Al Jazirah NewsPaper Friday  11/06/2010 G Issue 13770
الجمعة 28 جمادىالآخرة 1431   العدد  13770
 
طالب تضمين الخطاب الدعوي فقه الواقع.. مدير عام فرع الشؤون الإسلامية بمنطقة القصيم لـ(الجزيرة):
حُسن الخُلق أول مقومات النجاح للخطيب والإمام

 

بريدة - خاص بـ (الجزيرة)

طالب الشيخ سليمان بن علي الضالع المدير العام لفرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بمنطقة القصيم أن يكون الخطاب الدعوي مبنياً على احترام أوامر الله - سبحانه وتعالى -، وتجنب نواهيه، وأن تكون الوسطية والاعتدال هي مضمون هذا الخطاب الذي يوضح جوانب النقص واستغلال المتاح في كل شيء ليستقيم الناس على الدين ويعرفوا حق الله عليهم وحق الوطن وولاة الأمر التي تجب طاعتهم والدعاء لهم وعدم الخروج عليهم، مع ضرورة أن يتضمن الخطاب الدعوي فقه الواقع بكافة توجهاته بعيداً عن الغلو والتشدد، إذ إن الوسطية والاعتدال مطلب يجب تحقيقه في الخطاب الدعوي الموجه للمجتمع والأمة.

وناشد الشيخ الضالع - في حديثه ل»الجزيرة» - الجميع، استغلال الكفاءات والمواهب المؤهلة في مجال الدعوة إلى الله، وإقامة الدورات التطويرية لهم بما يثري مجال الدعوة إلى الله ويقوي جانبها، منبهاً إلى أن أعداء الإنسان ما برحوا ينشرون الضلالات والشبه ويشككون في بعض الأحكام الشرعية، وقال: إنه تأكيدٌ لحماية الدعوة من هذه الممارسات المنحرفة لذلك يجب مقاومة هذا الغزو الفكري والثقافي الذي يحارب الدين بما يثيره من دعاوى زائفة وأفكار مسمومة، ويجب على الدعاة إلى الله أن يفندوا هذا التوجه، وأن يحصنوا مجتمعهم وأمتهم من هذه الثقافات، والأفكار، والتصورات الفاسدة، وذلك بنشر الثقافة الإسلامية الأصيلة المبنية على العقيدة الصحيحة، وأن يقدموا الإسلام وتعاليمه السمحة في كل وسيلة ناجحة وفي أسلوب متنوع ومقنع يخدم دين الله ويبين للناس الحق من الباطل، مع ضرورة تصحيح المفاهيم المغلوطة بأبلغ بيان وأسرع وسيلة، وهذا لاشك أنه من التصدي لدعاة الضلالة الذين يحاولون إثارة الشبه ولي أعناق النصوص الشرعية بما يتوافق مع دعوتهم الباطلة وأسلوبهم المنحرف، مبرزاً أن الوسائل الإعلامية المعاصرة لها دور إيجابي أكثر عطاءً وتميزاً في إيضاح ما يثار عن الإسلام من شبه وتأويلات، وداعياً إلى إيجاد إعلام دعوي مضاد قوي ومؤثر يصحح الأفكار، ويذهب الغلو والتشدد، ولا يتأتى ذلك إلاَّ بتنظيم وتخطيط دقيق مبني على قاعدة معلومات ومعطيات متوافرة وصبر، وتعلم، وتنمية للمدارك العلمية والثقافية.

ووصف الشيخ الضالع الدعوة إلى الله بأنها مهمة مقدسة جليلة، أمر الله بها عباده، فقد قال - جل وعلا -: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ}، والدعوة إلى الله هي الدعوة إلى الإيمان به والتصديق بما جاء به الرسل عليهم السلام وهي التبليغ وبيان ونقل هداية الله إلى الناس وهي من الأعمال التي حث عليها الشارع وبيَن قيمتها وفضلها، قال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}، والداعية هو ركن الدعوة التي لا تقوم إلا به، وقد تتفاوت صفات الدعاة من شخص لآخر بحسب اختلاف فروقاتهم الفردية وقدراتهم ومقدراتهم إلا أنه يجب عليه محاولة الاكتساب من الأخلاق أحسنها والسعي الدائم من غير كلل أو ملل فيما من شأنه أن يصقل مهاراته، ويرتقي بها متخذاً من نبينا محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - قدوة دائمة ثابتة.

وأوضح الشيخ سليمان الضالع أن من صفات الداعية أن يتحلى بالعلم والعلم بما يدعو إليه، فلا يكن بدعوته جاهلاً، فيحرم حلالاً أو يحل حراماً فقد قال - تعالى -: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، وأن يكون عمله صادقاً بما يدعو الناس إليه فامتثال الداعية لما يدعو له وعمله به ليكون قدوة صالحة؛ ليتحقق الهدف من دعوته، لأنه لو خالف لافتقدت المصداقية بسبب فعله، قال - تعالى-: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}، وكذلك حسن الخلق لأن حسن الخلق من أهم أسباب نجاح الداعية، قال - عز وجل -: {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}، بل إن حسن الخلق يحتاجه الإنسان في جميع مناحي الحياة سواء من أهله، أو أصحابه، أو جيرانه، أو غيرهم، وقد قال - جل في علاه - عن قدوتنا وحبيبنا محمد - صلى الله عليه وسلم -: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، فإن حسن الخلق يفتح القلوب الغلف، والأعين العمي، والأذان الصم، ويشرح الصدور، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقا)، كما يستحب أن يتصف الداعية بالإحسان، وهو من أهم صفات الداعية، فيجب على الداعية مقابلة إساءات الناس بالإحسان إليهم، لأنه هدفه نبيل يدعو إلى قبول دعوته، قال الله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، فلا ينبغي للداعية أن يقابل ما يقال ضده بالإساءة، بل يقابله بالإحسان، وهذا بأن يجلب قلوب المدعوين الغافلين.

وأضاف الشيخ الضالع قائلاً: إن الصبر مفتاح للإحسان وسلاح للدعاة وطريق للنجاة، وهو من وصية لقمان لابنه عندما أمره بالدعوة إلى الله، فقد قال الله - عز وجل - على لسانه: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}، مبيناً أن الصفات التي يجب على الداعية أن يتحلى بها هي صفات ربانية لا يستطيع أحد اختزالها واختصارها.

وأكد المدير العام لفرع الوزارة بالقصيم على أن الدعوة إلى الله هي دعوة إلى صراطه المستقيم، فعلى الداعية أن يدرك أهمية هذا العمل الدعوي فينتبه لما يجري حوله، مطالباً الداعية بأن يكون حكيماً، وأن يتثبت في الأمور، والصدق، والإخلاص، والفهم الدقيق، وأن يكون محل قدوة لغيره، لأن هذا من أسباب نجاح دعوته، وهذا مما يقرب الناس لقبول دعوته والاستجابة لما يدعو إليه، مبيناً أن كثيرا من الدعاة قد أدرك أهمية القدوة واتباع سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسيرة صحابته، والسلف الصالح في الدعوة إلى الله والتمثل بها، فكانت القدوة هي الوسيلة التي توصل للغاية وهذه القدوة هي أسلوب ضروري لتبليغ دعوة الله للناس، لقد استفاد كثير من الدعاة من هذا المنهج حيث أعطى ثماراً كثيرة وجعل الداعية في مكانة عالية من التقدير والاحترام والقبول لأن الداعية يكسب لدعوته بسلوكه أكثر مما يكسبها بخطبه ومواعظه وأن هذا السلوك هو الصورة الحية العملية لدعوته حيث يراه الناس في سكونه وحركته ووقوفه ومشيته وبكائه وضحكته فالقدوة العملية تؤثر في القلوب أكثر مما تؤثر الكلمة والموعظة.

وكرر الشيخ الضالع تأكيده على أن الدعوة إلى الله تحتاج إلى داعية حصيف متقن في مهاراته، وأن وجود المعطيات الأساسية للقيام في الدعوة إلى الله أمر مطلوب ومن ذلك: إقامة المراكز والمكاتب الدعوية التي تعنى بذلك الأمر، لذا حرصت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد على الاهتمام والعناية بهذا الجانب المهم من حياة الناس انطلاقاً من رسالة المملكة العربية السعودية التي تتضمن أن يصل الإسلام وتعاليمه السمحة إلى كافة بقاع الأرض, فكان الاهتمام بالدعوة هو طريقاً ناجحاً لإيصالها خارج الحدود نشراً للكتاب والسنة وتحقيقاً للالتزام بحقيقة الإسلام ومعالجة لظواهر الغلو والتشدد واستمراراً لجهود الوزارة في إنفاذ هذه الرسالة الخالدة فإن على القائمين بالدعوة توحيد الجهود وسن الأنظمة والتعليمات المنظمة للعمل الدعوي وضبطه بما يؤدي دوره المطلوب وأن يكون هناك دعماً حقيقياً لسد جوانب النقص سواءً في إعداد الدعاة وتأهيلهم، أو الوسائل والأساليب المتجددة.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد