Al Jazirah NewsPaper Friday  04/06/2010 G Issue 13763
الجمعة 21 جمادىالآخرة 1431   العدد  13763
 
فن إدارة الأزمات
د. محمد بن عبدالله الشويعر

 

تُعد إدارة الأزمات فناً من فنون الإدارة الحديثة، حيث يتطلب ذلك مهارة متميزة ومتقنة لتفادي أضرار الأزمات حين وقوعها، وتتفرد الدول المتقدمة بهذا الفن في إدارة الأزمات حال وقوعها، حيث يتعاملون مع الأحداث بحرفية عالية، ويعود ذلك بسبب التدريب المستمر على إدارة تلك الأزمات بشكل متقن ومتميز.

وتتنوع حدوث الأزمات ووقوعها نتيجة لعدة عوامل أهمها: عوامل اقتصادية أو سياسية أو بيئية أو اجتماعية... الخ.

والأزمة في اللغة: الشدة والقحط، وقد عرّف بعض الباحثين معنى الأزمة بأنها: «موقف ينتج عن تغيرات بيئية مولدة للأزمان، ويتضمن قدراً من الخطورة والتهديد، وضيق الوقت والمفاجأة، ويتطلب ذلك استخدام أساليب إدارية مبتكرة وسريعة».

وتتنوع إدارة الأزمات حسب نوعية حدوثها، فالأزمات السياسية تدار بالدبلوماسية، والبحث عن حلول سريعة لها وغير ضارة للخروج منها، ومن هنا تأتي مهارات المفاوضة والمسايسة، أما الأزمات الاقتصادية فتتطلب تدخل المسؤولين المخلصين لوطنهم لتجنيب الوطن من أضرار الأزمات الاقتصادية المدمرة للوطن والمواطنين، وذلك كما حدث في الأزمة المالية التي ضربت العالم قبل أكثر من عام وتضرر منها عدد من الدول، لكن المملكة استطاعت بفضل الله ثم بسياستها الاقتصادية وتفاعلها السريع في أن تخرج من هذه الأزمة بنجاح، ومن الأزمات، ما يتعلق بالكوارث البيئية والتي تسبب كوارث ودمار وخراب، فأثرها عظيم وعلاجها يستغرق وقتاً طويلاً لتخفيف آثارها وإعادة بناء المدن من جديد، لذا فهي بحاجة إلى فرق كبيرة مدربة ومجهزة تجهيزاً كاملاً للتدخل السريع في إنقاذ المواطنين والمقيمين من أخطار تلك الكوارث.

وما حدث في الفترة الأخيرة من الهزات الزلزالية التي حدثت في العيص التابعة لمنطقة المدينة المنورة، وكوارث السيول التي حدثت بجدة التي أودت بحياة المئات من المواطنين والمقيمين، وما خلفته من دمار وخراب في المنازل والطرقات والممتلكات، يجعلنا نفكر جدياً باستحداث إدارة للأزمات في كل جهة حكومية، ويتم دعم تلك الإدارات بالموارد المالية والبشرية المدربة، والأجهزة الحديثة التي تحتاج لها تلك الإدارات، كما ويتم تدريب أفرادها بشكل دائم على إدارة الأزمات سواء كانت تلك الأزمات قوية أو ضعيفة، مع إقامة شراكة دائمة بين تلك الإدارات و مختلف الجهات الحكومية، وإجراء تدريب مشترك ليتم التعارف والتنسيق بين هذه الإدارات والجهات المعنية، لتفادي الاضطراب والتشتت حال وجود ظرف طارئ لا سمح الله.

وفي ظني أن أغلب أجهزتنا الحكومية ليس لديها كوادر بشرية مدربة على إدارة أي أزمة قد تحدث، وكذلك لم نسمع بمنشأة حكومية خصصت وقتا لتدريب منسوبيها على الخروج من المنشأة بسبب حدوث إعلان حريق وهمي أو غيره، أو تعريفهم بأبواب الطوارئ، والتعليمات التي يتبعونها أثناء حدوث مثل تلك الأزمات، وهذا إنما يدل على قلة الوعي لدينا، وعدم التخطيط لتفادي ومنع حدوث الكوارث أثناء وقوعها لا قدر الله، أو التقليل من الخسائر البشرية والمادية، فكم من حريق أو مشكلة حدثت، كان بإمكاننا تجنب العديد من الخسائر البشرية لو كان هناك تدريب مسبق على مواجهة مثل تلك الأزمات.

وأختم بآخر أزمة حدثت وهو بركان إيسلندا وما سببه من كارثة بيئية واقتصادية، وكيف كان تأثير هذا البركان على الملاحة الجوية في أوروبا؟ وتوقف الرحلات من أوروبا وإليها، وبسبب ذلك علق مئات المواطنين السعوديين في بعض الدول الأوربية لعدم تمكنهم من العودة إلى وطنهم، وهذا الأمر أيضا يدخل في فن إدارة الأزمات، لأنه من واجب سفارات خادم الحرمين الشريفين في جميع الدول التحرك السريع لخدمة جميع المواطنين عند حدوث مثل هذه الأزمات، وأن تكون جميع سفاراتنا متهيئة ومستعدة طوال العام إلى معالجة وحل مثل تلك الأزمات عند حدوثها، وذلك للتخفيف على المواطنين ومساعدتهم حتى رجوعهم إلى وطنهم، وهذا هو الدور المأمول من سفاراتنا في الخارج هو خدمة المواطن في السراء والضراء.

ونأمل من جميع القطاعات الحكومية والخاصة التفكير في استحداث مثل تلك الإدارات، حتى نتمكن فعلاً من تفادي أغلب الأزمات عند وقوعها لا قدر الله، وأن نكون مستعدين لأي حدث طارئ قد يحدث في أي وقت.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد