Al Jazirah NewsPaper Friday  18/06/2010 G Issue 13777
الجمعة 06 رجب 1431   العدد  13777
 
رعب اجتاح هوليود بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر

 

خلال الفترة القريبة القادمة سيعيش العالم الذكرى التاسعة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر والتي يعتبرها الكثير من المراقبين أكثر الذكريات المؤلمة التي عايشها الشعب الأمريكي، وبلا شك تأثر الخطاب والمضمون في الإنتاج الفني والأدبي والثقافي في غالبية ما تم تقديمه في الولايات المتحدة.. وعلى الرغم من تلك التغييرات الثقافية والفنية والاجتماعية التي تشكَّلت في العديد من الإنتاجيات على كافة الأصعدة إلا أن نهج السينما الأمريكية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر خصوصاً الإنتاج السينمائي السياسي بخطها ما زال محدوداً، وعلى النقيض نجد أن السينما التجارية تطورت بشكل كبير بعد أزمة الثلاثاء الأسود، ويبدو أن شركات وأستديوهات هوليود الضخمة تحاول أن تنسي جمهورها من خلال المؤثرات والقصص الممتعة، بالتالي لا تقدم لهم المزيد من السياسة التي أشبعت في الإعلام الأمريكي، فبعد موجة الأفلام التي قدمها المخرج ألفير ستون قبل سنوات لم نشاهد موجة جديدة لخط السينما السياسية كتلك التي أسسها ستون، أفلام ستون السياسية الأبرز هي «جي أف كي JFK» والذي يستعرض بالتفصيل كيف تمت عملية أشهر الاغتيالات في التاريخ الحديث، الاغتيال الذي كان ضحيته الرئيس الأمريكي والمحبوب على مستوى الشعب الأمريكي جي أف كيندي، وبعد جي أف كي قدم أليفير ستون شخصية سياسية مشهورة أخرى مع فيلم «نيكسون «NIXON» والذي يستعرض حياة الرئيس الأمريكي نيكسون الشخصية والمهنية، وكلا الفيلمين للمخرج الأمريكي ألفير ستون نالت رضاءً نقدياً واسع النطاق ولقيت ترحيباً في الجوائز والأكاديميات، ولكن لم نشاهد بعد هذين الفيلمين إلا محاولات معدودة لاستعراض قضايا سياسية وأحداث دولية هامة، لعل أهمها الفيلم البريطاني» الملكة» The Queen الذي يتعمق في كواليس القصر الملكي البريطاني بعد رحيل الأميرة ديانا وطريقة التعامل المثالية من قبل حكومة توني بلير مع الحدث الهام، في الوقت الذي يستعرض الفيلم بسخرية التعامل الملكي الكلاسيكي الباهت مع الحدث الجلل الذي أصاب أمة بريطانيا.. أفلام سياسية أمريكية استعرضت الحدث الأهم في تاريخ أمريكا الحديث وهو يوم الثلاثاء الأسود الموافق الحادي عشر من سبتمبر.. ولعل أهم تلك الأعمال هو فيلم «الرحلة» يستعرض المخرج بيتر ماركلي في هذا الفيلم التلفزيوني الدرامي المثير الرحلة الثالثة والتسعين تفاصيل ما حدث لركاب تلك الرحلة أثناء لحظة اختطافها من بين الطائرات الأربع التي نجحت ثلاث منها في تحقيق أهدافها.. يسرد نص الفيلم ردة الفعل الأولى التي حصلت لعائلات الركاب أثناء تلقيهم خبر اصطدام طائرة تجارية لمبنى التجارة العالمي، ويتعمق السيناريو في تفصيل الجانب النفسي لعائلات الركاب الذين على متن الطائرة المنكوبة 93، العمل شبيه إلى حد كبير من ناحية الشكل والسيناريو بالعمل السينمائي المتميز «يونايتد 93» الذي تكفل بإخراجه بول جرينجراس وحاز على نجاح نقدي وأكاديمي، يبدأ هذا العمل المثير للجدل بمشاهد تصور ما حدث أثناء مرحلة التفتيش النهائية والتي تكون قبل الشروع في إنهاء إجراءات السفر عن طريق البوابة المؤدية للطائرة.. ويسرد الفيلم الطريقة التي خطط لها الإرهابيون لكي يتمكنوا من اختطاف الطائرة من دون إثارة الشكوك أثناء مرحلة التفتيش في المطار، ثم تبدأ المرحلة التالية وهي الأصعب وتتمثل في التهديد بقنبلة في حالة عدم تعاون طاقم الطائرة المضيف معهم، يتوقف بعدها المخرج لينقل المُشاهد للمراحل التراجيدية الإنسانية العصيبة التي مر بها جميع عائلات طاقم الرحلة 93 وركابها عند علمهم بأنها من ضمن الطائرات الأربع المُختطفة في ذلك اليوم المشئوم، تبدأ الأسئلة والاستفسارات حول الهدف الحقيقي الذي يخطط له من قام بعملية الاختطاف.. هل تتمثل بالمطالبة بفدية؟ أم مطالبات سياسية معينة؟ أم الأمر الأكثر تعقيداً لهم وهو القيام بعملية انتحارية لهدف مرسوم مسبقاً..؟ يستعرض الفيلم الاتصالات التي حصلت بين برج المراقبة الخاص بمتابعة سير خط الطائرات على أجواء الولايات المتحدة وبين المختطفين، ثم يتحول لمرحلة علم برج المراقبة بالهدف الذي ينوي الإرهابيون القيام به عن طريق إرسال طائرة مقاتلة لمتابعة سير الطائرة المشتبه فيها.

بعد ذلك ينتقل المخرج مرة أخرى لركاب الطائرة مستعرضاً ملامح الحزن والخوف عليهم بشكل إنساني مؤثر، ويستعرض الخطط التي من الممكن أن تنقذهم من ذلك الموقف الصعب تجد فريقاً منهم يفضل مهاجمة الإرهابيين حتى لو جازفوا بتفجير القنبلة.. ومنهم من يرى بأهمية إعلام السلطات بموقعهم لكي تتمكن الطائرات المقاتلة من إجبار الطائرة على الهبوط والقليل منهم يرى أنه من الأفضل أن ينتظروا على أمل أن يكون هدف المختطفين هو المُطالبة بفدية، نجد أن الجميع اتفق على مهاجمة الإرهابيين بعد حصولهم على تأكيدات من خلال اتصالاتهم بذويهم بأنّ برجي التجارة العالمية قد تمت مهاجمتهما، ومبنى البنتاجون أيضاً قد تمكنت منه إحدى الطائرات المُختطفة.. وبالتالي قطعت تلك الأحداث الشك باليقين بأن الطائرة 93 متوجهة سلفاً لأحد الأهداف المعينة والتي قد تكون البيت الأبيض أو مبنى الكونجرس.

مضمون الفيلم في النهاية بلا شك إنساني بالدرجة الأولى.. فهو لا يهدف بالدرجة الأولى للطريقة التي من الممكن أن يفعلها الركاب تجاه الإرهابيين أثناء توجههم لأحد الأهداف، فهو يستعرض المدى التراجيدي المؤلم للإنسان عندما يعلم بأن أحد أقربائه على وشك الموت، ويبحر السيناريو في نفسية الأهالي عندما يتبين لهم ما سيحصل لأحبائهم وأقربائهم الذين كانوا على متن الطائرة المخطوفة، وقد تمت صياغة السيناريو على يد الكاتب «شرينر فيتيري».. معتمداً على شهادات مقدمة من عائلات الضحايا أثناء إفادتهم المعتمدة على الاتصالات التي حصلت بينهم وبين ركاب تلك الرحلة، وعلى ما حدث بين طاقم المراقبة الجوية والمختطفين أثناء تسجيل تلك المحادثات في الصندوق الأسود الخاص بالطائرة.

الفيلم حصل على درجات عالية من النقاد، وترشح لست جوائز لحفل الإيمي الخاص بتكريم الأعمال التلفزيونية، وبلا شك يستحق أن يكون في قائمة الأفلام الإنسانية المؤثرة التي استعرضت الجانب المؤلم لضحايا الحادي عشر من سبتمبر.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد