Al Jazirah NewsPaper Tuesday  08/06/2010 G Issue 13767
الثلاثاء 25 جمادىالآخرة 1431   العدد  13767
 
ملك ملهم.. وإصلاح نوعي رشيد
د. فؤاد بن عبدالسلام الفارسي

 

يتبادر إلى ذهني وأنا استقرئ السمة التي عليها واقع الدولة السعودية الحديثة التي بدأت على يد الإمام جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود -طيب الله ثراه- المؤسس العظيم الذي رسخ قواعد المملكة العربية السعودية على أرض صلبة وبمفاهيم أصيلة قوامها العلم والإيمان صنوان لا يفترقان لأنهما ينبثقان وفق ما تقضي به وتحض عليه العقيدة الإسلامية السمحة وما تتميز به من وسطية واعتدال وبدون إفراط أو تفريط.

ولذلك من الطبيعي أن تجتمع الأمة على كلمة سواء وفي إطار المواطنة الحقة وبدون زيف أو تدليس بل بكل شفافية وتلقائية ووضوح بحيث يستشعر الجميع الأمن والأمان والحياة الكريمة والعيش الرغيد الذي يواكب التقدم الإنساني والتراكم الحضاري لما يتحقق من إنجازات حيوية بناءة.. ولهذا نجد أن خلفاء الملك عبدالعزيز الذين تعاقبوا على سدة الحكم من بعده -رحمهم الله- قد قام كل واحد منهم إبان توليه شؤون البلاد بأعمال وإنجازات أدت إلى ما أدت إليه للمضي قدماً نحو الأفضل مع المحافظة على الثوابت لأنها مصدر إلهامنا وسعادتنا في الدارين.

وفي هذا السياق المفعم بالآمال والتطلعات العريضة تتواصل مسيرة الخير والنماء على يد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي ينسج على منوال السلف وفي يمينه وفكره كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفي قلبه ووجدانه حب الوطن والمواطن بل والإنسانية جمعاء.. وأنا هنا لا أنطلق من فراغ أو ألقي الكلام على عواهنه.. وإنما أنطلق من واقع نعيشه ونبصره ونسمعه ونشاهده على أرض الواقع.

وإن حلول الذكرى الخامسة لتوليه -حفظه الله- سدة الحكم التي يحتفي بها الشعب السعودي قاطبة الذي يبادله حباً بحب لمكانته السامية ولإنجازاته العظيمة الحافلة بالمبادرات الخيرة والطموحات التي يتطلع إليها ويهدف إلى تحقيقها لإحراز إصلاحات نوعية لاستشراف آفاق المستقبل بكل ثقة واقتدار وفي إطار توجه ملهم لأنه رشيد وحكيم ومحسوب كونه يعتمد على قاعدتي العلم والإيمان.. أي الاستمساك بالثوابت مع الأخذ بالأسباب لعمل كل ما من شأنه لا من أجل اللحاق بركب التقدم الذي يسود العالم وحسب بل من أجل أخذ المكان الطليعي الذي يليق بأمة الإسلام وتأريخها الحافل بالأمجاد.

ولعل خير مؤشر التوسعة الجديدة للحرمين الشريفين التي بوشر في تنفيذها واستكمال جسر الجمرات، وقطار المشاعر المقدسة، وقطار الحرمين الشريفين الذي يربط بين مكة المكرمة والمدينة المنورة عبر جدة، وقطار الشمال والجنوب، وقطار الشرق والغرب.

كذلك فإن تعدد المدن الاقتصادية التي يجري إنشاؤها في المملكة علامة فارقة جسدت الطموح المتنامي لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي دشن في عام 1429هـ (مدينة المعرفة الاقتصادية) بالمدينة المنورة التي تقوم على الصناعات المعرفية والمعلوماتية وهي صناعة لا بد منها لدفع عمليات التنمية في كافة المجالات والتي ستجلب استثمارات تقدر بنحو (30) مليار ريال.

كما اعتمد تحويل وادي الرياض للتقنية بجامعة الملك سعود إلى شركة وذلك في إطار توجه المملكة نحو تعزيز بناء الاقتصاد المعرفي.. وباستقراء لغة الأرقام يتبين أن مساحة المرحلة الأولى منه نحو (800) ألف متر مربع.

وفي مجال التعليم الجامعي ارتفع عدد الجامعات من ثمان إلى أكثر من عشرين جامعة في مختلف مدن المملكة ومن ضمنها إنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (لاكوست) في ثول التي تمثل نقلة نوعية على مستوى جامعات العالم المتقدم.. وكذلك التوسع في بناء المدن الصناعية وبخاصة في مجالي إنتاج النفط والغاز والصناعات التحويلية والبتروكيماوية.

كما يمتد هذا الثقل الاقتصادي الذي تمثله المملكة إلى المنتديات العالمية التي تشارك فيها من تحقيق التوازن ومن ضمن ذلك منتدى الطاقة الدولي (12) الذي عقد مؤخراً في جزيرة كانكون المكسيكية، ومن المؤكد أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قد فتحت آفاق الحوار بين منتجي البترول وكبار المستهلكين في العالم ويشمل ذلك توقعات الطلب على الطاقة للسنوات المقبلة لجعل الاستدامة بقدر لا بد منه.. ودعم منتدى الطاقة الدولي في تشجيع الشفافية بهدف الانتقال من مرحلة المواجهة إلى التعاون.

وأخلص مما تقدم إلى أن طموحات ومبادرات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بشأن اختصار عامل الزمن والإقدام بخطوات واثقة لإحداث نقلة حضارية لها ما بعدها من تقدم وازدهار في جميع المجالات الحيوية لهذا البلد العزيز.. إضافة إلى ما يتعلق بموضوع التمكين لمفهوم الحوار بين الأمم والشعوب الذي يتبناه العاهل السعودي لمزيد من التعاون البناء لمصلحة الإنسان في كل مكان وللتغلب على المشكلات القائمة بالطرق الودية للحيلولة دون الصراعات والنزاعات.. ولتتركز الجهود من أجل تنمية حقيقية متكاملة الأركان يسعد بها ولها المجتمع العالمي بأسره.

وبالنسبة لضيوف الرحمن من حجاج ومعتمرين وزائرين الذين يقدر تعدادهم سنوياً بنحو سبعة ملايين ما كان لهذا التعداد أن يتحقق في كل عام لولا توفيق الله عز وجل ثم البنية الأساسية التي هيئتها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا ما أدى إلى هذا الإقبال الكبير وهذه النجاحات المتلاحقة لموسم الحج والعمرة والزيارة وما تتميز به مرده لتوفيق الله عز وجل ثم للأمن الشامل الذي يعم المملكة العربية السعودية من أقصاها إلى أقصاها.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد