Al Jazirah NewsPaper Friday  18/06/2010 G Issue 13777
الجمعة 06 رجب 1431   العدد  13777
 
طرح السينما السياسية هل هو متوازن بعد 11 سبتمبر؟

 

هناك العديد من المغالطات لدى بعض النماذج السياسية في السينما الأمريكية عن كيفية معالجة الإرهاب لدى بعض الدول حول العالم، وعلى الرغم من محاولة بعض الليبراليين ومناهضي الحرب دعم بعض الإنتاجات السينمائية المتوازنة ولكن هناك من الجهة المقابلة من يعمل على قلب المفاهيم وتشويش الحقائق من خلال تقديم معلومات لم يتم إثباتها تاريخياً، ولعل أبرز مثال هو فيلم «The Kingdom المملكة» الذي تم إنتاجه قبل حوالي عامين، يقدم سيناريو فيلم «المملكة» مغالطة للحقائق التاريخية والموثقة عندما قدم فريق من الاستخبارات الفيدرالية الأمريكية FBI وهم يتعاونون مع فريق مماثل من الجانب الأمني المحلي على كشف مكان رجل مشبوه يُدعى «أبو حمزة» في حي السويدي «أحد أشهر الأحياء في مدينة الرياض» «أبو حمزة» أحد أفراد تنظيم القاعدة ومطلوب لأكثر من جهة دولية بتهمة الإرهاب والتعاون مع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، يبدأ سيناريو الفيلم بتفجير ضخم يتم تنفيذه داخل مجمع سكني في أحد أحياء شمال مدينة الرياض، المجمع تم استهدافه بسبب عدد من المقيمين الأجانب نسبة كبيرة منهم من مواطني الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر جعل من أحد رجالات المخابرات الأمريكية يصر على الذهاب لمدينة الرياض لكشف حقيقة المتسبب في الانفجار، وبشكل غير مفهوم يقدم كاتب الفيلم «ماتوي مايكل» العناصر العسكرية التابعة للأمن السعودي وكأنهم لا يفقهون في أمور متابعة وملاحقة العناصر الإرهابية.. متجاهلاً في الوقت نفسه الإنجازات غير المسبوقة للأمن السعودي المتمثلة في الكشف عن العديد من الخلايا الإرهابية وذلك عن طريق ضربات متكررة جعلت من تنظيم القاعدة في السعودية يتآكل حتى اختفت شمسه في السنتين الأخيرتين، والعجيب أن التغطية الإعلامية قبل أن تكون من الإعلام السعودي والعربي قُدمت عن طريق الإعلام الغربي نفسه، فالجميع يتذكر كيف كانت قنوات bbc وCNN تشهد بكفاءة الأمن السعودي من خلال حربه الداخلية مع الإرهاب وكيف تفوق من خلال قوة المعلومات التي يملكها، وكفاءة الأجهزة والعناصر التي تتبع له أثناء مطاردته لعناصر التنظيم الإرهابي التي عجزت بعض الدول الأخرى في مواجهته، يواصل سيناريو الفيلم في تقديم أكذوبات وتلميحات لا مبرر لها من أبرزها تقديم حي السويدي كأحد المخابئ التي تشتهر بالإرهاب والتعاطف مع خلايا تنظيم القاعدة، متجاهلاً في الوقت نفسه أن سكان حي السويدي أنفسهم ساعدوا أجهزة الأمن كغيرهم من سكان الأحياء الأخرى أثناء المواجهة مع العناصر الإرهابية، الفيلم يقدم نفسه كأحد أضعف الأفلام من ناحية السرد القصصي المتمثل في تقديم حقائق غير مدعومة بالأدلة الكافية، استعراض خجول لشوارع الرياض التي تم تصويرها في مدينة أبو ظبي، فيما يقدم الفيلم شخصيات سعودية بلهجات عربية غريبة، بل قدم أحد سكان أحياء السويدي السعوديين بلباس آسيوي في فشل غير مستغرب لواحد من أصعب الإنتاجات الهوليودية في السنوات الأخيرة، في الوقت نفسه يعتبر الفيلم من الناحية الفنية ضعيفاً لأبعد الحدود.. فالتصوير السينمائي كان متواضعاً والمونتاج غير متناسق، علاوة على التمثيل السيئ من طاقم الفيلم التمثيلي المتمثل في الحائزين على الأوسكار «كريس كوبر» و»جيمي فوكس»، باستثناء الأداء التمثيلي الجيد نسبياً الذي قدمه الممثل «أشرف برهوم»، غير ذلك الفيلم لا يعدو كونه مضيعة للوقت حتى للمشاهد الغربي بصفة خاصة، فلا يبدو أن النص كان مقنعاً بما فيه الكفاية لتقديم نفسه كحجة لحقيقة تاريخية للمتلقي سواء في الغرب.. أو في الشرق الأوسط، أضف إلى ذلك أن المعالجة السينمائية للأحداث كانت هوليودية تجارية بحتة بشكل أنقص من قيمة الفيلم السردية عندما تشاهد من قبل الجمهور عربياً كان أو أجنبياً، فمن يصدق أنه خلال زمن يقدر بـ 24 ساعة فقط يتم التنسيق على إرسال مجموعة من المتخصصين من أجل القبض على مجموعة من الإرهابيين من دون تمهيد درامي منطقي يؤهلهم لذلك، ذلك النص المتهالك جعل النقاد الغربيين ينتقصون من قيمة الفيلم الفكرية والفنية عندما استبعدوه كلياً من قوائمهم ذلك العام، في الوقت الذي لقي الفيلم المنصف الآخر لجورج كلوني «Syriana» وقتها وقبل عامين فقط ترحيباً نقدياً بحكم أنه كان منصفاً بما فيه الكفاية في تقديم الحرب على الإرهاب بصفة غير تلك التي قدمت في فيلم «The Kingdom».. والذي كانت تشوبه صفة هوليود اللعينة عندما تقدم الأبطال وحدهم من أبناء الحرية وكأن البطولة محصورة ومحتكرة لأبناء الحرية يبدو أنها عقدة تواصلت معهم منذ زمن فيتنام عندما قدموا «روامبو» لينسيهم الهزائم المخزية التي تلقتها أجهزتهم العسكرية إبان حربهم الظالمة على الشيوعية في فيتنام.





 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد