Al Jazirah NewsPaper Friday  11/06/2010 G Issue 13770
الجمعة 28 جمادىالآخرة 1431   العدد  13770
 
صداقة المآسي
مهدي العبار العنزي

 

الصداقة في مفهومها الحقيقي تمثل عملاً من أعمال الخير؛ لما تسفر عنه من تآزر وتناصر وتآخٍ وتعاون على تحقيق الأهداف السامية وصيانتها؛ قال سيد البشرية النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - المرء على دين خليله؛ فلينظر أحدكم من يخالل!

والصديق الصادق الصدوق هو ضالة الإنسان العاقل المتزن، والصداقة التي ليست على نور من الله ولا هدي من رسوله تنقلب إلى بغض وشماتة، مهما طال الزمن أو قصر! أما إذا كانت في الله ومن الله تهدي إلى صراط الله المستقيم فإنها تستمر إلى أن يلقى العبد وجه ربه.. عندها فإن الباري - عز وجل - وعد المتحابين في الله بظلٍ منه لا يضاهيه ظل؛ لأن صداقتهم مرتبطة بطاعة أوامره واجتناب نواهيه؛ يقول - جلَّ شأنه -: أين المتحابون فيّ؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي.

والصديق الحقيقي هو من تنطبق عليه شروط الصداقة التي من أهمها حفظ الود وحفظ الأسرار وصيانتها؛ عوناً وقت الضيق، والصديق هو من تسكن إليه وتعتمد - بعد الله - عليه وتستأنس به وتستشيره بالملمات وتتزين به اذا حضر وتشتاق إليه إذا كان في سفر ويقف مع صديقه في السراء والضراء!!

أما أصدقاء السوء - والعياذ بالله - فشرورهم أكثر من خيرهم وأعمالهم تساهم في تفكيك روابط المجتمع وتعرقل مسيرة المتطلعين إلى الخير؛ لأن الصديق الذي لا يقدم الخير لصديقه هو عدو لدود، وقد حذر نبي الأمة - عليه الصلاة والسلام - من صديق السوء وشبهه بنافخ الكير بينما شبه الصديق الصالح بحامل المسك. وبما أن الشباب أكثر تأثراً وأقل تمحيصاً للأمور؛ فقد وقع معظمهم نهباً للاتجاهات المنحرفة، ولم يدركوا أن الوفاء للصديق فضيلة عليا، ولكن بشرط أن يكون هذا الصديق متحلياً بالدين والرجولة والشهامة والأخلاق الفاضلة، وعليكم أيها الشباب أن تعلموا جيداً أن أعز مكانة للإنسان هي تقوى الله والاقتداء برسوله، واعلموا أن صداقة الرجال بعضهم لبعض تحتل مكانة مهمة في العلاقات بين الناس، وهي ظاهرة من ظواهر الخير؛ لأنها مبنية على المحبة والاحترام بعيداً عن الرذائل والفجور وصداقة الانحلال؛ فاحذروا يا شباب الأمة من صديق لسانه طيب وقلبه أسود؛ فكم من الصداقات جرت على أهلها الوبال والدمار؛ لأنها كانت على غير ما يبتغيه الله ورسوله؛ فالصداقة الزائفة شر من العداوة السافرة، ونبينا أوصى أمته بأن يستأنسوا بالوحدة عن جلساء السوء؛ لأننا في عصر اختلط فيه الصديق العدو والعدو الصديق، وعلينا أن ندرك أهمية الصديق، وكما قال عليٌّ - كرم الله وجهه -: مَن صاحب الأنذال حقر، ومَن جالس العلماء وقر.. نعم لا نريد صداقة تجرنا إلى ويلات ومآس!

****





 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد