Al Jazirah NewsPaper Friday  04/06/2010 G Issue 13763
الجمعة 21 جمادىالآخرة 1431   العدد  13763
 

تحيط بها مواقع وآثار تعود لما قبل الإسلام
المِذْنَبْ.. واجهة حضارية ومقوّمات تاريخية

 

المذنب- عبدالله الشتيلي

تُعَد محافظة المذنب الواجهة الجنوبية لمنطقة القصيم ويبلغ عدد سكانها 66 ألف نسمة في الوقت الراهن، حيث تبلغ مساحتها ما يقارب (4000) كم مربع، يبدأ حدُّها الجنوبي مركز العمار التابع لمنطقة القصيم وتقع على دائرة عرض (24- 25) درجة شمال خط الاستواء، وهو يعادل خط عرض مدينة المجمعة تقريباً، وينتهي حدُّها الشمالي عند طلعة الهشمة التي تقع على دائرة عرض (26) درجة شمال خط الاستواء ويوازي خط عرض مدينة الغاط تماماً، وتقع عند تقاطع دائرة عرض (51-25) درجة شمال خط الاستواء مع خط طول (14-44) درجة شرق غرينتش، وتبعد عن مدينة بريدة ما يقارب 65 كم. وهي من أشهر جهات القصيم الزراعية ل توفر المقومات الزراعية من تربة خصبة ومياه وفيرة، وخبرة اكتسبها الأهالي على مر الزمن، وقد سمِّيت بهذا الاسم لأنه تلتقي فيها بطون الأودية فقد ورد في القاموس المحيط أنّ المِذنب هو مسيل الماء إلى الأرض.

المذنب لغوياً

يقول عضو نادي القصيم الأدبي في بريدة والمشرف على فرع المذنب الأستاذ عبد الرحمن عبد الله الغنايم، إن المذنب عرف بكسر (الميم) وسكون الذال وفتح النون - بهذا الاسم منذ العصر الجاهلي، وهو وصف لطبيعة الأرض التي تتمثل في مسيل الماء من روضة إلى أخرى، حيث أجمعت كتب المعاجم على هذا التعريف وورد في كثير من قصائد الشعراء ما يقارب هذا الوصف.

ذكر المذنب في أبيات للشاعر المخضرم لبيد بن ربيعة العامري حيث قال:

طرب الفؤاد وليته لم يطرب

وعناه ذكرى خلة لم تصقب

سفها ولو أني طيع عواذلي

فيما يشرن به بسفح المذنب

لزجرت قلباً لا يريع لزاجر

إن الغوى إذا غوى لم يعتب

وأشار الهمداني الذي عاش في القرن الثالث الهجري، إلى قرارة المذنب ونهى المذنب الذي يحتوي على حوية مثل النون، فيقر الماء فيها سنين، وورد اسم المذنب بصيغة التثنية والجمع في قصائد لشعراء ينتمون لقبائل كانت مواطنها قريبة من موقع المذنب، كالطويق بن عاصم النميري وعمرو بن الأهتم التميمي وبشر بن أبي خازم الأسدي، وغيرهم ممن وردت أشعارهم في معجم بلاد القصيم وكتاب المذنب بين الماضي والحاضر وكتاب صفحات مطوية من تاريخ المذنب.

مواقع وآثار

سنتطرّق لبعض المواقع التي ورد ذكرها في كتب التراث العربي في الجهات المرتبطة بمحافظة المذنب والجهات المجاورة لها، وما زالت تحتفظ بما يقارب مسمّاها القديم منها.

- صعافيق:

كانت تسمّى رمال الشعافيق كما ذكرها الهمداني في صفة جزيرة العرب وأشار ابن عبد ربه في العقد الفريد إلى يوم صعفوق، عندما أغار بنو بكر على بني سليط بن يربوع من تميم وأصابوا منهم أسرى، فجاء طريف بن تميم العنبري وفدى الأسرى ورهنهم ابنه فأبطأ عليهم فقتلوه فقال:

لا تامنن سليمى أن أفارقها

صرمي الضعائن بعد اليوم صعفوق

أعطيت أعداءه طوعاً برمته

ثم انصرفت وظني غير موثوق

- أم دباب:

ورد ذكر أم دباب في قصيدة للراعي النميري حين قال:

كان هند ثناياها وبهجتها

لما التقينا على أدحال دباب

ربما كان المقصود بها البئر الجاهلية التي تحتوي على تجويف طبيعي يقارب الوصف المذكور، وخاصة أنّ الشاعر ذكر مواقع أخرى قريبة منها.

- لوذان:

الوادي المعروف شمال المذنب.

- السلهمية:

الروضة المعروفة جنوب المذنب ربما كانت ما قصده النمر بن تولب بقوله:

ومنها بأعراض المحاجر دمنة

منها بوادي المسلهمة منزل

- الشقيقة:

كانت تسمى قديماً بنفس الاسم ووقع فيها أحد أيام العرب بالجاهلية.

- صفراء المذنب:

تتصل بصفراء السر التي كان يطلق عليها اسم الحلة التي ذكرها الهمداني وأبو علي الهجري وياقوت الحموي بأنها قُف أي أرض صخرية ببلاد بني ضبة وأن بها مياه كثيرة وطولها نصف نهار وهذا ينطبق على صفراء السر وامتدادها الشمالي يتمثّل بصفراء المذنب.

- قاع الخرما:

كان يسمّى قاع القمراء الذي يسكنه بنو نهشل بن درام وينتهي به وادي الرشاء الذي كان يسمّى وادي التسرير، وقد اكتشفت في ضليع الخرما آثار قديمة ترجع لما قبل العصر الإسلامي بفترة طويلة.

