Al Jazirah NewsPaper Thursday  17/06/2010 G Issue 13776
الخميس 05 رجب 1431   العدد  13776
 
القانون
د.عبدالمحسن بن عبدالله التويجري

 

ماذا نفهم عن القانون؟ وكيف يكون تفاعلنا معه؟

البعض يظن أنه مجموعة نصوص ملزمة تُجبر الواحد منا على الأخذ بها حتى ولو يفهم بعضنا معنى هذا النص، غير أنه متأكد أن هذا نص قانوني وعليه الالتزام به..

.. وقد يرى البعض أن العدل يُسنّ بقانون، وأن الظلم يزول بقانون، كذلك الخطأ والصواب يحددان بقانون، لكن للحقيقة وجه آخر، فالقانون شيء آخر وشيء غير هذا فهو أبعد وأعمق من ذلك.

إن القانون الجدير بهذا الاسم هو المعبر حقاً عن روح المجتمع المنبعث من أعماقه مثله مثل التعبير الفني حين يكون صادقاً.

الكل يعرف أن هناك مجتمعاً يلتزم بقانون غير مكتوب مثل العادة، أو التقليد، أو العرف فهو قانون يلتزم به الناس ويدافعون عنه، وهو محل احترامهم، والعرف كما نراه بمثابة القانون عاش ويعيش قروناً محتفظاً بتأثيره ومعانيه، وقد نحسبه جزءا من الطبع في الإنسان ومقابل هذا هناك قانون مرصع بكل أنواع الأختام، ولكنه لا يحظى بأي اعتراف أو احترام، بل إنّ الناس تتملل منه لكنه قانون بمعنى الغرض، فهو قرار حكومي وعلى الناس الامتثال له، وفي الامتثال له فهم عميق وتقدير أعمق لهذه الحكومة، ومن يلاحظ ويدقق في الأمور يجد أن كثيراً من القوانين يسمع بها الفرد، أو أنه لا يعرفها، إلا في لحظة تدعوه إلى الامتثال لها، وربما أن الرواية التي أوردها، تكون منطلقا لفهم أعمق ووضوح أكثر.

والرواية تقول: هناك سيدة تملك فندقاً صغيراً في إنجلترا على شاطئ البحر، وفي أحد الأيام جاءها الصياد الذي تعودت أن تشتري منه السمك، وجاء يحمل خبراً مثيراً مفاده أنه صاد سمكة ذكر اسمها، وهي التي تنتج الكافيار، ذلك أن وجودها في البحر جاء نتيجة أنها ظلت طريقها، فالسمك لا يوجد في بحار إنجلترا عادة، اللهم إلا نادراً.

ونهاية الأمر اشترت السيدة السمكة، وأعلنت عن وليمة عشاء لنزلاء الفندق وكبار القوم في القرية، فإذا برجل عجوز من بين المدعوين يقول لها إن هناك قانوناً منذ القرن السادس عشر، يقضي بأن أي سمكة من هذا النوع يتم صيدها تكون ملكاً لملك إنجلترا وأسقط في يد السيدة واتصلت تلفونياً بقصر ملكة إنجلترا تسأل عن القانون فقيل لها: نعم، ما زال القانون ساري المفعول، ولكنه لا يظن أن الملكة ستطالب بالسمكة، ولكن السيدة ألغت العشاء وحملت السمكة في أحسن وعاء لديها وغادرت القرية إلى لندن متجهة إلى قصر باكنجهام، وأصرت على تسليم السمكة للملكة، ولقد لاحقتها الصحف، وعلقت السيدة على القانون بأنه سخيف جداً.

وكذلك الصحفيون، فجميعهم يرى أنه سخيف حين صدر، لكن مع الزمن وتطور الحياة في إنجلترا تغيرت بعض الأمور حيث إن القانون كان تعبيراً عن ظلم القرون الوسطى، ولكن إحساس المرأة بأن قوانين بلدها تعبّر عنها أحست بسعادة كبرى أنها تطبق قانوناً وإن كان ميتا أو لو سخر منها الصحفيون لكنها عبّرت عن ذاتها وما تجذر في أعماقها، وكذلك الدافع الذي حركها، وهذا كله يعتبر هو القانون.



shadyme@gmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد