائد مملكة الإنسانية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي لم ينظر إلى اللون أو الجنس أو الدين أو الانتماء.. ولِمَ لا فقد تعلَّم في المدرسة المحمدية مبادئ الإسلام السمحة التي تسعى إلى العطاء والمحبة وخدمة الإنسانية، ووجَّه هذا الملك الإنسان الطبيب البارع والعالم الجليل معالي الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الربيعة باستقبال التوأم وعلاجهما ومساعدة الأسرة المحتاجة، وجاء التوأم إلى مملكة الإنسانية.. وبعد استكمال الفحوصات والإجراءات الطبية اللازمة قام الفريق الطبي المتميز برئاسة معالي الوزير الدكتور عبد الله الربيعة بإجراء العملية الناجحة لفصل هذا التوأم البريء.. إلى هذا يبدو أن القصة قد انتهت.. لكن بعطف الأب الحنون الذي لا يفرِّق بين دين.. وأبوة في الإنسانية لم يتوقف ملك القلوب خادم الحرمين الشريفين عند هذا الحد.. بل قام الملك عبدالله بن عبدالعزيز بزيارة التوأم بعد نجاح العملية.. وهنأ والد التوأم وداعب الأطفال بمشاعر الأبوة والحنان مما دفع والد التوأم إلى مراجعة نفسه وحياته.. وقال في نفسه: إذن هذا هو الإسلام.. وبدأ يقرأ عن سماحة الإسلام وعظمته.. واكتشف أن الإسلام هو دين المعاملة التي تتبناها المملكة العربية السعودية وقيادتها الحكيمة، وفي صباح يوم باكر جاء هذا الأب دون أي ضغوط أو دوافع خارجية ليعلن إسلامه حيث قال: «إنني وجدت في الإسلام ضالتي حيث إن هذا الدين هو دين المعاملة البشرية أجمع.. وهو الدين الذي يستحق الاتباع».. وغيَّر والد التوأم اسمه ليعلن أن اسمه أصبح عبد الله.
وعاد التوأم إلى قريته.. وبدأ عبد الله حياة جديدة يستمد تعاليمها من دين الإسلام.. ولم يمض إلا وقت قصير حتى أسلمت زوجته وبقية أسرته، وبدأ ينشر في قريته التعاليم السامية والأحكام العظيمة لدين الإسلام ليصل عدد المسلمين إلى ما يزيد عن ألف مسلم ومسلمة، ولم يغفل خادم الحرمين الشريفين هذه القرية حيث تكفَّل بإنشاء مركز إسلامي ومدرسة ومركز صحي.. ليصبح هذا المجمع هو: «مركز الملك عبدالله الإسلامي».
التوائم السيامية.. هذا الاسم مرتبط بظاهرة التصاق الأجنة حيث يعتبر الأطباء أنها أحد العيوب الخلْقية النادرة، أما تسميتها بأنها سيامية نسبة إلى سيام الاسم القديم «لتايلاند» حيث اشتهر التوأم السيامي «بنكر» عام 1811م.. وشكَّلت هذه الظاهرة تحدياً للمجتمع حتى أصبحت المملكة أول دولة في العالم في إجراء هذه العمليات النادرة بفضل الله أولاً.. ثم خادم الحرمين الشريفين ومعالي الوزير الدكتور عبد الله الربيعة الذي تخرَّج في كلية الطب بجامعة الملك سعود بالرياض.. وكان الأول على دفعته، وحصل على الزمالة في جراحة الأطفال من جامعة «دالها وسي بكندا» والمدير العام التنفيذي للشؤون الصحية بالحرس الوطني بمرتبة وزير، واستشاري جراحة الأطفال بمستشفى الملك فهد، ومساعد مدير المركز الطبي بمستشفى الملك فيصل التخصصي، وكبير الأطباء بمستشفى الملك خالد الجامعي، ووزير الصحة وترأس العديد من اللجان الطبية وصدر له كتاب عن التوائم: «تجربتي مع التوائم».