- الأثلة:

من منازل قبيلة باهلة القديمة والحالية كانت تسمّى ذات الأثل وفيها أحد أيام العرب في الجاهلية عندما أغار صخر بن عمرو بن الشريد أخو الشاعرة الخنساء على بني أسد وأخذ إبلهم، فلحقوه بذات الأثل وأصابوه بجراح مات منها فيما بعد، فخلّدت اسمه أخته الخنساء بمراث بقيت على مر الزمن.

معالم حضارية:

بجهود ذاتية وضعت بلدية محافظة المذنب أساسات مشروع المركز الحضاري، حيث تم استكمال بنائه بدعم سخي من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز بلغ (3.000.000) ريال، حيث أطلق اسمه الكريم على هذا الصرح الرائع، وتم اعتماد مبلغ (4.000.000) ريال ضمن ميزانية البلدية لهذا العام لنفس الغرض. ويضيف الأستاذ إبراهيم عبد الكريم الشايع: يقع المركز الحضاري في حي الصالحية على طريق الملك عبد العزيز الرئيسي شمال مبنى المحافظة الجديد وتبلغ مساحته (60000م) تحتوي على مسرح يتسع لست مئة شخص وبهو رئيسي مساحته (1200) م سداسي الأضلاع تتوسطه قبة كروية قطرها (22م)، تعتبر أكبر قبة من الزجاج المعشق على مستوى الشرق الأوسط كما ضم المركز قاعة لكبار الضيوف والشخصيات مكوّنه من دورين، دور أرضي يحتوي على مجلس وصالة طعام ودورات مياه وأربع قاعات للمحاضرات وثلاث غرف نوم، ودور علوي عبارة عن صالة مفتوحة للعرض والتدريب.وتم بناء صالة استقبال أمام المدخل الرئيسي أبعادها (20×60)م وارتفاعها (8م) وصالة طعام بنفس المساحة والارتفاع.

كما يحتوي المركز على مدرج شرق المبنى الرئيسي على شكل المسرح الروماني يتسع لثلاث مئة شخص، كما يوجد داخل المركز مواقف خاصة لكبار الشخصيات ومواقف أخرى للزار والحضور غطيت بطبقة إسفلتية مساحتها 3.000م مربع تتسع لعدد 600 سيارة، ومسطحات خضراء قامت بلدية المذنب بزراعتها لتغطي أكثر من 10.000م، كما تم تركيب أعمدة الإنارة التي وصل ارتفاع بعضها إلى 25م.

السوق الشعبي القديم (جنادرية القصيم):

من أهم المعالم السياحية بالمحافظة على إحداثياته N 5803625 - E 00503044 ويقع شرق من قصر باهلة الذي يرجع لما قبل القرن العاشر الهجري، ورغم صغر مساحته إلا أنه يكتظ بالأهالي والقادمين من المزارعين وأهل البادية في يوم الجمعة لبيع وشراء الماشية، إضافة إلى توفر الكثير من المستلزمات مثل القهوة والهيل والسكر والشاي والأرز وغيرها، وكان المجلس يشهد حركة تجارية استمرت مئات السنين حتى منتصف العقد ما قبل الأخير من القرن الهجري الماضي، ثم عادت الحياة الاجتماعية والاقتصادية لهذا السوق في السنوات الأخيرة، حيث يشهد إقبالاً جماهيرياً بعد صلاة الجمعة من كل أسبوع، ومزاداً تراثياً في آخر أربعاء من كل شهر هجري. كما يحظى السوق بنشاط اجتماعي حيث يفد إليه بعد صلاة العصر مباشرة العديد من كبار السن الذين يستعيدون ذكريات الماضي ويمارسون الألعاب الشعبية.

ويعتبر السوق من أكثر المناطق التراثية جذباً للزوار من سائر مناطق المملكة ودول الخليج المجاورة، حيث يوجد به أكثر من ثلاثين دكاناً تحتوي على العديد من القطع التراثية النادرة، بالإضافة إلى متحف الشيخ غيلان الذي يمثل نموذجاً متكاملاً للبيت القديم. ويتوسط سوق المجلس الديرة القديمة التي تم ترميمها وإعادة بنائها بتعاون الهيئة العليا للسياحة مع بلدية المذنب ونالت جائزة التراث العمراني، وينتظر أن تكون تحفة معمارية بعد استكمال تأهيلها.

منتزه البحيرة:

يقع منتزه البحيرة على طريق الملك عبد العزيز، حيث أقيم هذا المنتزه الجميل على تل صخري (مريقب العيفار) وتبلغ مساحته الكلية (65.000م2) تم تخصيصها للشباب ويحظى المنتزه بالحضور الكثيف من سكان المحافظة والمحافظات المجاورة لتنوّع تضاريسه، وما بذلت فيه البلدية من جهود رائعة تمثّلت في بناء ستة مدرجات، تضم بحيرة ومسطحات خضراء ونوافير وجلسات العوائل والغزاب.الجدير ذكره أنّ محافظة المذنب أصبحت من المحافظات السياحية التي نالت السبق في إقامة المناشط السياحية على مستوى منطقة القصيم، وذلك بإقامة مخيم سياحي عام 1411هـ على طريق مركز روضة الحسو - طريق الرياض بدعم من القطاع الخاص، في حين تم إطلاق أول تنشيط سياحي في منطقة القصيم عام 1421هـ بجهود مشتركة بين القطاع الخاص والحكومي في منتزه البحيرة في فترة المساء، فيما رعى صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة القصيم في الثامن من شهر محرم لعام 1431هـ آخر المناشط السياحية لنهائي بطولة المانعية الدولي الأول للسيارات ساند دراق في منتزه المانعية البري في المذنب الواقع على طريق الرياض الغاط مروراً بمركزي روضة الحسو أم حزم.

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد