Al Jazirah NewsPaper Tuesday  08/06/2010 G Issue 13767
الثلاثاء 25 جمادىالآخرة 1431   العدد  13767
 
مشروعك لم يعتمد..!!
سليم صالح الحريص

 

حين يُشخص الداء يسهل وصف الدواء، هذا أمر مسلم به وندركه تماماً، ولعل كثرة الأخطاء الطبية في مستشفياتنا والحيف الذي يلحق بمرضانا وتعرضهم لهذه الأخطاء التي قد تكلفهم حياتهم هي نتيجة قصور في التشخيص الطبي، وعطاء أطباء استقدموا كيفما اتفق ولمجرد سد الفراغ وكي يحصلوا على رواتب وعلى خبرات وتجارب اكتسبوها من مرضانا ومؤهلات ترتقي بهم درجات على سلم الطبابة ولكن على حساب من؟.. وأحاديث الصحف وأخبارها وما تنقله من حوادث تكشف بجلاء علل مستشفياتنا الدائمة والتي ربما تطول وتطول إن لم تُحدد العلل وبدقه وتشخص الداء بالملم، وما ينطبق على الصحة والمرض يكاد ينطبق على الكثير من العلل والأوجاع وما أكثر ما نئن ونحن منها.

الداء أو المرض لا ينحصر في مفهومه الضيق والمتعلق بصحة البدن أو اعتلال الفرد ومرضه، بل حين تُزمن قضية فهي داء، أو أن تتعرقل مشروعات أو تقف إجراءات تعيق اعتمادها مالياً فهي مرض أو تصاب خدمات بالترهل والعطب تتحول إلى داء، والداء يتطلب العلاج وإن لم يوجد العلاج الطبي المتقدم فلابد من العودة إلى وصفاتنا وطبابتنا الشعبية والكي هو علاجه.

الأمر الذي أتحدث عنه هو ما شخصه الزميل العزيز صاحب العمود الجريء (شيء من) للأستاذ محمد آل الشيخ في عدد الجزيرة ليوم الأحد 2 -6 -1431هـ وتحت عنوان (كسر تسلط وزارة المالية).

وزارة المالية هي ما كينة التنمية ومحركها المادي ومن يملك كيس الذهب فإن الجاه والوجاهة ستأتيه حبوا، وهو من يجزل العطاء أو يبخل ومن يقدم أو يؤخر، وكلمة من يقدم ويؤخر لها في أذني شنة ورنة اطلقها أحدهم ممن يعتقد بأن له الجاه وحده عند التحضير للانتخابات البلدية، فقد طلب من (ربعه وجماعته أن يكون ابنه هو المرشح لتلك الانتخابات لأنهم على حد قوله من يقدمون ويؤخرون)!.

وما قاله هذا الوجيه وبعيداً عن هذا وذاك يبقى ما كتبه الأخ محمد قضية جوهرية يجب أن تناقش وتطرح على بساط البحث والدرس المعمق، لا أن تذهب الحروف والكلمات والأسطر وربما يتغير لون الحبر والورق قبل أن يتبدل الحال.

الزميل العزيز حدد جوهر المشكلة والمتمثلة في سلطة وزارة المالية المطلقة على كل أجهزة الدولة (مالياً على وجه الدقه) فهي وحدها منفردة تغرد في فضاء لا يشاطرها التحليق فيه أحد، فهي تتبنى وتعتمد ما يطيب لها من مشروعات لهذا الجهاز أو ذاك، أو تنتقص من هذا وتعطي ما لا يطلب والموافقة واعتماد ما يوافق توجهات القائمين على توزيع الميزانية على قطاعات الدولة المختلفة وقناعاتهم هم، دون الأخذ بمطالب هذه الجهة أو تلك، بل تدخل معهم في جدلية ويدخلونك في نفق المساومات وتثبيط العزيمة والتقليل من أهمية المشروع رغم أهميته بل وقد يصل الأمر إلى إعطائك مشروعاً لم يطلب في هذه الميزانية لهذه الجهة، وأدلل على ذلك بطلب جهة ذات ميزانية بمبنى لها كلفتة تزيد على (10) ملايين ريال وهو حيوي ومهم، لكن مسؤول هذا القطاع بوزارة المالية عرض عليهم مشروع أقل كلفة وليس ضرورياً أو حيوياً كبديل لمشروع المبنى، وهذا الأمر لا أعتقد بأن أحداً يستطيع نفيه أو رفضه أو الاعتراض عليه.

في العام 1411 - 1412هـ كنت ضمن وفد من أهالي القريات، كلف من قبل معالي أمير منطقة القريات الأمير سلطان السديري -رحمه الله- ببحث احتياجات القريات من المشروعات الخدمية مع عدد من أصحاب المعالي الوزراء، وكان من أهمها ذلك الوقت مشروع المياه حيث تم بحثه مع معالي وزير الزراعة آنذاك، وقد كان ملماً بأهمية هذا المشروع وما يعود منه من فائدة على المدينة والأهالي، وكان حريصاً على تنفيذه وبأسرع وقت ممكن، ومما قاله إن هذا المشروع سيحتل قائمة أولويات مشروعات الوزارة، لكن من يقنع وزارة المالية؟.. فعلاً من يقنع وزارة المالية..؟.

ترجل معاليه عن كرسي وزارة الزراعة والمياه ومضت سنوات، وواجه المشروع العراقيل تلو العراقيل والتأجيل تلو التأجيل حتى قدم سمو الأمير عبدالإله بن عبدالعزيز أميراً لمنطقة الجوف في العام 1419هـ وكان المشروع الأول على أجندة سموه واعتمد بعد سنوات من الانتظار والتأجيل واستفيد من المشروع بعد عشر سنوات!.

مشروع آخر وأنا أتحدث عن مشروعات خبرتها وألم بها الإلمام التام وتخص مسقط رأسي دون الحديث عن مناطق أخرى فربما يكون فيها أضعاف ما تعانية منطقتي، وكان هذا المشروع مبنى لمفتشية الحدود الغربية وإمارة منطقة القريات وقدم لوزارة المالية والاقتصاد الوطني وكانت الكلفة التقديرية للمشروع زهاء (90 مليون ريال)، لكن وزارة المالية قصقصت المشروع ولتغير الاسم (لاحظوا تغيير اسم المشروع) من مبنى للإمارة إلى مكتب لمعالي الأمير وتخفض قيمة المشروع إلى (12) مليون ريال، فسروا لي المبرر، اقنعوني بوجهة نظركم!.

مشروع تطوير مطار القريات قدمته هيئة الطيران المدني كمشروع متكامل منذ خمس سنوات، إلا أن وزارة المالية لم تعتمد للمشروع سوى (25) مليون ريال فأين سيصرف هذا المبلغ وعلى أي بند سينفق؟ هل هو لتطوير وتحسين المدرج أم الصالات أو .. أو ....؟ ومضت سنوات والمشروع في ملفه الأخضر لم يرى النور بعد!.

لكن السؤال كما طرحه الزميل محمد أين دور وزارة التخطيط والاقتصاد؟.. ومافائدة خططنا الخمسية الإنمائية؟.. إن كانت وزارة التخطيط تخطط وترسم وتضع الأطر والسياسات وتجمع المعلومات الإحصائية وترصد الاحتياجات وفق مسوحاتها وهي الأدرى والأكثر معرفة بمتطلبات بلادنا؟ وزارة المالية يبقى توقيعها حائلاً دون إقرار مشروع أو اعتماده، وتبقى لها الكلمة الفصل وهي الفيصل.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد