Al Jazirah NewsPaper Tuesday  01/06/2010 G Issue 13760
الثلاثاء 18 جمادىالآخرة 1431   العدد  13760
 
مسؤولية
نحن والإعلام الخارجي
ناهد سعيد باشطح

 

فاصلة:

(كثير من الأخطاء يولد من حقيقة نسيء استعمالها)

- حكمة عالمية -

الفيلم الوثائقي الذي عُرض على حلقتين ضمن سلسلة TRUE LIFE التي تبثها قناة إم تي في، ووجد رواجاً على شبكة الإنترنت، لمخرجة أمريكية تصور الحياة في المملكة، لاقى اعتراضاً من قِبل البعض أو بالأصح ترويجاً له.

اعتمدت المخرجة الأمريكية في الفيلم على رؤية شبابنا في جدة لتختزل الثقافات المتعددة في بلادنا في مدينة واحدة.

ولكن عندما قرأت بعض التعليقات المنشورة في صحفنا عن تفاصيل الفيلم.. تساءلت ما الخطأ في أن تعبّر فتاة سعودية أنها تريد أن تتخلص من العباءة؟!.. أليس هذا هو الواقع ونحن نعرف أن نسبة كثيرة من الفتيات اليوم في الأسواق لم تعد تلتزم بلبس غطاء الرأس.. أو الوجه، كما أننا نعرف أن كثيراً من النساء يتخلصن من العباءة في السفر إلى الخارج.

والسؤال: هل التخلص من العباءة هو التخلص من قيمة دينية مقدسة..؟!

«الساري» في الهند.. واللباس السوداني التقليدي تلبسه النساء في مناسبات مختلفة وتعترض الشابات في تلك المجتمعات على لبسه، الأمر طبيعي لأن الملابس لها فلسفة تتعلق بالزمن وتراكم الأجيال.

مشكلتنا أن العباءة أصبحت رمزاً دينياً.. وهذا خطأ.. فالإسلام أمر بالحجاب للمرأة.. ولم يأمر بلبس العباءة السوداء تحديداً.. وهناك أكثر من طريقة تستطيع المرأة أن تلتزم بالحجاب الإسلامي دون لبس العباءة تحديداً، كما أن بعض العباءات كما نعلم بعيد عن الحجاب تماماً.

أذكر أن العباءة التي كنا نلبسها في الثمانينيات كانت تصل إلى أعلى الركبة ولم تُواجه النساء أي اتهام بالخروج عن الإسلام!!

إذا جزمنا بأن العباءة السوداء هي هوية المرأة السعودية.. فهذا يعني إسقاط الهوية السعودية عن غالبية بناتنا اللواتي يدرسن في الخارج.. ولا يلبسن العباءة مع التزامهن بالحجاب وأحياناً النقاب.

الشباب الذين قابلهم الفيلم هم شريحة من ضمن عدة شرائح في المجتمع.. وبالتالي لا يمكن اعتبارهم تمثيلاً للمجتمع.. سواء اتفقنا أو اختلفنا مع طرحهم، أو حكمنا عليهم بنقص الوعي أو بالشفافية.. فالنتيجة أن هذا رأيهم.. ومن حقهم التعبير عنه كرأي شخصي.

وإذا اعتبرنا أن الفيلم تشويه لواقعنا فأعتقد أن على وسائل الإعلام أن تنشط في ضخ المعلومات الصحيحة.. بدلاً من التباكي والاستسلام إلى نظرية المؤامرة، الفيلم انتشر وانقضى الأمر.. ويمكن أن يكون انتشاره فرصة تحفيزية لصنَّاع السينما الموؤودة لدينا لإعداد أفلام وثائقية عن المجتمع السعودي.

هل نحن غاضبون لأن الفيلم الأمريكي صوَّرنا كمجتمع استهلاكي؟.. هذا هو الواقع.. ولكن نحن أقدر على تصويره بما يُوصل رسالة إعلامية تختلف عن أي رسائل أخرى لم تعش هذا الواقع.

لماذا نخشى دوماً مما نعتقد أنه سيضر ثقافتنا وتراثنا.. ولا نثق بأننا خير أمة أخرجت للناس!! أعتقد أنه بدلاً من الهجوم أو التباكي.. يجدر بالمؤسسات الإعلامية الحكومية والمدنية أن تفكر بجدية في زمن الإعلام المتطور عن آلية جديدة ومستمرة.. ليس لتصحيح صورتنا كعرب ومسلمين.. بل لبثّّ واقعنا كما هو دون تزييف، لأن التاريخ لا يكذب أبداً.

NAHEDSB@HOTMAIL.COM


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد