Al Jazirah NewsPaper Tuesday  01/06/2010 G Issue 13760
الثلاثاء 18 جمادىالآخرة 1431   العدد  13760
 
لما هو آت
عدنان, أيها النهر...
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

لي شقيق، أميل كثيراً, لمحادثته، والإصغاء لما في جعبته من الأفكار, ومحصلات الحياة اليومية، هو في معمعة العمل، كثيراً ما أراه متأملاً هذه التقلبات، والأنواء البشرية، فالحياة لا تترك الإنسان دون أن تبصم في شخصيته آثارها، كانت عن أناسها أو أحداثها أو متغيراتها...

عدنان، مهندس, وهذا اختصاصه، ولكنه مهندس أفكار، تثري الكاتب، وتبعث في قلمه شحنة هائلة من شحنات المداد الخفي, الذي يشيع الحماس في عروق الفكرة، ويولد فيها طاقة الانفجار..,

بالأمس، جمع العائلة في شجرة ضخمة، لها مبتدأها الخصيب، ولن يكون لها منتهاها الملموس, ذلك لأن الأرض وهي تستقطب الأحياء, لا يشهد ولاداتهم فوقها إنسان لا يدوم فيها إلا لأجل محدود، غير أنها هذه الشجرة، وقد بذرها وسقاها، وأينعت على شاشة حاسوبه بأسمائهم, وبألوان مراتبهم، الأجداد, فالآباء, فالأبناء, فالأحفاد، فمن ولدن، ومن انتموا، ومن أقصى، ومن أقرب، إنما هي مباركة، ما شاء للرعاة أن يسقوها،.. واليوم، هو يحادثني عن فتن المحيا, هذه التي تزايدت روافدها, وانتشرت جداولها، ولحق من رذاذها، ما لحق بسلوك الإنسان، وفي أساليب تعامله، فبينما كان للإنسان أن يتعرّف الآخر، ويعهد إليه بإنماء علائق الصداقة, والأخوة تلكما المتوالدة عن الجيرة، أو زمالة العمل، أصبح التعامل بينهما يقف حده عند مرفأ بوابة الدار، أو أسوار العمل، إذ من تأنس له رفيقاً, أو تطمئن إليه جاراً، وتتبادل معه رفقة طيبة في الظاهر، ستجفل كثيراً حين تتخيل، أن هناك كسراً لحواجز هذه الحدود, حين يفكر في الولوج إلى عقر دارك أو صدرك، ذلك لأن الحياة الراهنة, بأناسيها ليست تبقي لك الثقة، بحيث تأمن على هدوئك, وسكينتك, وطهرك, إن هم اقتحموا سياجاتك الخاصة..

عدنان المهندس في عمله، هو الشقيق الذي يهندس الأفكار، حين يكون لي أن أجلس إليه، أو أتحدث عن بعد، فأجدني وقد اعتمرتُ قبعة التفكير، وتململ القلم بين أصابعي، وخرجت من صمت الفكرة, لصوت صريرها حرفاً في رأس قلمي, ورسماً على أديم قرطاسي..

عدنان أيها الشقيق، بوركت نهراً من العطاء..



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد