Al Jazirah NewsPaper Thursday  27/05/2010 G Issue 13755
الخميس 13 جمادىالآخرة 1431   العدد  13755
 
لما هو آت
لكِ وحدكِ...
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

كلما كنتُ أقتحم عليكِ خلوتكِ الصغيرة الدافئة، كنتُ أجدك هاشة باشة، تومئين لي بطرفكِ أن أغادر بهدوء.., كانت هذه عادتكِ كلما داهمكِ أمرٌ من اثنين، إما أن يفرحُكِ فتحمدي وتقتربي، وإما أن يحزنكِ فترتجي وتتضرعي.., كنتُ كثيراً ما أغادر مكانكِ وفي رأسي أسئلة تتزاحم.., أذكر أنني لم أكن أجد إجاباتها إلا هناك، عنده هو، وهو يجلس إلى كتابه فيغلق دفتيه، ويبتدرني بالقصص الطويلة المتداخلة، المغرية لأن أنفذ بهدوء ومهابة لهناك، حيث طيات السحب، ومخبأ القمر...

قصة خلوتكِ نوَّارة، وهدير قصصه، لا يزال لها الكثير من الصور والأصداء والشذى، ووهجة الخاطر ومدى التخيل، بل الآن، ومن قبل مرت بي صفحات, قلَّبتها صفحة صفحة في مواقف الحياة، ومراتب العلاقات،..

وبقى السؤال الوحيد الذي لا يزال يطرقني دَقَّةً دَقَّةً، إصغاءً ونطقاً، صدى وصوتا، إحساسا وتفكيرا، حلما ويقظة، تأملا وتذوقا.. وأنتِ لم تعودي هنا لتجيبي عنه، وهو هناك في صومعة سكينة سنواته التي تراكمت.., أخذت منه حضوره، وأعطته حضورها.., وأنا أحمل السؤال قبسا في كل لحظة تواجهني الحياة بانفراج أبوابها، وقد خلت عرصاتها من خلوتكِ..

وأنا بين ما كان في جوفكِ تنطق به ملامحكِ، وبين ما تنطق به ملامح الناس، وهم يتراكضون فيها مزدحمين بلهوهم، أو مكبلين بجهلهم...

لله يا نوارة، أتنعم الدنيا بكِ في بعضهم..؟ أو تهب مثلكِ بينهم..؟ أم ستبقى خلوتكِ طيفا عابرا، ومكانا دارسا.. بينما أنتِ هنا باقية في تلافيف الضوء..؟



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد