Al Jazirah NewsPaper Wednesday  02/06/2010 G Issue 13761
الاربعاء 19 جمادىالآخرة 1431   العدد  13761
 
الطرثوثيون!
رمضان جريدي العنزي

 

الطرثوثيون نسبة إلى نبات (الطرثوث) وهو أحد النباتات المشهورة، وهو نبات عشبي معمر بجذره الذي يستمر حياً تحت سطح الأرض حتى يأتي موسم الأمطار فيظهر ساقه على سطح الأرض. والطرثوث نبات متطفل على بعض

النباتات المشهورة، مثل الحمض والغضى والأرطة والرمث ونباتات الفصيلة الرمرامية والرطريطية، يظهر النبات فوق سطح الأرض عند التزهير وتحمل الشمراخ الزهري أزهاراً كثة شديدة الانضمام مع بعضها، صغيرة الحجم ذكرية وثنائية الجنس، قد يصل طول الشمراخ الزهري 30 سم، وهي لحمية ممتلئة بالماء ذات جلد خارجي أحمر إلى قرمزي، ومن الداخل أبيض إلى مصفر هش عصيري، يشم في الجزء المزهر عند ذبوله رائحة اللحم المعفن، اللب الداخلي حلو الطعم إلى لاذع حراق. إن الطفيليين الدخلاء يشبهون بالضبط هذا النبات، فقد امتازوا بالتطفل على كل شيء، وأدمنوا محاكاة الآخرين ونسخ أفعالهم وأعمالهم. إنهم يجيدون حضور المناسبات والأفراح والأتراح بلا دعوة ولا استئذان ولا حتى (احم) وتناول الأفكار واكتشافها وتحويرها، إضافة إلى امتلاكهم القدرة على التعبير بصورة مدهشة لكنها غير جذاية وليس لها تصورات أو عواطف وليس بها وعي، إنهم مجرد ناسخين ومكررين للأفكار التقليدية العبثية.

إن سر نبات الطرثوث أنه غني بالتطفل على النباتات الأخرى، لكن له بعض الفوائد الأخرى كأن يؤكل نياً وأحياناً يشوى وأحياناً أخرى يطبخ، ونبات الطرثوث له سوقه الخاص به سابقاً، كما أن له استخدامات كثيرة، فكان يستخلص منه صبغ أحمر يستخدمه الرعاة في صبغ مواشيهم، كما يساعد على إيقاف نزف الدم والإسهال لاحتوائه على مواد قابضة تحتوي مواد عفصية، كما أنه منشط للفحولة ومولد للحيوانات المنوية ومقو وقابض.

بينما الطفيليون ليس لهم أدنى فائدة ولا أدنى فن ولا أدنى فكر ولا صياغة كلمة، وليس لهم عطاء جديد، إنهم ممتلئون في الألحان القديمة والأفكار العتيقة وسرد الحكايا التي تجعلهم يملكون اشتهاء ممارسة العبث الكلامي والعبث الفعلي والعبث الحركي والعبث الفلسفي، أنهم يملكون ذهنية غير متجددة وغير فعالة بل هي حبيسة نصوص رديئة ليس بها إبداع كإبداع شكسبير وبيكاسو والجواهري وبريخت وجان جاك روسو والمتنبي وجرير وأدونيس ونجيب محفوظ ومحمد بن لعبون وبديوي الوقداني وتركي الحمد وغازي القصيبي وغيرهم، أنهم مجرد احتكاريين يحاولون احتكار كل شيء متوهمين أن كل شيء ملك لهم فقط، وهم أصحاب القدرة على بناء الأفكار والعواطف، التطفل هو الطريق الوحيد لهم لتنمية مواهبهم وملكياتهم، إنهم يفتقرون إلى القدرة على الاكتشافات النزيهة والفضاءات الرحبة والمجرات الكونية، إنهم دخلاء بلا إنتاج وبلا فعالية، لا يحبون بذل الجهد ولا التأمل ولا اكتشاف الحقائق والتعبير عنها بأبهى الصور. فالتطفل هو العمل الذي يجيدونه بامتياز، إضافة إلى جيادة فن البحث والتلصص والتقليد والمحاكاة.

ليس لهم صفات العبقرية ولا صفات الإبداع ولا صفات العطاء ولا صفات التفرد ولا صفات النرجس، جهودهم منصبة في اتجاهات ضيقة غير مدهشة وغير مذهلة ولا تحتاج إلى عناء. لهم أقوال جوفاء فارغة ولهاث بائن وتصورات صفراء، لا يدركون آفاق الأشياء ولا يعرفون مداها ولا نهاياتها، يهوون التطفل بكل معانية، يشتهونه ويعشقونه ويرتوون من مائه غير اللذيذ وغير الممتع، إنهم يشبهون الظل المنعكس تحت الشمس الذي ينبثق حينما تدور عقارب الزمن.

إنهم يرسمون دوائر دون أن يستعينوا بالأدوات الهندسية، ولا يضعون النقطة في مركزها بصورة دقيقة، ولا يحسبون أبعاد النقطة عن محيط الدائرة من كل الجهات. إن الطفيليين يشبهون الرماد المحترق، فقلما يتبرعمون كالأشجار في فصل الربيع لذا ينبغي عليهم تدارك الأمر، فمن المعيب أن يستسلم هؤلاء الطفيليون إلى إغفاءة الجهل البارد الذي يعني الموت والقبر والتوقف.



ramadanalanezi@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد