Al Jazirah NewsPaper Friday  11/06/2010 G Issue 13770
الجمعة 28 جمادىالآخرة 1431   العدد  13770
 
تطويع التقنية لخدمة رسالة الحِسْبة «الحِسْبة الافتراضية»
د. عبد المجيد بن محمد الجَّلال

 

التَّطور الكبير والمُطِّرد في صناعة وتقنية المعلومات والاتصال على مستوى المنظومة العالمية، يفرض على القطاعات المهتمة بقضايا التنمية المستدامة، وبرامج وخطط التحديث والتطوير، التعاطي معها بإيجابية، والسعي الحثيث نحو

توطينها، ومتابعة مستجداتها، لما لها من أدوار أساسية في تطوير بنية العمل، وتحسين مدخلاته ومخرجاته، والتحول الضروري إلى مجتمع المعرفة. في المشهد السعودي حراكٌ متقدٌ، للتعاطي مع أدوات هذه التقنية على أكثر من صعيد، ومحور، عبر بناء الخطط والإستراتيجيات، وتنظيم ورش العمل وحلقات النقاش، وتوسيع دائرة الشراكات المحلية والعالمية، واستقطاب الكفاءات والخبرات، وتقديم المنح الدراسية بمختلف التخصصات ذات الصِّلة بالتقنية المعلوماتية والاتصالية.

في هذا السياق، وفي إطار الحراك الكبير الذي يستهدف تطوير البنية التنظيمية والهيكلية لهيئة الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، وتعزيز شراكتها المجتمعية، برز مؤخراً نشاط بحثي ومعرفي يسعى إلى توظيف التقنية المعلوماتية والاتصالية لخدمة رسالة الحِسْبة، أُطلق عليه مصطلح «الحِسْبة الافتراضية».

وقد قرأت مؤخراً بحثاً قيماً يدور حول مادَّة هذا المصطلح العلمي التقني تحت عنوان «الحِسْبة الافتراضية ودورها في تحقيق أهداف الاحتساب» أعدَّها الأستاذ الدكتور عبدالرحيم بن محمد المغذوي، وقُدمت إلى «ندوة الحِسْبة وعناية المملكة العربية السعودية بها» المنعقدة بتاريخ 11-12-4-1431هـ في مدينة الرياض، كأنموذج مقترح لتفعيل أدوار الاحتساب وأهدافه ومساراته التأصيلية والتطبيقية.

وقد جاء في تعريف «الحِسْبة الافتراضية» أنَّها: الأمر بالمعروف إذا أُظهر تركه، والنَّهي عن المنكر إذا أُظهر فعله من خلال النظم الإلكترونية والبرامج الحاسوبية والوسائط الاتصالية الحديثة.

وقدَّم الباحث عبر هذه الدراسة الوصفية تصوراً عاماً عن محتوى الحِسْبة الافتراضية، كمصطلحٍ جديد ومبتكر في دراسات علوم الحِسْبة، ورافدٍ مهم لأدوار الحِسْبة التقليدية، فتطرق إلى مكوناتها، وأنواعها، ومصادرها، وأهدافها، وخصائصها، ومجالاتها، وآلياتها، ووسائلها، وتقنياتها، وجودتهـا، وإيجابياتها، وسلبياتها. وأكَّد على أهمية تغذية بيئتها وبنيتها التحتية بالتجهيزات الفنية، والكوادر البشرية المؤهلة، فضلاً عن الاستثمارات المالية الكافية. كما أكَّد على أنَّها أوسع مجالاً وتقنية من مفهوم الحِسْبة الإلكترونية.

ومن المتوقع أن تفتح تطبيقات تقنية الحِسْبة الافتراضية بمنظومتها الرقمية والحاسوبية والاتصالية، آفاقاً رحبة على صعيد تقديم المعلومات والبرامج التوعوية والتوجيهية والوقائية، وكذلك الاستشارية، والتدريبية، لشرائح مجتمعية واسعة في أماكن وأزمنة مختلفة. بلْه - وهذا تطور نوعي في غاية الأهمية - يمكن أن تمتدَّ هذه التطبيقات لتشمل مجال التعليم الافتراضي لعلوم الحِسْبة في الجامعات والكليات والمعاهد التي تُعنى بهذه النوعية من الدراسات.

ومن أبرز أهداف الحِسْبة الافتراضية وفق رؤية الباحث:

- إيجاد بيئة تفاعلية بين القائم على الحِسْبة والمستهدف بها من خلال تقنية الاتصال ونظم الكمبيوتر، دون عناء الاتصال والاحتكاك المباشر.

- الوصول إلى نسب عالية كماً وكيفاً من المحتسب عليهم.

- توسيع دائرة مصادر المعلومات لدى المستهدف بالحِسْبة وإيجاد البدائل العلمية والثقافية له.

- توفير فرص التعليم للجهات التي ترغب في الأخذ بالتعليم الافتراضي للحِسْبة.

- إكساب المحتسبين والمستهدفين بالحِسْبة مجموعة من المهارات الفنية والتقنية والعلمية.

- تحقيق الحِسْبة الافتراضية العلاجية لمشكلات أفراد المجتمع، وتقديم الحلول الناجعة للأمراض الفكرية والانحرافات السلوكية من خلال العيادات الافتراضية على الموقع الإلكتروني.

- تحقيق الحِسْبة الوقائية أو الاستباقية التي تهدف إلى وقاية المجتمع من المنكرات والانحرافات، بما يحفظ الأمن العقدي والفكري والسلوكي للمجتمع.

ويوصي الباحث بإجراء المزيد من البحوث والدراسات التي تُعنى بموضوع «الحِسْبة الافتراضية، بتقنياتها، ووسائطها، ووسائلها الحديثة، ويوصي كذلك بدعم إنشاء كرسي بحث متخصص يُعنى بهذه النوعية من الدراسات. إضافة إلى العمل على تحفيز معهد الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، والمراكز البحثية في المعاهد والجامعات المعنية بدراسات الحِسْبة، لتوجيه جزء من مشاريعها البحثية نحو هذه التقنية الحديثة في علوم الحِسْبة.

ومع التأكيد على أهمية توصيات الباحث الدكتور المغذوي، فقد يكون من المفيد كذلك العمل على الإفادة من اتفاقيات وبرامج الشراكة بين الهيئة والجامعات، وأبرزها برامج كراسي الحِسْبة في إجراء دراسات نظرية وتطبيقية، وإعداد برامج للتدريب والتأهيل، وتنظيم ندوات وورش عمل، عن الحِسْبة الافتراضية. ومن المفيد كذلك أن يتولى مركز البحوث والدراسات التابع للهيئة مهمات إعداد خطة إستراتيجية بأهداف وسياسات وبرامج تسمح بإيجاد تصورٍ كامل عن متطلبات وقواعد إنشاء هذه التقنية الجديدة. وبما يخدم في المحصلة النهائية الجانب الأساس في رسالة الحِسْبة وهو الأمر بالمعروف، وتفعيل برامجه وفق أفضل تقنية ممكنة، عبر بيئة اصطناعية متكاملة على الشبكة العنكبوتية، وبمساندة تكنولوجيا الحاسبات والاتصالات، وبمعزلٍ عن القيود الزمانية أو المكانية.

من مأثور الحِكم «الإِبْداعُ لا وَطَنَ لَهُ»



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد