Al Jazirah NewsPaper Friday  11/06/2010 G Issue 13770
الجمعة 28 جمادىالآخرة 1431   العدد  13770
 
الأيتام ورضاعة الكبار
د. إبراهيم بن أحمد الضبيب

 

ليست دعوة للتبني فلا تبني في الإسلام فقول الله ورسوله فصل في الأحكام الشرعية والاختلاف رحمة من الله للتسهيل على عباده وذلك لألي الأمر من ذوي الألباب النيرة التي تسعى لعمارة الأرض التي أمرنا الله بها، فعندما أفتى الدكتور عزت عطية رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر (بإباحة رضاعة المرأة العاملة لزميلها في العمل من أجل إباحة الخلوة الشرعية بينهما إذا اقتضت ظروف العمل ذلك بشرط أن تكون الخلوة لضرورة دينية أو دنيوية).. والذي أوقف من مدير جامعة الأزهر عن العمل بسبب تلك الفتوى التي تقشعر لها الأبدان، فتصور أن السائق أو الحارس أو الطباخ يتربعون بين أهلك في الصالة ولكن أن تعاد الفتوى من بني جلدتك بنفس المفهوم بأسلوب مختلف من فضيلة الشيخ عبدالمحسن العبيكان قائلاً: (إذا احتاج أهل بيت إلى رجل أجنبي، يدخل عليهم بشكل متكرر وهو -أيضاً- ليس له سوى أهل ذلك البيت، ودخوله فيه صعوبة عليهم، ويسبب لهم إحراجاً، وبالأخص إذا كان في ذلك البيت نساء، أو زوجة فإن للزوجة حق إرضاعه) أصبح لها قبول عند بعض الناس على الرغم من الخلاف الفقهي القائم في هذه المسألة لكونها حالة خاصة قائمة على اعتبار إنساني تخص سالماً مولى أبي حذيفة في الحديث المتفق عليه حيث كان سالماً صغيراً تبناه أبو حذيفة وكان يخالط أهله ولما كبر وبلغ أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيلة زوجة (أبي حذيفة) بإرضاعه من لبنها لتكون أمه من الرضاعة ففعلت، من هنا تأتي أهمية إشراك أصحاب العلم الراسخ من رجال ومراكز العلم المتخصصة بالفقه مثل جامعة الإمام وطيبة وأم القرى بباحثيها ومختصيها ومؤسساتها العلمية إضافة إلى مجالس الإفتاء والمراكز العلمية المختصة بمثل هذه القضايا الفقهية بعيداً عن المنشآت الصحفية لدراسة مدى الاستفادة من مسألة رضاعة الكبير للأيتام المحتضنين عند أسر الذين تجاوزت أعمارهم الحولين وتوفيت الحاضنة ورغبة إحدى الأسر القريبة من الحاضنة الاستمرار في حضانة هذا اليتيم لكون الرضاعة شرطاً في احتضان الأطفال الأيتام عند تلك الأسر ما تضطر الأسرة الحاضنة إلى إعادة اليتيم إلى المؤسسة الإيوائية وهذا ينطبق أيضاً على الأسر الصديقة للأيتام الذين نشأ بينهم وله علاقة أبوية قائمة على التعاطف والمحبة والتي يفاجأ به اليتيم بأن الأسرة الصديقة تتطلب منه الانفصال عنها بعد بلوغه لصعوبة دخوله والاختلاط بأفرادها لكونه ليس بمحرم لها.. حيث ينصدم اليتيم وتتكالب عليه الضغوط والإرهاصات النفسية حتى يصل إلى مرحلة انفصال عن المجتمع لكونه فقد أعز ما تعلق به وهو أفراد تلك الأسرة التي كانت له أملاً بالتواصل مع المجتمع فأتصور أن سالماً مولى أبي حذيفة لم يكن أقل وضعاً إنسانياً من هؤلاء الأيتام الذين يرجعون للمؤسسات الإيوائية لعدم استطاعة الأسرة الاستمرار برعايتهم بين أفراد أسرة خاصة عند وفاة الحاضنة أو بلوغ اليتيم سن الرشد عند الأسرة الصديقة ووقوع الأيتام من الجنسين في مأزق أحلاهم أمر إما أن يعود للمؤسسة الإيوائية لعدم وجود محرم لهم في الأسرة أو أن يسكن في ملحق ملاصق لمنزل الأسرة ويشعر بنبذ لكونه ليس محرماً لها فلو درس أصحاب العلم الراسخ مشروعية رضاعة الكبير في حال هؤلاء الأيتام عند الأسر الحاضنة أو عند الأسر الصديقة من منظور إنساني، فإن ذلك من وجهة نظري سوف يعين الأسر على الاستمرار برعاية هؤلاء الأيتام داخل أسر طبيعية بعيداً عن الرعاية المؤسسية التي مهما اجتهد المختصون بها فإنها لا تقدم نفس الحياة الأسرية بالمجتمع خاصة في حالة عودتهم من أسر طبيعية إلى المؤسسة الإيوائية.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد