Al Jazirah NewsPaper Sunday  23/05/2010 G Issue 13751
الأحد 09 جمادىالآخرة 1431   العدد  13751
 
هذرلوجيا
(فلمنة) التاريخ أيضاً
سليمان الفليح

 

كل الشعوب والأمم والدول تسجل تاريخها القديم بأفلام سينمائية خالدة تتحدث عن أبطال ذلك التاريخ، ولكي تعرّف أجيالها الجديدة بذلك التاريخ المجيد وأبطاله الأماجد، وهي إذ تفعل ذلك فلأنها تريد أن يرى الأحفاد ما فعله الأسلاف مجسداً مرئياً وبالصوت والصورة وبطريقة شبه إلزامية حينما يُعرض هذا الفيلم في تلفزيوناتها الوطنية لتشاهده كل عائلة في الوطن وليتحدث عنه كل أبناء الوطن سواء كانوا صغاراً أو كباراً مما يؤدي إلى غرس الحسّ الوطني في الذات واحترام التاريخ والفخر بما فعله الأجداد.. ولكي لا نذهب بعيداً فإن العالم مثلاً لم يكن يعرف عن التاريخ الليبي شيئاً لولا فيلم عمر المختار، ولم يكن يعرف عن ثورة الشريف الحسين بن علي ضد الأتراك لولا فيلم (لورانس العرب) الذي افتخر فيه الإنجليز قبل العرب لأنه يحكمي بطولة ضابط إنجليزي ينفّذ (مهمة وطنية) تخص بلده بغض النظر عن طبيعة هذه المهمة (!!) وكذلك لم تكن الأجيال الجديدة التي لم تستهويها القراءة تعرف شيئاً عن الحروب الصليبية لولا فيلم (صلاح الدين)، والأمر ينسحب أيضاً على التاريخ الأسكتلندي وما عاناه الأسكتلنديون من جيرانهم الإنجليز، ذلك التاريخ الذي لم نكن نعرفه لولا فيلم (القلب الشجاع)، وكذلك الأمر بالنسبة للشعب المنغولي الذي لم نكن نعرفه لولا فيلم (جنكيزخان).

أقول ومن هنا أي من خلال (فلمنة التاريخ) ونقله حيّاً ومرئيّاً وبالصوت والصورة استطعنا أن نعرف تاريخ الأمم والشعوب، وأن نحترم ذلك التاريخ حتى ولو لم يكن يخصنا، فما بالك إذن لو قمنا بعمل سينمائي يخصنا ويخص تاريخنا المجيد، ولعل أروع نموذج من ذلك التاريخ هو سيرة (الموحد العظيم) عبدالعزيز بن عبدالرحمن الذي أرسى هذه الوحدة المباركة ووطد الأمن وحقق الأمان لمواطن هذه الأرض وهي سيرة غنية بالمواقف والعبر والفخار والمتعة أيضاً، وهنا لربما يقول قائل إن ذلك (لربما) يثير (بعض) الحساسيات مع أننا نرى أن عبدالعزيز -رحمه الله- لم يترك حساسية مع أحد لأنه سامح مخالفيه قبل مؤيديه وأدمج أبناءهم مع أبنائه وقربهم منه قبل رحيله وأوصى أولاده بهم خيراً من بعده وكان هذا الإدماج هو نواة الوحدة المباركة التي لا يختلف على (قدسيتها) اثنان، بل لا يساوم عليها أحد فيه ذرة من الوطنية. أقول إنه حتى لو أخذنا بهذا الرأي (المؤسف حقاً) -أي مسألة الحساسيات فلِمَ لا نذهب بعيداً- أبعد قليلاً من تاريخ عبدالعزيز ونتناول تاريخ الباني الثاني للدولة السعودية الثانية -أي الإمام تركي بن عبدالله- فتاريخه مليء بالأمجاد والبطولة والمغامرات لاسيما وأنه كان يقاوم (غزاة أجانب) دمروا عاصمة أجداده.

يبقى القول أخيراً: هل ترون معي ذلك أم أنكم لا تريدون أن «تروا» ذلك، بل ستبقون تروون ذلك فقط..؟!.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد