انهالت أمطار الخير والبركة على أرجاء مملكتنا خلال الأيام الماضية وأسأله تعالى أن يبارك فيها ويجعلها سقيا رحمة.. وقد شاهدنا بأعيننا الكثير من الأضرار التي لحقت بالطرق والأنفاق والمركبات والمباني وغيرها, بل تسارعت وسائل الإعلام في نقل تلك الصورة ولم تتوقف الجوالات والشبكات الاجتماعية عن متابعة سير الأحداث حتى هبت نداءات المساعدة والإغاثة لتعبر عن جسد واحد تنتمي له، فكانت مبادرات شبابنا في المساعدة والنجدة وتنظيم الطرق وتنفيس الاختناقات المرورية وسحب السيارات المتعطلة وإغلاق الأماكن الخطرة كل ذاك وغيره يستحق الإشادة من المسؤولين. وأحب هنا أن أشير إلى بعض النقاط المهمة للاستفادة من الحدث وتدارك الأخطاء في المرات القادمة أو للارتقاء في إدارة مثل هذه الأزمات بالمستقبل فأقول:
أولاً: كم أحزننا كثيراً ضعف جودة مشاريع أمانة منطقة الرياض فالأنفاق والطرق السريعة أصبحت بحاراً عميقة تلقفتها أفواه الفارغين بالطرف والتعليقات المضحكة التي عبرت عن خلل داخلي, فلا يرضي أبداً أن تستمر مشاريعنا القادمة على نفس هذا المنوال المتدني من الضعف والمستوى ولو تأملنا ما حدث من كوارث لوجدناها نسبتها العالية بسبب مشاريع الأمانة السابقة والحالية التي تحت الإنشاء وهذا يستدعي مسؤولي أمانة منطقة الرياض أن يراجعوا جودة مشاريعهم وطرقهم وشبكات الصرف وآليات تصريف السيول، ثم التركيز على عقود الصيانة لها طوال العام ولابد هنا أن نطالب بمحاسبة كل التجار والمقاولين الذين ظهرت آثار غشهم، كما نطالب الآن بجرد وحصر كل الأماكن التي تسببت في الكارثة ومعالجتها سريعاً بشتى الطرق ويجب ألا نغفل عن المشاريع القائمة الآن لكي لا يحدث فيها ما حدث في غيرها, وأدعو إلى التشهير بكل المقاولين والتجار والشركات التي تبين تلاعبها وسوء تنفيذها والدعوة إلى عدم التعاقد معها حكومياً إذا ما تبين عدم أمانتها في تأدية هذه المشاريع كما يجب.
ثانياً: جهات الإنقاذ والمساعدة والتنظيم مثل الدفاع المدني والهلال الأحمر والمرور وغيرهم قاموا بدور لا بأس به، إلا أن حجم الأزمة أكبر من قدرة واستيعاب هذه الجهات ودائماً ما ينادي الغيورون على وطنهم بالموازنة في توسع مدينة الرياض مع توفر الخدمات والإمكانيات الأمنية والتعليمية.. ولعل هذا ظهر واضحاً في عدم قدرة بعض الجهات للحدث مما جعلهم يتأخرون في تأدية واجبهم في الوقت المناسب، مما جعل من الضروري جداً إعادة دراسة توسع منطقة الرياض خاصة حسب الإمكانيات المتوفرة.
ثالثاً: شاهدنا مبادرات تطوعية متنوعة وعشوائية مارست عملها بشكل شعبي مبعثر كان له آثار إيجابية لا تنكر، إلا أنه لم يمتاز بالتنظيم ولم تتوفر لديه الإمكانات حتى أصبح المتطوعون رجال مرور وإنقاذ ومساعدة وهذه الظاهرة ظاهرة خير عبرت عن حب شبابنا لوطنهم وحرصهم في نفع ومساعدة الناس, وفرصة مهيأة لنا الآن في تنظيم هذا التطوع لمثل هذه الأعمال عبر جمعيات موثوقة تتبناها أو جهات مسؤولة ترعاها أو شركات تجارية تدعمها لتخرج لنا بأعمال منظمة نافعة للمجتمع, وتحل مشكلة فراغ شبابنا وعدم إنتاجيته داخل الوطن بشكل إيجابي ويعبر عن وطنيته التعبير الصحيح. وقد نقلت لنا بعض وسائل الإعلام فرحة وحماس هؤلاء الشباب ومدى تفانيهم في ذلك.
أخيراً: لنعلم أن كل ما أصابنا بتقدير الله عز وجل ونحمد الله على كل حال, ويسعدني أن أتقدم بالشكر الجزيل لسمو أمير منطقة الرياض سلمان بن عبدالعزيز على اهتمامه ومتابعته المستمرة وجهوده الموفقة وإلى كل المسؤولين الصادقين الأمناء وجميع الجهات المتعاونة وإلى كل المتطوعين الأبطال والله يرعاكم.
إمام وخطيب جامع والدة الأمير عبدالعزيز بن فهد بحي الفلاح