Al Jazirah NewsPaper Saturday  19/06/2010 G Issue 13778
السبت 07 رجب 1431   العدد  13778
 
دعاوى الإغراق.. تُركيا بعد الهند والصين!
فضل بن سعد البوعينين

 

لن تقف قضايا الإغراق المرفوعة ضد الشركات البتروكيماوية السعودية عند حد طالما أن التعامل معها لا يرقى إلى مستوى الاحترافية والكفاءة. الهند كانت البداية، ثم الصين وتركيا حالياً، وربما دول أخرى في القريب العاجل. لا أستبعد أن تتبنى بعض الدول مواقف دول أخرى في فرضها إجراءات حمائية ضد المنتجات البتروكيماوية السعودية.

ملف القضايا التجارية والمالية بات ينافس ملفات القضايا الدبلوماسية لدى بعض وزراء خارجية الدول العظمى!، وربما نافس القضايا الاستخباراتية العسكرية لدى وكالات الاستخبارات الفاعلة! الأخبار المتأتية من أفغانستان تُشير إلى اكتشاف مخزون ضخم من المعادن غير المستغلة تُقدر قيمتها بأكثر من تريليون دولار، ومواد خام أساسية تستخدم في الصناعات التقنية الحديثة المزدهرة في الولايات المتحدة. تلك المعلومات المهمة ربما كشفت عن نوعية التخطيط الإستراتيجي، لتحقيق أهداف إستراتيجية على علاقة بالثروات الطبيعية.

أترك التوجس الإستراتيجي الذي أجده محيطاً في كل ما يحملنا الآخرون على مواجهته، أو تبنيه، وأعود إلى مقالة نُشرت في «الجزيرة» بُعيد رفع الشركات الهندية قضايا إغراق ضد الشركات السعودية، حيث أوردت فيها ما نصه» تَعَامَل الجانب السعودي مع الضرائب المُحدثة من باب حجم الضرر المباشر، باعتبار أن السوق الهندية لا تُمثل إلا نسبة ضئيلة من الصادرات البتروكيماوية السعودية، وبذلك يصبح القرار (شبه ميت) من الناحية العملية!. والحقيقة أن القرارات الحمائية لا يمكن أن تقف عند حد معين، أو أن تبقى في محيطها الجغرافي، ومتى ما أُقرت رسمياً فإمكانية تطورها وانتشارها جغرافياً يُصبح أمراً حتمياً. وهنا يجب التركيز على الأضرار غير المباشرة التي يمكن أن تشكل مستقبلاً الخطر الأكبر على الصناعة البتروكيماوية السعودية»؛ كان من المتوقع أن تحذو دول أخرى حذو الهند والصين، فتعامل الجانب السعودي مع قضايا الإغراق لم يصل بعد إلى مستوى الكفاءة الضامنة لتحقيق النتائج الإيجابية. كفاءة التفاوض، والتأثير الإيجابي على الآخرين فن لم نصل له بعد، على الرغم من امتلاكنا أدواته المؤثرة. المملكة أكبر الدول المصدرة للنفط، والقادرة عملياً على التحكم في الأسواق العالمية، ما يجعلها أكثر قُدرة في التأثير على الآخرين. ولكن هناك فارق كبير بين القدرة على التأثير، واستغلال تلك القدرة، بأساليب قانونية منضبطة، لتحقيق مصالح الإستراتيجية الوطنية الشاملة. المملكة من أكبر الأسواق المفتوحة للعمالة الأجنبية، ومن أكثر دول العالم في التحويلات النقدية، وتحتل فيها العمالة الهندية المركز الثاني تقريباً، ما يجعلها أكثر المستفيدين من (بنك التحويلات العالمية السعودي) ومع ذلك تتجرأ الشركات الهندية على رفع قضايا إغراق على شركات سعودية لا تُمثل منتجاتها المباعة في السوق الهندية إلا نسبة محدودة جداً لا ترقى إلى التأثير التجاري، ولا يُعتد بها في قضايا الإغراق!. المملكة أيضاً أكبر الأسواق المفتوحة في المنطقة لعمليات الإغراق المنظمة التي تمارسها الشركات الصينية، وأكبر مستورد للمنتجات الصينية المقلدة، المسرطنة، والرديئة، وشريك إستراتيجي ثابت في بعض الشركات الصينية العالمية العاملة في قطاع التكرير والبتروكيماويات، ومع ذلك لا تتردد في رفع قضايا إغراق على الشركات البتروكيماوية السعودية.

تُرى أين الخلل؟. أسأل دون أن أجيب، وأترك الإجابة لأصحاب الشأن ممن يُفتَرض أن يكونوا أكثر حرصاً على المصالح الوطنية، واطلاعاً على الإستراتيجيات العالمية التي باتت تُطبق على أنفاس المجتمع ومكوناته المُختلفة. قضايا الإغراق والقضايا التجارية هي جزء من لوحة بشعة لم يُكشف إلا عن الجزء اليسير منها، ويبقى الجزء الأهم والأكثر إيلاماً في انتظار التوقيت المناسب.

القطاع الصناعي، وصناعة البتروكيماويات، على وجه الخصوص، في حاجة ماسة إلى الحماية والدعم من خلال الضغط السياسي، المالي والاقتصادي القائم على المصالح المتبادلة، إضافة إلى الفكر التجاري المنفتح، والرعاية التامة والتمثيل القوي والفعّال من وزارات الدولة، لقطاعاتنا الصناعية والتجارية، وعلى رأسها وزارة الصناعة والتجارة، المسؤولة عن كل ما قد يتعرض له قطاع البتروكيماويات مستقبلاً.

F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد