Al Jazirah NewsPaper Sunday  06/06/2010 G Issue 13765
الأحد 23 جمادىالآخرة 1431   العدد  13765
 
نزهات
البلطجة بمضرب البيسبول؟
يوسف المحيميد

 

في الوقت الذي لم يمارس فيه سياسيو العالم العربي وكتابها ومثقفوها دوراً محرّضاً ومؤثراً، حاولت منذ سنوات فتاة أمريكية يهودية الدفاع عن بيت عائلة فلسطينية في مدينة رفح في قطاع غزة أثناء الانتفاضة الثانية، ووقفت بجسدها بيديها رافعة يديها تلوّح بطريقة سلمية لسائق الجرّافة، الذي دهسها مرتين حتى فارقت الحياة، تلك هي الشابة الراحلة وعضوة حركة التضامن الدولية، هي راشيل كوري، وهي التي توشحت باسمها مقدمة سفن أسطول الحرية، القادم من تركيا إلى غزة حاملاً مساعدات طبية وإنسانية، يشارك فيه نشطاء سلام، طبعاً حسب وصفي، وليس حسب وصف بعض إعلام أو ساسة إسرائيل أو أمريكا وغيرهما.

لا أريد الحديث عن الواقعة المأساوية، ولا أن أشعر بالأسف عليها كما فعلت الإدارة الأمريكية، بعد أن تحررت من الصمت، وبدأت تتوسل إلى إسرائيل بالتخفيف الجزئي من الحصار الصارم على القطاع، ولا أريد التحدث عن تحول العلاقات التركية الإسرائيلية، أو عن خطاب أردوغان العنيف تحت قبة البرلمان التركي، لا أريد تناول ردود أفعال صحافة اليمين الأمريكية والإسرائيلية التي جاءت أعنف من الخطاب الرسمي فيهما. لا أريد مناقشة كل ذلك لأنك أحياناً، وفي عزّ الفاجعة تحتاج إلى أن تبتسم، إن لم تكن لديك قدرة على الضحك بصوت عالٍ.

هناك شخصية أمريكية محببة استمتع بمتابعتها، لأنها تجلب الضحك حتى بين الأمريكان أنفسهم، حيث مازلت أتذكر تعليقات مثقفين أمريكان وتندرهم عليها، خلال زيارتي لأمريكا التي تصادفت مع حمّى الانتخابات الأمريكية الأخيرة، هي السيدة سارة بالين التي كتبت في صفحتها في الفيس بوك مؤيدة الهجوم الإسرائيلي على النشطاء الذين أطلقت عليهم وصف «البلطجية»، وغاضبة في الوقت نفسه من اللوم الدولي على إسرائيل، وقالت بأن الأسطول لم يكن يحمل مساعدات إنسانية كما روّجت وسائل الإعلام، بل كانت عملية مخطط لها بهدف استفزاز إسرائيل، لفك الحصار عن غزة الغارقة في حكم حماس الإرهابي! وبما أن مصدر سارة الوحيد هو أعلامها اليميني المتطرف فقد قالت بأن الإعلام أوضح اعتداء الناشطين على قوات الجيش الإسرائيلي، وشعرت بالأسف أن وسائل الإعلام تهين ذكاء الأمريكيين حين تضفي على من ماتوا صفة غير حقيقتهم.

ولأننا جميعاً نحترم ذكاء السيدة سارة بنت بالين، وليس بالاً واحداً، وهي المرشحة التي نافست الرئيس أوباما، والتي يعتقد بأنها سترشح نفسها للانتخابات القادمة، التي إن نجحت فيها فسيتحول العالم كله إلى مسرحية كوميدية مدتها أربع سنوات، وليس أربع ساعات، مسرحها أمريكا، وبطلتها سارة، التي ستقضي على آخر أمجاد الزعيم عادل إمام.

أقول لأننا نحترم ذكائها ولا نهينه طبعاً، كنت تمنيت فعلاً بأنني عضو في «فيس بوكها» لأسألها عم تظن أن يحمل أسطول السفن إن لم تكن مساعدات إنسانية؟ مضارب بيسبول مثلاً؟ ليتك، سيدة سارة، قد اطلعتِ فعلاً على تصريح آرثر أفنون السفير الإسرائيلي في الدانمارك، الذي حاول تفسير الهجمة البربرية على سفن الحرية، بأن هناك إشاعات تأكدت لدى السلطة الإسرائيلية بأن هناك علاقة بين الأسطول وبين تنظيم القاعدة، ولم يكتفِ بذلك، بل دافع عن الجنود الإسرائيليين الذين تعرضوا لأعمال عنف عندما صعدوا إلى السفن، وأصيب أحدهم في بطنه وآخرون بمضارب البيسبول! إذن السبب في ما حدث من مجزرة علنية هم النشطاء أنفسهم، وليس الجيش، فهم قدموا إلى غزة على متن سفن تحمل مضارب بيسبول.

الآن أحتاج بشدة إلى مساعدة السيدة سارة لأنها أذكي مني بمراحل، بل بسنوات ضوئية، فهي مرشح نافس الرئيس، وأنا مجرّد كاتب صغير ينظر إجارة رئيسه لمقاله، أريد أن أسألها: لماذا حملت السفن مضارب بيسبول في رأيك؟ هل كان النشطاء يلعبون أثناء النهار وفي عليل البحر المتوسط، أم كانوا يحملونها -بدلا عن الحليب- لتسلية أطفال غزة؟



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد