Al Jazirah NewsPaper Friday  11/06/2010 G Issue 13770
الجمعة 28 جمادىالآخرة 1431   العدد  13770
 
عتمة الليل
شريف الأتربي *

 

نظر عبر زجاج النافذة فرأى شعاع الفجر يختلط بعتمة الليل، فأحس أن شيئاً يلوح في الآفاق، فسرح فيما يمكن أن يحدث، فأبرحت ذاكرته مرتدة عشرات السنين، وكلما أبحرت رست على شاطئ من شواطئ عمره الممتدة عبر ستين عاما، فتذكر كيف أتى إلى هنا صبياً صغيراً بصحبة أبيه، وأدرك أن المال هو لغة الحياة الحديثة، فبدون مال أنت لا شيء، هكذا تعلم الدرس الأول من أبيه، فأصبح همه المال يجمع منه بقدر طاقته المتغيرة حسب تقدم العمر، ومات أبواه وأصبح وحيداً إلا من المال، وقرر أن يتزوج فكانت زوجته وأولاده ضحايا حبه للمال، تمسك بكل ما يملك ولم يشأ أن يشاركه أحد فيه، فكان هو عنوان البخل في كل شيء حتى عواطفه لو قدر له أن يبيعها ما تردد، فهجرته زوجته هرباً، وأحس أنه تخلص من عبء كان يثقل كاهله، واستمرت رحلته حتى أنه نسي متى هاتف أولاده آخر مرة ربما من ثلاث سنوات أو أكثر، وأعاد نظره إلى النافذة وأبصر شعاعاً صغيراً يزيح عتمة الليل ويفرقها فتصبح كأنها ورقة شجر سقطت بفعل ريح قوية حملتها آلاف الأميال، ودقق النظر في النافذة فإذا به يرى وجهه وقد أزاحه شعاع الضوء ففزع وأعاد النظر مرة أخرى فأحس بتربص شعاع الضوء به فاشتد خوفه وأرخى ستائره البالية فوق نافذته الوحيدة واحتضن ما اكتسبه في هذا اليوم بين ضلعيه وراح في سبات عميق.

* مدارس الرياض للبنين والبنات


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد